الجدار الصامت  / بقلم :  فداء الحديدي

موهبتي  منذ  طفولتي  كانت السبب  في  انهاء  فترة التدريب  قبل  تعيني  الرسمي في الصحيفة ، نت مجدا  مجتهدا ، كل  الشخصيا  كانت  تحت أمري  وأمر  قلمي ، أحركها  كيقما أشاء  ألاعبها  متى أريد .
الجميع  حولي  يمتظر  دوره ، ظهوره العلني  كان محكوما  بقلمي ،  كنت مجبورا  على انهاء  العمل  الموكول  لي  قبل أ  يحل  المساء ، كلما انتهيت  من  رسمة  هلقوها  حولي  وأتوا  بأخرى ، اصبحت الجدران مليئة بكاريكاتيرات قلمي .
في  صبيحة ذلك اليوم  جاء  أمر نقلي  من  مكاني  إلى قسم  لا أعرف عنه  شيئا  ولا يعرفني ، أحيك الملابس ، وأصلحها  يدويا  ، كان اللون  هو ذات اللون  في كل مرة ، أحيكه  ثم يأتوني  بمقاس  جديد  وأصلح  كيانه .
لم استطع  الاستفسار  او الرفض  ، كنت  مكسورا  ، كنت  بحاجة ماسة  للبقاء  على قيد الحياة ، سحبت  الأقلام مني  ، أبقوا  لي  قلما  أبيضا  فقط  لرسم  حدود  القميص  1و اللون الأزرق  ؟.
اصبحت  ماهر  في  الحياكة  ،  أخيط  وأصلح ، على المقاس  المناسب ،  الجميع  حولي ينتظر  دوره  كان  التاريخ  يعيد  نفسه  لكنه  بلون  ودور  جديد ، كلما انتهيت  من قميص  أوكلوا  لي  قميصا  أخر ، تفننت  في  دقة المقاسات  والحياكة ، تغير لون القلم  الأبيض  الى الأزرق .
اعادوا  لي  أوراقي  البيضاء  وأقلامي ، الجميع  ينتظر  دوره  حولي ،  رسمت  بدقة ،  حافظت  على المقاسات  صحيحة  ،  ملئت  جدران  زنزانتي  برسوماتهم  الجديدة ،  أطلق  سراحي ، تسلمت قلمي ، عدت لمهنتي ، بعدما أتقنوا  فن الإبداع  في دقة  مقاس   لباسهم  على صفحات  الصحيفة

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!