المغناج  بقلم: يـــوسف بـــولجراف ( المملكة المغربية )

أدبيات التحليل النفسي مرتبطة أساسا بالسرية المهنية و إحترام أخلاقيات المهنة ، علم النفس التحليلي هو من أهم العلوم الحديتة و التي احدتت ثورة في فهم الإنسان لنفسه و في علاقته بمحيطه و في محاولة تطوير الذات و تفاعلها إيجابيا مع كل مكونات الحياة، بدأ التحيل النفسي كمهنة من خلال دراسات البروفسور سيجموند فرود في فهم خبايا النفس البشرية و محاولة الوصول لتحليل كل المشاكل المتعلقة بها عن طريق تفكيك الأحلام ، و بالفعل توصل علم النفس إلى إكتشاف العديد من العقد داخل الإنسان سواء عن طريق التنويم المغناطيسي أو عن طريق التداعي الحر، لكن و على الرغم من كل آليات التحليل و الدراسات و البحوت التي توصل إليها علماء النفس التجريبيون إلى حدود اليوم في إكتشاف العديد من العلل النفسية و العقد المعيقة لتطور الإنسان يبقى المجال غامضا و العلم غير شاف ! لأنه أساسا يتعامل مع الإنسان بما فيه من مركبات نفسية ، حسية ، شعورية و فكرية ، تفوق نسبتها درجة تطور الذرات في علم الفيزياء الحيوية و لا يمكن البثة التحكم فيها . حيت يبقى داخل العقل هامش كبير غير مفهوم أو منطقة مجهولة داخل النفس ، و هي منطقة يصعب حتى على صاحبها التعرف عليها ، يلعب فيها الوعي و اللاوعي أدوارا مهمة مرتبطة بكل مجريات حياة الشخص أساسا ! فيبقى الفعل و رد الفعل دائما نسبي للغاية ، غير أن في التحليل النفسي شكلا إيجابيا هو معرفة الإنسان لذاته أولا، من هذا المنطلق نجح الكتير من خبراء التحليل النفسي في الوصول ولو جزئيا إلى حصر بعض مكامن الخطأ عند الإنسان ، من خلال إكتشاف نقاط ضعفه متلا ؛ ليبقى أيضا هذا المنطق نسبي للغاية و غير منطقي في تعاملنا مع عدة حالات إنسانية أو عدة ظواهر إجتماعية ، و كذلك في رصد السلوك الإنساني و تحديده و الجزم في تغييره بتغيير الفكرة المبدئية إذ لايمكن أن نقر في تغيير السلوك بتغييرالمبادئ و الأفكار متلا و العكس صحيح. قصة المغناج هي قصة خيالية بأبعاد سيكولوجية فوق عادية تصب في هذا الإتجاه . من ناحية الغور في الذات و سرد الاحدات ، و المغناج هي فتاة ساحرة و فاتنة،متال المرأة المتحررة ، بدأت متمردة فثائرة على كل أشكال القيود المجتمعية في ظل تقاليد متوارثة جعلت من المرأة وسيلة إرضاء للرجل و من توابعه و مرتبطة بقيود تجعل من المرأة كيانا ليس له وجود إلا في ظل الرجل ، فهي ترفض كل ما له علاقة بالرجل ، و كل مايجعل المرأة تخنع لرأي ترى فيه من منظورها الخاص يحد من حريتها فهي المرأة الحرة حاملة مشعل الدفاع عن كل النساء ، و لو لم يخولنها ذلك ، فهي ترى في كل أشكال عمل المرأة داخل بيت والدها أولا و داخل بيت زوجها تانيا عبودية مادامت تحت كنف سيطرة رجل ، و تظن من هذا المنطلق أن كل الأمهات اللواتي كبرونا و رعونا هن ضحايا موروت إجتماعي هو متجاوز اليوم يجب التحرر منه ، و هن فاقدات لإرادتهن مادمن تحت كنف أزواجهن ، ترى في كل إمراة خاضعة لهذا القانون فهي فاقدة لنفسها ، و غير واعية ، أو جاهلة حتى ! و ربما هذا ماجعل الرجل يسيطر أكتر و يحتقرها و يستصغرها و لا تشرف المرأة الحرة المدافعة عن حقوقها داخل منزلها ! هي ترفض بكل المقاييس أن تكون تحت كفالة رجل أو زوج تنتظر منه مصروف البيت أو يغدق عليها بدريهمات لتذهب إلى الحمام كل أسبوع ! تحمل مشعل لا للرجل تحت غطاء المرأة الأقوى! و تكره النساء القابعات ، و هي تدافع من منظورها اليبيرالي عن كل شكل من أشكال التعسف الرجالي على المرأة ولو كان مفعما حبا و مشاعر أو إرتباط عاطفي من متال: ناوليني ذاك الطبق يا إبنتي أو يا زوجتي !! إنهض له !! هي اليوم أشد بأسا على الرجل من أي جهة كانت، تحتقره ، عدوها اللذوذ و حتى المدافعين معها من جهتها فهم وسيلة فقط ! و لا تعتبرهم رجالا بالمفهوم المتعارف عليه أو هم متل الاخرين مع وقف التنفيذ و بالنسبة لها فهم رجال توابع فكرها التحرري ، تسيرهم كما تشاء ، هذا هو الرجل بالنسبة لها ! و هذا ما يجب أن يكون ! و في تحديها له ، رجل سقط ، وآخر هزمته و ويل لكل رجل يتحداها، فهي تحب هذا النوع من الرجال ، الذي يظهر لها رجلا قويآ مسيطرا ، و أن النساء عنده ناقصات عقل أو فقط ؛ كل الرجال سفهاء ، أغبياء و أصحاب مصالحهم (.. ) ، هذا منطقها فهي لا ترضى غير البطولة في عالم ذكوري محض تمقثه ، كل من جاء في طريقها أو كل من خولت له نفسه و كبريائه أن يقول عن نفسه أنه رجل سيسقط أمامها كطفل صغير يبكي كما لو نزعت منه لعبته ، كان لحسنها و جمالها فتنة تعمي بصيرة أي رجل ، ساحرة لدرجة إكتسبت مهارات الغوص في مكنونات الرجال ! و كأنها تدخل في أعماق أعماقهم ، تأخذ منهم ماتريد ، ليسقطوا واحدا تلو الآخر ، فاقدي كل ما له صلة برجولتهم ، كانت بارعة ، ذكية و محيرة تستبق أي فكرة ذكية رجولية، تعرف الرجل فيما يفكر من خلال نظراته إليها ! كانت تصل إلى كل ما تريد من أي رجل كان خصوصا من كان يحسب أنه سيصل إلى كل مايريده منها ! كانت بهذا كأنها تنتقم لكل الكائنات الضعيفة متلها ، إنها قوية ليس فقط بجاذبيثها و سحرها بل بمهارتها الدخول الغوص و الإنتقال إلى أي نفس رجالية أرادت ، و تحط نفسها موضعها، إكتسبت هذه الطريقة السحرية عن طريق تقنيات التنويم المغناطيسي أولا تم تطورت إلى ما أشبه حديت و لغة العين من خلال التمعن في الشخص قليلا لتبدأ تقنيات سرد كل ما بداخله من صور و احدات عبر ماضيه و بطريقة خارقة ،هذه القدرة مكنتها من السيطرة على كل الرجال الدين صادفتهم في طريقها ، أكترهم بكوا كالأطفال أمامها ، ضعفاء و كلهم عشقوها و هاموا في حبها لدرجة الجنون و هي في حبهم غير مهتمة ، جبارة لا ترحم أحدا منهم ، لأنها لم تأمن حبهم فهم كلهم سواسية أمامها ، بلداء باعوا أنفسهم ل الهوى ، و تنكروا لأجمل الأشياء عندهم ، أهملوا أسرهم ، و خانوا زوجاتهم فهم لا يستحقون الرحمة ولا الشفقة !. لكن ما يحدت ل الإنسان هو قدر كالموت أو الحياة سيان، نصادف أحيانا مايغير مجريات الاحدات ، و ما يقلب النفس و رؤيتها رأسا على عقب ، فتكون سبب تغيير جدري داخلها ، هذا ماحدت لفتاتنا المغناج حين كانت يوما و هي داهبة إلى التوقيع على إصدار كتابها الجديد عن المرأة العصرية خارج إطار المشروعية ، إنتبهت لشخص يشير لها بشيء في يده ، و يسرع نحوها مدها إياه وهو يبتسم دون أن ينظر إليها ، سيدتي هل لك أن توقعي لي على هذا الكتاب !؟، فمن محاسن الصدف وجدت الكتاب و الكاتب !أعني الكاتبة أنتي..أنا من هواة جمع الكتب بإمضاءات كتابها ، في ذلك عندي أكتر من ٢٠ كتابا موقعا من صاحبه ! و هي توقع له على الكتاب ، سقطت منه صورة له كانت بين أوراقه صورة قديمة و هو في التانوية كانت داخله ! بدأ مبتسما لها وهو يقول أتدرين أن أغلبية المتحررات لهن عالم خاص بهن ، لايشبه هذا العالم ، يظنون أنهن خلقن في غير وقتهن ، و منهن من يصبحن ملتزمات في بيوتهن ، و ما يصدر لهن من أفكار فهي تتنافى مع حياتهن الشخصية ، كتيرات وجدن فعلا في موضع أوجب تلك الكتابه كتفريغ لمكبوتات داخلية عانين منها ، وهي فقط عقد سيكولوجية !! تم يبتسم لها أنا امزاحك فقط ! و إبتسامته لا تنتهي أتمها بجملة أعتقد أن اليوم لن نلوم الفتاة على عدم زواجها و هي تقرأ لنوال السعداوي أو نقول وراء خيبة أمل كل رجل أحب إمرأة لم يكتب له الإرتباط بها أحلام مستغانمي هيهيهيهي و كل فتاة تائهة فهي تابعة لفكر“ ندير لي بغيت مشغلكش فيا „، على أي حال كل شاة كتعلق من كراعها ! كيف تجرأ يا هذا !!!….جملة لم تستطع نطقها ، بدأت تمعن فيه النظر ، و تذكرت جملته الاخيرة كانت قد سمعتها في وقت ليس قريب ، نعم وهي في التانوية ، و تلك الصورة هي صورته في مكان تعرفه .. لم تستطع قول أي شيء لأول مرة ترى و تسمع ، و لا ترد أوقف تفكيرها ، بل بعتر أوراقها ، شتت كل كلماتها في صمت أردف قائلا : أنت تائهة ! نعم إنه هو ذلك الشخص الذي كان يثير فضولها ، كان لغزا يحيرها ، كان يشبهها عكسا، وجهه لم يختلف كتيرا عما كان عليه قبل سنين ! وهو يقول لها تغيرتي كتيرا ! ماذا ! أصبحت أكتر جمالا لقد تذكرت أنه هو من كانت كلما رأته في ساحة التانوية يجذبها هدوئه ، و طريقة كلامه كانت دائما تريد الحديت معه ، هاهو الآن يبادرها الحديت و ليس مكترتا لنجاحها ، بل يهمه فقط بصمة لكتابها ، لا! لاتستطيع الدخول في عقله ، لم تقدر كما تقوم في كل مرة مع أي رجل كان ، أفكارها مشتته ، و وجوده أمامها خلخل كيانها تشعر بشيء أمامه لم تعهد هذا الضعف من قبل أمام رجل ، إنها ضعيفة فعلا أمامه ! كيف يحدت هذا !؟ لم تفهم ، فقط قالت له و ماذا تفعل اليوم ؟ لاشيء يذكر ! لازلت في الحياة فقط ! و لم أجد بعد أحلاما تقبل أحلامي لم تكمل الكلام معه .حاولت بنظراتها الساحرة أن تحدثه مابداخلها تود أن يأتي ليرى مكتبها الجديد في شركتها التانية ، فهم ماقالت بنظراتها .. سأقبل أن أحتسي معك كأس شاي متى أردتي ! إبتسمت و أعطته موعدا في مكتبها. لكنها تبقى في حيرة لم تستطع أن تكتشف مايجول خاطره ، إنه أقوى منها ! أو ربما لانجذابها إليه بشكل عفوي أقوى حتى من إرادتها، لكنه كان صريحا، غريب الأطوارهذا لا يكذب ، و ساحرا متلها ، إنه مختلف ، يشبهها ربما أو مر من نفس مشاكلها . المهم! عندما ياتي مكتبي سأعرف كل شيء ! سأفك لغزه وسيبقى غير مختلف عن الاخرين ..

 

و قبل موعدهما ذاك المساء ، كانت جد متوترة و عصبية مزاجها سيئ مع الكل ، ألغت جميع مواعيدها ، أصبحت تنتظره بفارغ الصبر و سرحت كل موظفيها ساعتين قبل اللقاء , تم رن الهاتف و فتحت له الباب و دخل مكتبها ! تشتغلين لوحدك هنا ! يبتسم لا فقط كانوا هنا و خرجوا قبل أن تأتي إذن عرفوني سآتي فخرجوا ! لا لا ليس هكذا ، ماذا تشرب !؟ إبتسم لها ، فزادت ارتباكا ، إنه فعلا قوي ، يهدها ، بل يسحرها وهي الساحرة أنا جئت فقط لاختصر عليك الطريق !! تمالكت نفسها ! و حدقت فيه كما تفعل تم لم تستطع أن ترى أي شيء ، قالت له لماذا ترفض أن أعرفك ، أكتشف عالمك !؟ لأني أيضا مكتشف عوالم متلك تماما ! و أنت أيضا سترفضين ، ولا تريديني أن أدخل عالمك ! أنتي أكتر ضعف مما ظننته و لن أمدك عقلي دون إرادتي ، و أكتر أخاف عليك معرفة عالمي ، خصوصا و أني…. لم يكمل كلامه ، فقالت مكملة جملته : تحبني !(ضحكت بصوت قهقهة، لكن هي فعلا لا تتمالك نفسها ) ها! أنتي بدأت تدخلين أفكاري دون إرادتي ! حسنا ما دمت مصممة على ذلك فأنا لن أمنعك لأني لا أحب أن تدخلي نفسي في غفلة مني !و إذن مرغم سأقبل بإرادتي لكن شرط أن يكون ولوج أفكارنا معا و الآن ، تمنحيني نفسك و أمنحك نفسي لدقائق ! …لم يكمل كلامه حتى كان بداخلها ، و في لحظة وجد نفسه داخلها بأفكارها ، جوارحها ، حياتها ، بدأت تتراءى له صورتها و هي مراهقة ، بدأ يستعرض حياتها فوجدها في اسرة مفككة تعيش إختلافات، طلاق والديها أثر فيها وهي في سن التانية عشر ، فعاشت مع جدتها المترفة و بين مطرقة أبيها و سندان أمها ، فقدت الحنان خرجت الشارع مبكرة ، ليس كمتشردة بل كباحتة عن السعادة ، كانت أيضا فتاة مدللة لكن فاقدة لإحساس كانت تحتاجه في تلك السن المبكرة من اسرتها ، مع زوجة أبيها لم تكن سوى غريبة ، أما زوج أمها كانت تتفادى نظراته إليها و أمها أهملتها في زوجها ، لم تجد سوى في بيت جدتها مكانا لتهرب من كل آلامها و تفعل ما تشاء تم لاتزال فتاتا يافعا حتى تعرفت على كل أشكال المجتمع المظلم ، مراهقتها لم تمر سهلة ، لكن كانت في كل اكتشافاتها الجديدة تحصد الرجل و تضعه في خانة المتهم الاساس في وضعيتها ، ها هو الآن يراها رغم نجاحها الجامعي ، تصدم في من كانت تعتقد أنه سيكون رجل يحميها من طيشها ، و يدافع عنها ، غير أنه خانها ، و تزوج إحدى أعز صديقاتها بدل عنها ، كان يحبها كما يقول بشكل مختلف ! كأنه يعتبرها بفكرها غير صالحة أن تكون زوجة بأفكارها الجريئة . صدمة ، فصدمة فتكمد جراحها و تزيد قوة و إصرار ، و حقد و إنتقام ، في كل مغامرتها ضحيه و زوج أمها كان أول ضحاياها لتسقطه في شر أعماله بعد أن كرهت تلك النظرات منه إليها و ذاك التعنيف لأمها ! ، هي مصرة على الوصول ، كان من جملة أهدافها حب السيطرة على الرجال كل الرجال ، دائما نزعتها التمردية على كل أشكال القيود المجتمعية المحددة ل السلوك جعلت منها إنسانة لا تهزم ! هاهو الآن يصل إلى مغامراتها الانتقامية من كل الرجال ، الكل سقط و بكى ، وصل الآن إلى الحفلة التي تعرفت فيها على ذلك الضابط الكبير بعد أن أحبها كالمجنون أفشى لها كل أسرار مهنته فكان منها أن أبلغت عنه مسؤوليه الذي حوله على التحقيق ، لتأخذ منصبا مهما في سلك المخابرات ،تم إنتحر بعد ذلك ، بعد أن علم أنها وصلت إلى مبتغاها ، و أصبحت من الكبار . في هذه اللحظة أوقف المتابعة لم يحتمل أن يرى أكتر فإلتفت إليها حتى يعيد لها نفسها ! فوجدها ملقاة على الأرض جتتا هامدة ! يا إلهي ! لايمكن ، إقترب منها أكتر . لا إنها لازالت حية ! فبدأ يصرخ توقفي عن المتابعة أرجوكي عودي إلي الان ، أنا هنا ! تم ضمها بقوة إليه ، ستموت لو بقيت هكذا تسرد حياته ! بدء يصرخ في وجهها كفي عن هذا ! لا زالت في ذاته ولا زالت ترى حياته… تم بدء يهمس لها في أذنها ، أنا معكي هنا يا عزيزتي ، أنا هنا لم أمت ! مرت أكتر من خمس دقائق و لازالت اطرافها باردة يجب أن تعودي إلى الحياة أنا أحبك تم بدء يستشعر قلبها يعود إلى الخفقان من جديد و تنهيدة كبيرة أدخلت معها أكبر شحنة أكسجين تحتاجها ، كرضيعة ترى الدنيا لأول مرة فترى أول وجه جميل أمامها ، يحبها ، لاتسعه الفرحة لوجودها فصرخت بصوت خافت و بكت و هي تقول له ، لا تتركني !!

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!