رقم ايداع2 / بقلك : رانيا بخارى

 

 

دلفت منى الى فناء دار الايتام   برفقة كامل  وهما يحملان تلك البذرة التى نبتت  خارج الاطار فكان هو هذه الثمرة المحرمة  التى لايعترف بوجوده   فى المجتمع لذا   اصبح التخلص منه  هو الحل لتصحيح  استقامة الحياة  وفى الدار  منحت  مسؤلة الدار استمارة  لمنى وكامل

جاءت صيغة الاستمارة كالاتى

العمر

لون العيون

لون الشعر

لون البشرة

النوع

الديانة

فصيلة الدم

الوزن

حمل الملف الذى بموجبه طويت صفحة ماضى منى وكامل  الرقم 769  تم ختم الملف ووضع فى الدرج مع الالالف الملفات  وادخل الطفل دار الايتام

عادت منى  ادراجها الى اسرتها بعد ان تخففت من تلك العثرة التى ظنت  بفعلها ذاك انها  رمت الحمل خلف ظهرها  وبعد ايام  تم عقد قران منى   وانتقلت للعيش فى منزل كامل  دون اى ضجيج  وعند باب المنزل قبرت منى ذكرى ذلك اليوم المشؤوم  الذى حرمها من فرحة العمر  كغيرها من البنات اما كامل كغيره من الرجال يشارك فى الجريمة  ويجرم المراة

ارادت منى ان تفتح صفحة جديدة وتتصالح  فيها مع كامل  والحاضر  الا ان كامل كان يكيل لها بنظراته كل حقارة الدنيا  من مذلة  وشتيمة  فكانت  خادمة نهارا وليلا جسد يفرغ به  حاجته  شاءت ام رفضت

سارت حياة منى على هذا المنوال  فاماكان لديها خيار  اخر  فتلك الوصمة ماثلة امام عيناها كسحابة سوداء تحجب شمس حياتها التى افلت عندما   راودها شيطان  مديرها كامل  فى المصلحة التى تعمل بها  الذى  اوهممها بالحب    الذى على شرفته تحطمت  سفينة احلامها  وباتت خارج  سرب البنات  وبقى شى واحد   فقط هو موارت وستر الفضيحة قبل ان يفوح عطرها النتن

بعد ليلة طويلة كطول ليل الشتاء  اخيرا جاء الصباح يتسلل عبر نوافذ الملل  خرج كامل الى عمله  وغادرت منى فراشها البارد  الموشى بدماء ليلة الماضى    غسلت  عيناها التى تذق طعم النوم ليلة البارحة  وقفت امام المراة  نظرت الى وجهها الشاحب  وجسدها الهزيل   وبينما هى امام المراة  اطلقت صرخة  كانت حبيسة صدرها  اختلطت صراخها مع صراخ صرخة ميلاد ابن الخطيئة  وبكت  طويلا حتى بح صوتها    الان هى  حسب الشرع  والعرف امراة متزوجة ولكن هل تلك الورقة  خلصتها من اثمها الخاص  لم يبقى منها الاتلك الندبة   دالة على خروج كائن  حى منها منحها الامومة    التى ضحت بها خوفا من المجتمع وليس من الله الغفور

كان هذا حال منى تعيش بين اربعة جدران لا تتجرا ان تغادر سجنها  لاتملك الثقة لتخطى عتبة الباب تتجاذبها الوسواس بان الجميع يعرف حكايتها  يزرنها جاراتها   من وقت الى اخر   وهى تبادلهم الزيارة فى اضيق الحدود  خاصة بعد زيارة احدى الجارات   لها  فى ذلك اليوم  فى اول اسبوع لها فى   منزلها وبينما هى جالسة مع الجارة  ابتل صدر منى  باللبن فالاحظت الجارة ذلك البلل   على ملابس منى  ولكنه لم تسالها  واكتفت بنظرة الخباثة  ماحدث  جعل منى  تنزوى فى منزلها   خوفا من افتضاح امرها

كامل لاجديد فى معاملته  معها  يقضى نهاره فى عمله  وليلا مع اصدقائه  البيت ماهو الا لكوندة  للنوم

كل  صباح تفرغ منى ثديها من اللبن  الذى يصر على الامتلاء  وكانه يريد لها ان لا تنسى   فعلتهاه   كامل  ينام كل ليلة كالثور وتظل هى مستيقظة غارقة فى التفكير  الى   ان تاخذها    غفلة النوم

مضى على زواج منى خمسة اشهر  وهى من اسوا الى اسوا   حتى اصبحت كالهيكل العظمى   غارات عيناها   وغذا الشيب مفرق شعرها   مرضت ولزمت سرير المرض  اياما وعندما ساءت حالتها  اخذها كامل الى الطبيب  وجاءت نتجة الفحص تخبرهم بانها حامل  هل ستفرح منى  لم تفرح منى  بالرغم من انه حمل فى النور  الفرحة عندها منقوصة  وكذلك كامل   تلقى الخبر ببرود   انقضت التسعة اشهر  ومنى وهن على وهن  رزقت ببنت  بددت     صمت   حياتها ورغم وجود نور الا ان منى ترى النقص فى كل شى  حولها  الروح فارقت جسدها الخاطى  عندما خانت  نفسها كل ماتفعله هو عد سنوات عمرها  كل ليلة تحلم به الى ان تحول الحلم الى كابوس  يومى يوقظ صراخها  كامل كل ليلة

وعندما ياتى الصباح تفكر فى طريقة ما لمعرفة اى شى عنه  لتملى ذلك الفراغ الذى اوجده تخليها عنه  ولكن كيف ذلك يامنى

ما تهجس به منى فى   صدرها على   صوتها به علنا  وعقدت العزم  على اخبار كامل  فى تلك الليلة  ظلت منى نتظر كامل  وكالعادة جاء متاخر يترنح  وتبعته الى الغرفة

منى ياكامل اريد ان اتحدث معك

كامل نعم

منى خير ان شاء الله

كامل انا من عرفتك ما شفت خير اتكلمى خلصينى عايز اتخمد

منى  عايز اجيب ولدنا من الدار

كامل  دايرة تفضحى نفسك يا مفضوحة بعد سترتك ودفنت عمرى مع مرة زيك ما تليق بى  لعن الله ذلك اليوم الذى عرفتك فيه اخرجى برة الغرفة  وخلينى انام  ولو تكلمتى تانى فى الموضوع دا حايكون اخر يوم ليك فى البيت دا

خرجت منى تجرجر اذ يال الخيبة   منى لاتملك بيدها شى غير الصمت  تزاحمت الاسئلة براسها  اين تذهب لو نفذ تهديدها  فقد انقطعت صلة منى باسرتها  منذو تلك  الليلة  التى تزوجت فيها كامل سترا للعيب فلولا ماحدث ماكان ليرضى اهلها  به

كان ذلك يكفى لاخراس صوتها  صمتت حتى تعيش فى ظل  كامل الخادع لتربى ابنتها

الدنيا كالقطار  الذى انحرف من قضبانه  يدوس على كل شى يعترض طريقه   ام قطار منى يقف فى محطة واحدة لايتخطاها الى اخرى  الدنيا موت وميلاد  فما يدل على  حياة ذلك الجسد  تلك الولادة المتكررة  والمتتابعة  التى بلغت خمسة بنات  الاان الولادة الاخيرة  وضعت  حدا لذلك  السيل  فقد ازيل رحم منى  بعد تعرضها الى نزيف حاد كاد ان يؤدى بحياتها

هل ماحدث هو تطهير لما حدث بالامس  ام هو انعتاق ذلك الجسد  من كره ما يلاقه من ذلك الذى دنث طهرها من قبل اخبر الطبيب منى بما حدث  لم يكون هنالك فرق عندها لطالما كرهت  انها انثى

لاول مرة  ترق صخرة قلب كامل على منى  وترى منى نظرة شفقة تكحل  عينيها التى طالما كالت لها الاحتقار

جلس  بالقرب منه كاسد شاخ وقال لها كنت اسال الله ان يغفر لنا طيش الشباب ويرزقنا  بولد

منى  مازال الوقت امامك لتصيحيح ما قمنا به  دعنا نسترد  ابننا  لعل ذلك الجرح النازف يندمل

كامل كيف ذلك يامنى  ماذا سنقول للبنات  وماذا سنقول له  والناس يامنى

بعد اسبوع غادرت منى المستشفى  وبدات تستعيد صحتها فبعد حديث كامل شعرت ببعض الراحة والامان النفسى   اتصل كامل هاتفيا بمنى

الو السلام عليكم انا فى طريقى الى المنزل  جهزى لى شنطة ملابسى لدى مامورية

منى انشاء الله تسافر بالسلامة

بعد مضى ساعة وصل الى البيت   منى الى اين المامورية الى  حلايب لترسيم الحدود بيننا ودولة مصر  عند الباب وهو يهم ان يغادر احاطتها بناته لوداعه

هذه اول مرة يسافر فيها كامل بعيدا عنهم  وقبل ان يغلق باب المنزل  التفت الى منى وقائلا له عندما اعود باذن الله لدى مفاجاة لكى

منى استحلفك الله اخبرنى لاصبر لى على الانتظار

كامل لا يامنى لن اخبرك عند مااعود باذن الله

منى انشاء الله تعود بالسلامة

بعد اسبوع من سفر كامل  حلمت بحلم مزعج   بالرغم من معاملة كامل الفظة الاان منى تفتقده  وظل حلمها يسيطر عليها طول اليوم  وينقبض صدرها كلما فكرت فى حلمها بسقوط باب منزلها  تملكها الخوف وبدا يوسوس لها  قلبه بالف شى  واخيرا تذكرت كتاب بن سيرين لتفسير الاحلام الذى راته عند جارتها فاطمة

احضرت تربيزة صعدت عليها ونادت على جارتها فاطمة

يافاطمة كيف قيلتى

فاطمة الحمد الله نحمد الله كويسين

منى ناولينى كتابك بتاع تفسير الاحلام عندى حلم قابض صدرى

فاطمة قولى بسم الله ان شاء الله خير  دقيقة اجيبوليك

ناولت فاطمة  الكتاب لمنى

حملت منى الكتاب وجلست على السرير  وبدات تتصفح فيه وقبل ان تصل الى الفصل الذى يتعلق بالابواب والنوافذ  فجاة وقفت عند الفصل الذى يتعلق بالحيوانات واصواتها  سرحت تسترجع حلما حلمت به  منذو وقت طويل ولكنها وقته لم تجد له تفسير ولم تكترث به  ذلك الحلم اعاده الى عشرين عاما من عمرها   شهقت منى عندما قرات نفسير رؤية البغل فى المنام  قالت منى هل لوكنت عرفت تفسير رؤية البغل  منذو عشرين عاما  هل كنت  نجوت من المكتوب فى لوحى   الله اعلم

قطع حديثها الى نفسها طرقا شديد على الباب  قامت مسرعة حتى سقط الكتاب منه فتحت الباب  وجدت عدد من الرجال يخبرونها بموت كامل  تزلزلت الارض من تحت اقدامها  وغابت  فى تفكير عميق  ما العمل  مالحل انا وحدى مع بناتى الخمسة  دون رجل معنا  اهلى قاطعونى  وكذلك اهل كامل  ياترى ماتلك المفاجاة التى اخبرنى بها كامل يوم سفره

انفض صيوان العزاء وعاد الكابوس من جديد  يلازمها كل ليلة   مستعيد ماحدث من قبل عشرين عاما

عند الصباح  تفكر فى بناتها  وقائلة لنفسها الان انا واخواته فى حوجة اليه  واستمرت ايام تفكر  فى ذلك الموضوع  الى ان اتخذت قرار البحث عنه

انتظرت حتى خلدت بناتها الى النوم تسللت الى داخل القرفة  ومن ثم فتحت دولاب الملابس ازاحت رتل من الملابس المرصوصة دست يدها تحت الملابس واخرجت مفتاح صغير  وجاءة بصنوق خشبى  ادخلت المفتاح لتفتحه ولكن الكالون اصابه الصدى من بعد طول انتظار  ذهبت الى المطبخ وعادت بفنجان به زيت وضعته على الكالون ماهى الاثوانى وادارات المفتاح من جديد فاانفتح السر  اخرجت  ورقة مصفرة  مكتوب عليها عنوان الدار ورقم ايداع الطفل باليوم والساعة والشهر والسنة

ترقررقت الدموع فى  عينها  يقول التاريخ انه الان بعمر الواحدوعشرون ربيعا  فى الصباح استجمعت كل ماتملك من قوة  وانطلقت تحمل بين يديها الناحلتين ورقة رقم الايداع  تقصد مكان الدار التي  جاءتها منذو وقت طويل  لاتملك سوى تلك الورقة ام الملامح  غادرت ذاكراتها  التى ارهقها عب ذلك الذنب

ووطئت قدماها فناء الدار احاط به الالالف الاطفال  من سحنات مختلفة

انكمشت فى ركن قصى  تسترق النظر الى الاطفال  من بعيد

تعطلت كل لغة عندها وتلجم لسانها مالذى حدث لها هل كانت تظن انها كانت خاتمة الخطيئة وان الحياة استقامت وهم يا منى   فكل يوم يلفظ البشر ضعفهم   يعدون انتاج مااقترفتى   وهاهى ذا الذكرى تترى امامها  وكان ذلك اليوم المشؤم يعود الان بكل تفاصيلها  تحدرت دمعتان على خدها الذى هرما قبل اوانه

هاهو ذا نفس الباب الذى دخلت منه لتخبى وهم الحب  وطيش الشباب الذى ولى ومازال مثقلا بحمل الماضى فالماضى لايموت تتوارثه الالسن

قصدت احدى المكاتب  مستفسرة عن شى فات عليه زمان ليس بالقصير  اعطتهم ورقتها الصفراء  بعد بحث فى  ملفات وارقام لساعات بطول اليوم اخيرا تم الحصول على الملف الذى يحمل رقم الايداع  769  لطفل اطلق عليه اسم محمد  ذلك الاسم اطلقته  تلك السيدة الطاعنة فى العمر ليكون هو هوية معلومة واكثر انسانية من رقم ايداع حسابى مجرد من الانسانية

منحت العنوان  ولكن ماذا فاعلة بالعنوان  هل ستذهب الى العنوان  ماذا ستقول للسيدة التى كانت اكثر رحمة منها  وماذا ستقول له  تلك الاسئلة تزاحمت على لسانها

اسندت ظهرها على حائط الدار  الان يامنى ماذا انت فاعلة  هل سيتحقق حلم رؤية البغل واستعيدى اثمى  دونك يا كامل  وها انت ذا من جديد تمارس هروبك من جرمنا  الله اعلم يا    منى  .

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!