دلفت منى الى فناء دار الايتام برفقة كامل وهما يحملان تلك البذرة التى نبتت خارج الاطار فكان هو هذه الثمرة المحرمة التى لايعترف بوجوده فى المجتمع لذا اصبح التخلص منه هو الحل لتصحيح استقامة الحياة وفى الدار منحت مسؤلة الدار استمارة لمنى وكامل
جاءت صيغة الاستمارة كالاتى
العمر
لون العيون
لون الشعر
لون البشرة
النوع
الديانة
فصيلة الدم
الوزن
حمل الملف الذى بموجبه طويت صفحة ماضى منى وكامل الرقم 769 تم ختم الملف ووضع فى الدرج مع الالالف الملفات وادخل الطفل دار الايتام
عادت منى ادراجها الى اسرتها بعد ان تخففت من تلك العثرة التى ظنت بفعلها ذاك انها رمت الحمل خلف ظهرها وبعد ايام تم عقد قران منى وانتقلت للعيش فى منزل كامل دون اى ضجيج وعند باب المنزل قبرت منى ذكرى ذلك اليوم المشؤوم الذى حرمها من فرحة العمر كغيرها من البنات اما كامل كغيره من الرجال يشارك فى الجريمة ويجرم المراة
ارادت منى ان تفتح صفحة جديدة وتتصالح فيها مع كامل والحاضر الا ان كامل كان يكيل لها بنظراته كل حقارة الدنيا من مذلة وشتيمة فكانت خادمة نهارا وليلا جسد يفرغ به حاجته شاءت ام رفضت
سارت حياة منى على هذا المنوال فاماكان لديها خيار اخر فتلك الوصمة ماثلة امام عيناها كسحابة سوداء تحجب شمس حياتها التى افلت عندما راودها شيطان مديرها كامل فى المصلحة التى تعمل بها الذى اوهممها بالحب الذى على شرفته تحطمت سفينة احلامها وباتت خارج سرب البنات وبقى شى واحد فقط هو موارت وستر الفضيحة قبل ان يفوح عطرها النتن
بعد ليلة طويلة كطول ليل الشتاء اخيرا جاء الصباح يتسلل عبر نوافذ الملل خرج كامل الى عمله وغادرت منى فراشها البارد الموشى بدماء ليلة الماضى غسلت عيناها التى تذق طعم النوم ليلة البارحة وقفت امام المراة نظرت الى وجهها الشاحب وجسدها الهزيل وبينما هى امام المراة اطلقت صرخة كانت حبيسة صدرها اختلطت صراخها مع صراخ صرخة ميلاد ابن الخطيئة وبكت طويلا حتى بح صوتها الان هى حسب الشرع والعرف امراة متزوجة ولكن هل تلك الورقة خلصتها من اثمها الخاص لم يبقى منها الاتلك الندبة دالة على خروج كائن حى منها منحها الامومة التى ضحت بها خوفا من المجتمع وليس من الله الغفور
كان هذا حال منى تعيش بين اربعة جدران لا تتجرا ان تغادر سجنها لاتملك الثقة لتخطى عتبة الباب تتجاذبها الوسواس بان الجميع يعرف حكايتها يزرنها جاراتها من وقت الى اخر وهى تبادلهم الزيارة فى اضيق الحدود خاصة بعد زيارة احدى الجارات لها فى ذلك اليوم فى اول اسبوع لها فى منزلها وبينما هى جالسة مع الجارة ابتل صدر منى باللبن فالاحظت الجارة ذلك البلل على ملابس منى ولكنه لم تسالها واكتفت بنظرة الخباثة ماحدث جعل منى تنزوى فى منزلها خوفا من افتضاح امرها
كامل لاجديد فى معاملته معها يقضى نهاره فى عمله وليلا مع اصدقائه البيت ماهو الا لكوندة للنوم
كل صباح تفرغ منى ثديها من اللبن الذى يصر على الامتلاء وكانه يريد لها ان لا تنسى فعلتهاه كامل ينام كل ليلة كالثور وتظل هى مستيقظة غارقة فى التفكير الى ان تاخذها غفلة النوم
مضى على زواج منى خمسة اشهر وهى من اسوا الى اسوا حتى اصبحت كالهيكل العظمى غارات عيناها وغذا الشيب مفرق شعرها مرضت ولزمت سرير المرض اياما وعندما ساءت حالتها اخذها كامل الى الطبيب وجاءت نتجة الفحص تخبرهم بانها حامل هل ستفرح منى لم تفرح منى بالرغم من انه حمل فى النور الفرحة عندها منقوصة وكذلك كامل تلقى الخبر ببرود انقضت التسعة اشهر ومنى وهن على وهن رزقت ببنت بددت صمت حياتها ورغم وجود نور الا ان منى ترى النقص فى كل شى حولها الروح فارقت جسدها الخاطى عندما خانت نفسها كل ماتفعله هو عد سنوات عمرها كل ليلة تحلم به الى ان تحول الحلم الى كابوس يومى يوقظ صراخها كامل كل ليلة
وعندما ياتى الصباح تفكر فى طريقة ما لمعرفة اى شى عنه لتملى ذلك الفراغ الذى اوجده تخليها عنه ولكن كيف ذلك يامنى
ما تهجس به منى فى صدرها على صوتها به علنا وعقدت العزم على اخبار كامل فى تلك الليلة ظلت منى نتظر كامل وكالعادة جاء متاخر يترنح وتبعته الى الغرفة
منى ياكامل اريد ان اتحدث معك
كامل نعم
منى خير ان شاء الله
كامل انا من عرفتك ما شفت خير اتكلمى خلصينى عايز اتخمد
منى عايز اجيب ولدنا من الدار
كامل دايرة تفضحى نفسك يا مفضوحة بعد سترتك ودفنت عمرى مع مرة زيك ما تليق بى لعن الله ذلك اليوم الذى عرفتك فيه اخرجى برة الغرفة وخلينى انام ولو تكلمتى تانى فى الموضوع دا حايكون اخر يوم ليك فى البيت دا
خرجت منى تجرجر اذ يال الخيبة منى لاتملك بيدها شى غير الصمت تزاحمت الاسئلة براسها اين تذهب لو نفذ تهديدها فقد انقطعت صلة منى باسرتها منذو تلك الليلة التى تزوجت فيها كامل سترا للعيب فلولا ماحدث ماكان ليرضى اهلها به
كان ذلك يكفى لاخراس صوتها صمتت حتى تعيش فى ظل كامل الخادع لتربى ابنتها
الدنيا كالقطار الذى انحرف من قضبانه يدوس على كل شى يعترض طريقه ام قطار منى يقف فى محطة واحدة لايتخطاها الى اخرى الدنيا موت وميلاد فما يدل على حياة ذلك الجسد تلك الولادة المتكررة والمتتابعة التى بلغت خمسة بنات الاان الولادة الاخيرة وضعت حدا لذلك السيل فقد ازيل رحم منى بعد تعرضها الى نزيف حاد كاد ان يؤدى بحياتها
هل ماحدث هو تطهير لما حدث بالامس ام هو انعتاق ذلك الجسد من كره ما يلاقه من ذلك الذى دنث طهرها من قبل اخبر الطبيب منى بما حدث لم يكون هنالك فرق عندها لطالما كرهت انها انثى
لاول مرة ترق صخرة قلب كامل على منى وترى منى نظرة شفقة تكحل عينيها التى طالما كالت لها الاحتقار
جلس بالقرب منه كاسد شاخ وقال لها كنت اسال الله ان يغفر لنا طيش الشباب ويرزقنا بولد
منى مازال الوقت امامك لتصيحيح ما قمنا به دعنا نسترد ابننا لعل ذلك الجرح النازف يندمل
كامل كيف ذلك يامنى ماذا سنقول للبنات وماذا سنقول له والناس يامنى
بعد اسبوع غادرت منى المستشفى وبدات تستعيد صحتها فبعد حديث كامل شعرت ببعض الراحة والامان النفسى اتصل كامل هاتفيا بمنى
الو السلام عليكم انا فى طريقى الى المنزل جهزى لى شنطة ملابسى لدى مامورية
منى انشاء الله تسافر بالسلامة
بعد مضى ساعة وصل الى البيت منى الى اين المامورية الى حلايب لترسيم الحدود بيننا ودولة مصر عند الباب وهو يهم ان يغادر احاطتها بناته لوداعه
هذه اول مرة يسافر فيها كامل بعيدا عنهم وقبل ان يغلق باب المنزل التفت الى منى وقائلا له عندما اعود باذن الله لدى مفاجاة لكى
منى استحلفك الله اخبرنى لاصبر لى على الانتظار
كامل لا يامنى لن اخبرك عند مااعود باذن الله
منى انشاء الله تعود بالسلامة
بعد اسبوع من سفر كامل حلمت بحلم مزعج بالرغم من معاملة كامل الفظة الاان منى تفتقده وظل حلمها يسيطر عليها طول اليوم وينقبض صدرها كلما فكرت فى حلمها بسقوط باب منزلها تملكها الخوف وبدا يوسوس لها قلبه بالف شى واخيرا تذكرت كتاب بن سيرين لتفسير الاحلام الذى راته عند جارتها فاطمة
احضرت تربيزة صعدت عليها ونادت على جارتها فاطمة
يافاطمة كيف قيلتى
فاطمة الحمد الله نحمد الله كويسين
منى ناولينى كتابك بتاع تفسير الاحلام عندى حلم قابض صدرى
فاطمة قولى بسم الله ان شاء الله خير دقيقة اجيبوليك
ناولت فاطمة الكتاب لمنى
حملت منى الكتاب وجلست على السرير وبدات تتصفح فيه وقبل ان تصل الى الفصل الذى يتعلق بالابواب والنوافذ فجاة وقفت عند الفصل الذى يتعلق بالحيوانات واصواتها سرحت تسترجع حلما حلمت به منذو وقت طويل ولكنها وقته لم تجد له تفسير ولم تكترث به ذلك الحلم اعاده الى عشرين عاما من عمرها شهقت منى عندما قرات نفسير رؤية البغل فى المنام قالت منى هل لوكنت عرفت تفسير رؤية البغل منذو عشرين عاما هل كنت نجوت من المكتوب فى لوحى الله اعلم
قطع حديثها الى نفسها طرقا شديد على الباب قامت مسرعة حتى سقط الكتاب منه فتحت الباب وجدت عدد من الرجال يخبرونها بموت كامل تزلزلت الارض من تحت اقدامها وغابت فى تفكير عميق ما العمل مالحل انا وحدى مع بناتى الخمسة دون رجل معنا اهلى قاطعونى وكذلك اهل كامل ياترى ماتلك المفاجاة التى اخبرنى بها كامل يوم سفره
انفض صيوان العزاء وعاد الكابوس من جديد يلازمها كل ليلة مستعيد ماحدث من قبل عشرين عاما
عند الصباح تفكر فى بناتها وقائلة لنفسها الان انا واخواته فى حوجة اليه واستمرت ايام تفكر فى ذلك الموضوع الى ان اتخذت قرار البحث عنه
انتظرت حتى خلدت بناتها الى النوم تسللت الى داخل القرفة ومن ثم فتحت دولاب الملابس ازاحت رتل من الملابس المرصوصة دست يدها تحت الملابس واخرجت مفتاح صغير وجاءة بصنوق خشبى ادخلت المفتاح لتفتحه ولكن الكالون اصابه الصدى من بعد طول انتظار ذهبت الى المطبخ وعادت بفنجان به زيت وضعته على الكالون ماهى الاثوانى وادارات المفتاح من جديد فاانفتح السر اخرجت ورقة مصفرة مكتوب عليها عنوان الدار ورقم ايداع الطفل باليوم والساعة والشهر والسنة
ترقررقت الدموع فى عينها يقول التاريخ انه الان بعمر الواحدوعشرون ربيعا فى الصباح استجمعت كل ماتملك من قوة وانطلقت تحمل بين يديها الناحلتين ورقة رقم الايداع تقصد مكان الدار التي جاءتها منذو وقت طويل لاتملك سوى تلك الورقة ام الملامح غادرت ذاكراتها التى ارهقها عب ذلك الذنب
ووطئت قدماها فناء الدار احاط به الالالف الاطفال من سحنات مختلفة
انكمشت فى ركن قصى تسترق النظر الى الاطفال من بعيد
تعطلت كل لغة عندها وتلجم لسانها مالذى حدث لها هل كانت تظن انها كانت خاتمة الخطيئة وان الحياة استقامت وهم يا منى فكل يوم يلفظ البشر ضعفهم يعدون انتاج مااقترفتى وهاهى ذا الذكرى تترى امامها وكان ذلك اليوم المشؤم يعود الان بكل تفاصيلها تحدرت دمعتان على خدها الذى هرما قبل اوانه
هاهو ذا نفس الباب الذى دخلت منه لتخبى وهم الحب وطيش الشباب الذى ولى ومازال مثقلا بحمل الماضى فالماضى لايموت تتوارثه الالسن
قصدت احدى المكاتب مستفسرة عن شى فات عليه زمان ليس بالقصير اعطتهم ورقتها الصفراء بعد بحث فى ملفات وارقام لساعات بطول اليوم اخيرا تم الحصول على الملف الذى يحمل رقم الايداع 769 لطفل اطلق عليه اسم محمد ذلك الاسم اطلقته تلك السيدة الطاعنة فى العمر ليكون هو هوية معلومة واكثر انسانية من رقم ايداع حسابى مجرد من الانسانية
منحت العنوان ولكن ماذا فاعلة بالعنوان هل ستذهب الى العنوان ماذا ستقول للسيدة التى كانت اكثر رحمة منها وماذا ستقول له تلك الاسئلة تزاحمت على لسانها
اسندت ظهرها على حائط الدار الان يامنى ماذا انت فاعلة هل سيتحقق حلم رؤية البغل واستعيدى اثمى دونك يا كامل وها انت ذا من جديد تمارس هروبك من جرمنا الله اعلم يا منى .