مدن الضباب / بقلم:سامر المسالمة (درعاالبلدالمقدسة)

وكعادتها تغدر بمن أحبها
حيث تمارس عادتها التاريخية بالغياب وراء تلال بلدتنا .
تتركنا دون ضياء وترحل نحو حجرتها البعيدة
لم يكن الغياب بذاته هو المشكلة
لكن المخيف في الأمر حقيقةً
أن هذا الغياب سيتحول بعد لحظات قليلة فقط
إلى إعلان قيامة مصغرة .
فهناك على الطرف الثاني من العالم الآخر لبلدتنا
مخلوقات لاتشبهنا ,, مخلوقات تتهيأ لتزفر في وجوهنا مخزونها الذي يكاد لاينتهي من الرصّاص الحي .

الساعة الحادية عشر ليلاً
مدفع روسي إشتهى الزعيق

وهذا يعني بداية رفع الستار عن مشهد جديد من فصول المسرحية
مسرحية تأبى إلا أن تستعين بأطفالنا وخوفنا والدموع،، لتحقق شروط النجاح،، لإمتاع المشاهدين على شاشات التلفزة والتلفونات النقالة .

تخرج القذيفة مسرعةً
تُثير جلبةً حال إرتطامها بجدارِ بيتنا أو بأحد نوافذ حارتنا الحزينة
وقد ترتطم بجمجمة أحد المارة صدفةً ,, أنت لاتدري .

ففي الظلمة قد يحدث كل شيء,, أو لاشيء .

القذيفة ترسل إشارات القدوم
الكل يتهيأ لإحتضانها .

قد يجبر الإنسان أحياناً على إحتضان مالايحب مرغماً.

تقترب أكثر فأكثر
تفض عذرية السكون دون خجل
إنها قذيفة مارقة
لاتلتزم بالآداب العامة
أقول في نفسي ذلك

لقد أَمِنَتْ العقاب فأساءت إلينا
فهي تمارس هوايتها كل ليلة بتواطؤ مع الأمن الجنائي المكلف بالقبض عليها .

هل قلت أنا بتواطؤ مع الأمم المتحدة
لاأعتقد ذلك .
لا بل مع الأمن الجنائي .
نعم

وهنا يأتي السؤال .
كيف يحدث ذلك .؟؟

يحدث عندما يصدر القرار من فرع أعلى سلطة من الأمن الجنائي في بلدي .
وهل هناك سلطة تحمي القذيفة المتفلتة من العقاب .!

نعم ولم لا .؟
عندما يكون القرار سياسياً ياصديقي .
وقد يحمي هذا القرار السياسي نظام عالمي قطر بعين واحدة .

ترسم شبه قوس في قبة السماء
وينتهي القوس لحظة ملامسة رأس مسكين من رؤس الشعب .

الخبر على الشكل التالي :
مقتل سيدة في درعا البلد مع أطفالها الثلاث نتيجة قصف مدفع شنه جيشنا العظيم ضد الشعب .

عادةً ماتنتهي شهوة المدافع الروسية الصنع بمثل هذه الفاجعة .

إن عقوبة كل من يفتح فمه في وطني خارج عيادة الأسنان هو الموت .!
لقد تجرأ الشعب ذات يوم على مطالبة الإله الحاكم بتوفير الخبز والصابون للرعية .

فكان الرد
بإرسال برقية من قبل “الإله” لمديرية الإمداد والتموين العامة في الجيش ،، بتخصيص قذيفة مدفعية لكل فردٍ من أفراد الشعب
رغم أن أثمانها أغلى مماطلبناه.

لقد كان الإله ولم يزل ,, سخياً علينا جداً بالأُعْطيات .

وماتزال تلك المدافع تزعق متى تشاء
وكل يوم ستجد بقايا عظام تناثرت وأشلاء تساقطت.
فتلك تندرج تحت الإبداع الفني
وطقس هام جداً من طقوس المسرحية العالمية لضمان تنفيذ السيناريو بدقة
ذلك السيناريو الذي إختار أرضنا ليقيم عليه العرض كل ليلة .

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!