من قتل محمد مشّه ؟/ بقلم : محمد عارف مشّه

لم يكن يعلم محمد مشّه بما سيحدث له هذا المساء . وبأنه سيواجه اليوم نهارا مختلفا له طعم النعناع ومرارة العلقم .
اختلف الرواة والمحدثون في قصة محمد مشّه ما بين مؤيد ومعارض . وما بين مصذق ومكذب . والطرف الثالث كان ينكر وجود محمد مشّه أصلا ويعتقدون بأنه شخصية لا وجود لها إلا في عقول البسطاء من العامّة .
مسحت جدتي دمعتها بطرف غطاء رأسها ومسحت أنفها . كرّت بسبحتها وتشهّدت ثم قالت : بعينيّ اللتين سيأكلهما الدود بأمر من الرب المعبود بأن جدتي أخبرتني بأنها شاهدت محمد عارف مشّه وقصّت النسوة جدائلهن حزنا عندما علمن بما حدث لمحمد وهو يعمل في حقله .
غمز أبي بعينه شاكّا بما ترويه جدتي عن جدتها معتقدا بأن جدتي قد كبرت إلى الحد الذي بدأت تنسى فيه تفاصيل الأحداث . لكن عيني جدتي أكدت على صحة ماترويه عن جدتها وبأن محمد مشّه شخصية ليست خرافيّة .
احتشد الرجال ذات ليل ليستمعوا إلى ما ترويه جدتي عن جدتها . لكن أبي طلب منهم فضّ الحشد زاعما بأن جدتي مريضة وتحتاج إلى الراحة ولا يمكنها مواصلة الحديث لفترة طويلة . لم يقتنع الرجال بحجة ابي وتعذّره لكنهم غادروا المكان على امل العودة في ليلة أخرى .
جلس أبي حزينا متفكرا والدمع يترقرق في عينيه فسألته امي عن سبب بكائه فأجهش أبي بالبكاء وكادت حسرته ان تخنقه ولم ينم في تلك الليلة . ظلّت أمي مستيقظة تواسيه وتمسح الدمع في عينيه حتى بدأ الفجر يتنفس والشمس تتململ في نومها فأيقن أبي موعد اقتراب رحيله بصمت ولن يخبر احدا .
أغتسل ابي بطهارة عيني امي . توضأ وصلى الفجر . احضرت له امي قهوته وصرّة طعامه . رفعت يدها إلى السماء وراحت تدعو الله أن يحفظ لنا ابي ويعينه على تربيتنا ثم همست بكلماتها ومعوذاتها .
خرج ابي مثقل الخطوات . متعب القلب . نظر لأمي طويلا . تفقدنا جميعنا . قبّلنا في نومنا ثم اغمض عينيه وخرج . ذعرت امي وعرفت المعنى الحقيقي لإغماضة عيني ابي فبكت ورجته ان لا يخرج فأبى .
سار أبي والشوق في عينيه املا وفي قلبه رجاء . لم يكن خائفا ولم يتسلل الذعر إلى قلبه . شدّ حزامه غلى وسطه . امتطى ظهر حصانه ومضى به الحصان مسرعا نحو الجبل . صعد أبي والحصان الجبل . لم يتعب الحصان . لم يتعب ابي . فرح الجبل حين عانق ابي محمد مشّه وجلسا معا يخططان ضد سارقي ورد الحقل …………..

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!