هَوامِشُ مُحْتَرِقَةٌ/بقلم:محمد بلال

سَيِّئَةٌ، تَراها لَيلاً دامِسًا ولا مَصابيحَ لكَ لِشَقِّ عَباءَتهِ المُظلمةِ، إنَّها الحَربُ المُمِيتَةُ.
كانتْ مثلَ زلزالٍ لم يُنَبِّه سُكّانَ الأرضِ، أَو بُركانًا هاجَ شوقهُ فأحرقَ الزرعَ حولَه، أَو قل نارٌ بلا دُخانٍ؛ فاجأَتْ الجميع إلّا من أَشعَلَها.
دارتْ كالرّحى تَطحنُ كُلَّ حبّاتِ الأَمَلِ فِينا وَتحَوَّلنا إِلى غُبارٍ لنلتَصِق ذِكرياتٍ على جُدرانِ البُيُوتِ.
نحنُ اللَّذينِ نَحيا عَلَى هامش كُلِّ شيءٍ؛ أُحْرقتْ هَوامِشَنا.
وقُطِعَتْ أَشجار التبَلدِي وضرَبَتْ مِياهُنا فِي الأَرضِ سَيلاً يَسعَى، ولم تَنطَفِئ نِيرانُ الحَربِ.
وكُلَّما أَطلَقنا حَماماتِ السَلامِ؛ نالَتْ مِنها بَنادِق الهَمَجِ مبَشِّرِينَ أَن لا سَلامَ حَتَّى نَحرِقَ الجَمِيعَ، وَنَسُوا الوَطَنَ.
سَهْواً اِنجرَفنا خَلف تَيّارِ الحُرُوباتِ، حَتَّى تَعالتْ أَصْواتُ الرَصاصِ وَهَرَبَ صَوتُ الأَرض مِن النافذَةِ، نافِذَة الوطن.
الأَرضُ تَبكِي بِحُرْقَةٍ عَلَى شَكلِ أَمْطارٍ، السَماءُ تُمْطِرُ حَرباً، أَنا وَالنِيلُ راوَدَتنا فِكرَةُ الهَرَبِ ذاتَ لَيْلَةٍ وَاِتَّفَقنا عَلَى أَنَّ الوَطَنَ لا يُهجر، حَتَّى وَإِنْ لملمنا فُتاتَ البُيُوتِ مِنْ فُوَّهَةِ المِطْحَنَةِ، أَوْ اِسْتَلقَينا عَلَى صَدرِهِ رُفاتٍ.

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!