الروائي السوري محمد فتحي المقداد. يحاور لآفاق حرةالقاص نجيب كيَّالي(سوريا)

 آفاق حرة

 وجها لوجه تشابكت النظرات بتركيز.. تأملتُ تقاسيمَ وجهه المليئة بالحكايا والقصص، ياااه.. صمته ينبئ بخبايا ما يريد قوله. عَلَمٌ من أعلام أدب القصة القصيرة في الوطن العربي، الأديب “نجيب كيَّالي” الأديب السوريّ المقيم في فرنسا. منجزاته الأدبية تحكي سيرته الواثقة الرّاسخة في عوالم الأدب. كتبَ قصصه للكبار والأطفال. ونال العديد من الجوائز العربية المعتبرة.

فهو من مواليد: سوريا- إدلب 1953، يحمل شهادة جامعية في الأدب العربي من جامعة حلب1980 (الاسم الكامل: محمد نجيب كيَّالي بن حسن، لكنه ينشر أعماله باسمه المُختَصر: نجيب كيَّالي). عضو اتحاد الكتَّاب العرب في سوريا منذ العام 1996

قصص للكبار:

1- ميِّت لا يموت- قصص قصيرة جداً عن وزارة الثقافة في سورية 1996

2-  لساني أَكَلهُ القط- قصص قصيرة ساخرة/دمشق 2001

3- قُبلة بالشماسي- قصص قصيرة جداً عن اتحاد الكتَّاب العرب 2010

4- خيوط ملوَّنة- كتاب منوَّعات نشر بحلب 2011

5- بين زرقتين- قصص قصيرة جداً- تركيا 2018

6- الحكايات المخبَّأة في الأصابع- قصص قصيرة- الأردن 2019

7- لا أعصي لكَ حزناً- قصص قصيرة- تركيا 2020

8- بينَهُ وبين ثوبها الأزرق- قصص قصيرة- اسطنبول 2021

9- للنهوض بقصة الطفل العربي- دراسة نقديَّة- منشور رقمياً في موقع دائرة الثقافة بالشارقة 2021

10- ديرُ القصائد- قصص قصيرة- اسطنبول 2021

11- نغمةٌ من وتر الأسرار- قصص قصيرة- تركيا 2021

قصص للصغار:

1- الطبل المثقوب- قصص للأطفال- دمشق بالتعاون مع اتحاد الكتَّاب العرب 1992

2- أميرة السكَّر- قصص للأطفال- اتحاد الكتَّاب العرب 2003

3- طفل ونافورة- قصائد للأطفال- جائزة ميرا بنت هزاع- الإمارات 2006

4- العيد والأرجوحة– قصص للأطفال- جائزة الطيِّب صالح- السودان 2016

5- طفل يلهو- قصائد للأطفال- ضمن مجموعة مشتركة، عنوانها: مرايا الشِّعر واللون- جائزة عبد الحميد شومان- الأردن 2016

6- قمرٌ فوقَ دفتري- قصائد للأطفال- جائزة مصطفى عزُّوز- تونس 2021

وله أكثر من عشرين  كتاباً آخرَ جاهزاً للطباعة.

* حاصل على عدد من الجوائز العربية في مجال أدب الأطفال:

1- جائزة الشيخة ميرا بنت هزاع- الإمارات- 2006- كتاب: (طفل ونافورة)- قصائد- المركز الثاني.

2- جائزة الطيِّب صالح- السودان- الدورة السادسة- 2016- كتاب: (العيد والأرجوحة)- قصص- المركز الثاني.

3- جائزة عبد الحميد شومان-  الأردن- 2016- كتاب: (طفل يلهو)- قصائد- المركز الأول.

4- جائزة ناجي نعمان- لبنان- 2019- كتاب: (شجرة رسمتها العصافير)- قصص.

5- جائزة مصطفى عزُّوز- تونس- 2021- كتاب: (قمرٌ فوق دفتري)- قصائد

6- جائزة الطيِّب صالح- السودان- الدورة 12- 2022- كتاب: (ضحكة الأميرة)- قصص- المركز الثاني.

 ** تداخلات الحياة بانعكاساتها الكثيرة المثيرة على نفس الكاتب، تخلق لديه حالةً من القلق. ما رأيك: أن تخبرنا بكوامن هذه الهموم واختلاطاتها في نفس الكاتب، عند ولادة فكرة والمخاض العسير كي ترى النور؟

– الكاتب ابن القلق، وصديقُه، وحبيبُه. إنه كائنٌ متوتر في معظم الوقت كوتر العود أو الكمان، معبَّأ بعذاباته الداخلية، ومحبته وأوجاعه، جاهز للإطلاق كبندقية محشوة بالبارود، وقد وصفتُ القلق بأنه صديق للكاتب وحبيبه، لأن القلق يُوَلِّد حالةً من عدم الرضى عن الواقع، ويزلزل العوالمَ الكسولة المستقرة التي لا تنتج غيرَ النعاس. أمَّا الهموم فهي- والحمد لله- كغيوم الشتاء الداكنة من كل حدب وصوب، حتى مع من فنجان قهوتك الصباحي يطلع لك هَمٌّ إذا كنتَ سورياً، فأنت تشرب قهوتك من دون سكَّر غالباً لعدم توفره، وقد يكون فنجانك الأخير بعد انتهاء البن من علبتك، وخارج الإطار السوري نجد المناخ العربي متلبداً بأجواء الانقسام السياسي، والطائفية، والتبعية للخواجات في الخارج، وعدم وجود خريطة للعمل لتجاوز الحال الراهن المُحبِط، كذلك على المستوى العالمي، نجد شلالاً من الصراعات بين الدول الكبيرة على اقتسام خيرات الكوكب، وحروباً تنفجر كالبراكين بصورة مفاجئة كالحرب الأوكرانية، والجميع يضع يده على الزر النووي! أي.. أنَّ بقاءنا بات على حدود الفناء! هذه الأحوال غير السارة على المستويات كافة تصنع خميرةَ الرفض والغضب في نفس الكاتب، وتُولِّد في بطنه الإبداعي أجنَّةَ الكلمات. تلك الولادة قد تكون عسيرةً عند بعض الكتَّاب بحيث يضطرون إلى عملية قيصرية. أما عندي فالولادة سهلة كما يقفز أرنب بارتياح، وكما تطلع زهرةٌ من حضن الربيع.

 ** المدرسة الواقعيّة البحتة هل تخلق نصوصا قصصية ناضجة، أم لا بد من مزاوجة ومزج مع ألوان أخرى؟

-للواقعية المحضة زمنها، وقد أفل- كما أرى- ذلك الزمن، كأفول الأسلوب النسخي في الرسم بعد ظهور الكاميرا. إنَّ كلمة: فن تحتم علينا عندما نجلس أمام شاشة اللابتوب للكتابة

 أن نخلق حالةً تفاعلية بيننا، وبين الهاجس الذي نبغي الكتابة فيه، وهذا التفاعل يتحقق عَبْرَ كيمياء الإبداع حيث يقوم معمل الكتابة الموجود في نفس الأديب بتحويل المواد الأولية التي استوردها من الواقع إلى سلع إبداعية جديدة عليها بصماتُ روحه وعقله ورؤاه، وأنا- شخصياً- أميل غالباً إلى مزج الواقع بالخيال، لأن الحدود بينهما كادت تزول في حياتنا من ناحية حيث نردد دائماً: أننا نحيا في زمن العجائب، ولأن الخيال- من ناحية أخرى- يفتح خلايا الأسئلة والدهشة، والانتظار، وهكذا.. مع النصوص المبتَكرة المتألقة يشعر القُرَّاء كأنَّ الواقع- بالنسبة إليهم- بات كبلد سمعوا عنه، لكنهم يعاينونه الآن لأول مرة، ويرتشفون مرئياتِه بكل حواسهم!

** لا شكّ أن فن كتابة القصة بحاجة إلى مهارة وخبرة، للخروج بنص معتبر. “نجيب كيَّالي”  الخبير القصصي المُعتّق، ما هي رؤيتك لهذه الجزئية في كتابة النص القصصي القصير؟

– نعم، إنه بحاجة إلى مهارة وخبرة، وليستا من النوع العادي، وإنما من السوية العالية. وإذا كانت النجارة والحدادة وطلاء الجدران- وهي مهن مألوفة- تلزمها الخبرة والمهارة، فكيف بالفن القصصي، وهو مهنةُ روح وعواطف فائقة الخصوصية! كثرةُ كتابة القصص دون ثقافة ودون موهبة حقيقية ثرية لا تعني أن القاص صار خبيراً ماهراً، فقد يتوفر هذان العنصران عند شاب صغير موهوب مجتهد أكثرَ مما تتوفران لديه. النص القصصي هو نفسُه يشهد لك على كاتبه خبيرٌ وماهرٌ هو أم لا؟ ونحن- عموماً- نقرأ لنرى حياةً أخرى تشبه حياتَنا، فنقارن، ونتأمل ونتعلم شيئاً.

وعلى القاص دوماً أن يكون ساحراً لقارئه بطريقة ما، يأخذ بيد ذلك القارئ ليريه في المألوف ماليس مألوفاً.. ليريه امرأةً أجملَ من المرأة التي عرفها.. ليذيقه حزناً ذا طعم حِرِّيف مختلف عن طعم أحزانه.. ليعزف له على ربابة الكلمات أنشودةَ حنين لم يسبق لأذنيه أن سمعتا بها، لذلك يصفون الإبداع بأنه خَلْق، وحين يكون كذلك يشعر القارئ كأنه يكتشف دنياه من جديد، وأنَّ حُلَّة بهيَّة خفيَّة كست كلَّ الموجودات والكائنات، شعوره عندئذ يشبه ذلك الشعور الذي يداهمنا عندما نجالس امرأةً جميلة، مع حضورها الأنثوي تخلع الأشياءُ رتابتَها، وترتدي سِحراً خاصاً، حتى علبةُ الكبريت، والقدَّاحة، ونفاضة السجائر!

** “نجيب كيَّالي” و”حسيب كيَّالي” عَلَمان سوريّان من أعلام الأدب، هل لك أن تضيء للقارئ شيئًا عن أعلام القصة القصيرة في سوريا؟

– لاشك أنَّ فن القصة في سوريا اكتسب عراقةً وتميزاً خلال القرن العشرين ومطلع القرن الواحد والعشرين، ورفوف المكتبات المليئة بمجموعات القصصية جيدة وجيدة جداً شاهد على ما أقول، طبعاً.. هناك رداءة وحالات متوسطة لدى بعض الأسماء، وقد تنوعت المدارس الأدبية بين الرومانسية، والواقعية، والفانتازيا، والغرائبية، ثم الواقعية السحرية أو شيء قريب منها، وعندنا في مدينة إدلب الواقعة في الشمال السوري نمت مدرسةٌ للقص الظريف الشعبي الساخر، وضع لبناتِها الكاتب الكبير: حسيب كيَّالي، ثم تابعته أقلامٌ أخرى مضيفةً طعوماً جديدة أخرى إلى تجربته الفريدة الثرية. في النمو القصصي الذي أشرتُ إليه شاركت معظمُ المحافظات السورية كالرقة، وحلب، ودرعا، وحمص، ودمشق، والسويداء، والحسكة فكان كتَّابُ كل منطقة يرسمون خطوطاً من بيئتهم، وخصوصيات حياتهم، حتى إننا يمكن أن نستقي تاريخاً أو ما يشبه التاريخ لمواصفات العيش، والأوجاع، والفلكلور، والأوضاع السياسية من صفحات كُتبهم. عن الأسماء لا أحب أن أدخل هذه المحنة حتى لا أُتهم بالانحياز لأحد أو كراهية أحد، لكني- على سبيل المثال- كنتُ أحب إبراهيم صمويل، ووليد معماري، ونور الدين الهاشمي، وقد وجدتُ أن بعض الأسماء قدَّمتَ شيئاً مقبولاً أو جيداً، حصدت معه شهرةً ومجداً أكثرَ مما تستحق لظروف خاصة كزكريا تامر مثلاً الذي ترأس تحرير بعض المجلات السورية أو كان بين أسرة تحريرها، مقابل الشهرة الفضفاضة، حُرمت أسماء أخرى من مجد تستحقه، فلم تنل إلا جزءاً ضئيلاً محدوداً منه، في مدينتنا الإدلبية مثلاً القاص تاج الدين الموسى أقلُّ شهرةً من تامر، لكنه ربما يفوقه أهميةً بكثير. بعد الحرب ونكبتها في بلدنا ظهرت أسماء شبان وشابات عبؤوا أقلامهم وأقلامهن بالصدق، فقدَّموا قصصاً بعضها ناضج، وبعضها الآخر مطبوخ على نار حامية عاجلة، فجاءت خليطاً من الإخبار العادي والقص الفني مع جرعة من النظرات الشخصية المشوَّشة.

 ** “نجيب كيَّالي” كتب القصة القصيرة للكبار والصغار. كيف استطعتَ تجسير الهُوّة بين جيلين مختلفين؟

– ببساطة.. أجيبُ على هذا السؤال الذي يبدو شائكاً بأنَّ لي قلباً قادراً على معايشة ما يكتب، فعندما أخطُّ شيئاً للكبار يقذفني عفريتُ الكتابة في عوالمهم، فأتنفس هواءَهم، ويدقُّ صدري مع دقات صدورهم، وعندما أخطُّ شيئاً للصغار يقذفني عفريتُ الكتابة المذكور في دنياهم، وطراوتها ونزقها الجميل، وفي العموم.. أشعر أنَّ ذلك الطفل القديم الذي كنتُهُ ذاتَ يوم مازال يتجوَّل في أعماقي، ويمارس لهوه، وأحلامه، ومشاغباته.

** اختلاف معايير كتابة القصة القصيرة بالذات. عندما تكتب نصًا للكبار، وتاليًا تأتي إلى رحاب الصغار. يبدو لي أنهما على طرفي نقيض. ألا يحصل لديك إرباك  تعسُّر باختيار الفكرة والكلمات والألفاظ والدلالات؛ لتستطيع إيصال رسالتك بيسر وسهولة؟

– في الحقيقة.. إنَّ من ينجحون في الكتابة لجيلين معاً هم قلة، فالأدواتُ مختلفة كما تفضلتَ في سؤالك الكريم، ولأضربْ مثالاً أو أمثلة، فالنص الموجه للصغار ينبغي أن يكون خفيفاً من حيث الحجم كرشفة الماء الواحدة بينما نصوص الكبار تحتمل الإطالة والدسم، ومن حيث اللغة نصوص الأطفال تستلزم الجملة القصيرة الوجيزة، بينما لا يُشترَط ذلك في قصص الكبار، وثمة محاذير تربوية كثيرة يجب الابتعاد عنها في أي سطر نكتبه للطفل صديقِنا الطري الصغير، ولا يوجد ما يماثل ذلك عندما نخاطب الجيل الكبير، ولأوضح موقفي أكثرَ من هذا الحالة أقول بأنني أشبه الممثل الذي ينجح في تقمص أدوار عديدة، بينما ممثل آخر لا يؤدي إلا أدواراً متشابهة لضعف مقدرته على التقمص والمعايشة، وأحبُّ أن أذكر هنا بأن أدب الأطفال نفعني في كتاباتي الموجهة للقارئ الكبير حيث أضفى عليها ظلاً من البراءة، والبساطة، وسرعة الوصول إلى القلب.

 **برأيك أستاذنا: في الوقت الحاضر. هل استطاعت الكتابة القصصية للأطفال مجاراةَ واقع الانتشار الواسع في ظل وسائل التواصل والسوشيال ميديا؟

** طبعاً.. لم تستطع، ولن تستطيع، لأن الدعم المقدَّم للطرفين شديد التفاوت، فوسائل التواصل وراءَها ميزانيات هائلة بعشرات المليارات، بينما قصص الأطفال ليس وراءَها إلا جهود فردية، ونوايا مخلصة حسنة، ورغبات صادقة في خدمة عقل الطفل وروحه، والعمل على حمايتهما من التلوث أو العمل على تخفيف ذلك التلوث قدرَ المستطاع، لكننا لا يجوز أن نتصوَّر أن الجانبين دوماً على طرفي نقيض، فوسائلُ التواصل صار فيها متسع لمواقع عديدة تخص أدب الطفل، وصار بوسعه أن يقرأ قصته المفضلة من خلالها، أو يسمعها بصوت كاتبها نفسه، ثم يعلِّق عليها، كما أن وسائل التواصل والفضائيات لجأ بعضها إلى قصص الأطفال، فحوَّلها إلى أعمال مصوَّرة مرئية. عموماً.. لكل جانب حضاري جديد إيجابياته وسلبياته، وعلى الكاتب المستنير أن لا يتقوقع على ذاته ليشتُمَ المستجداتِ الحضارية، بل عليه أن يستعمل صنَّارة ذكائه ليستفيد منها.

 **ما بين الكتابة الرسالية الهادفة للمحافظة على القيم الدينية والأخلاقية والاجتماعية، وما بين الكتابات الإيروتيكيّة بمحاكاة الغرائز ودغدغة العواطف، واتخذ البعض منها سبيلاً للشهرة والفوز بالجوائز. أين يقف نجيب كيَّالي من هذين المسارين؟

-أنا عدو الابتذال في الأدب والحياة أيضاً. إن الأدب بالنسبة لي بحثٌ عن النقاء الضائع، ومدينةِ المحبة المطمورة في الرمل، إنني أكتب محاولاً أن أعيد للغيمة بياضَها، ولحنجرة البلبل تغريداتِها بعد أن شوَّهت الدنيا بياضَ الغيوم، وتغريدَ البلابل، لكنَّ هذا لا يعني أن ألبس جبَّة الواعظ أو أفتح في قصصي متجراً لبيع كبسولات القيم. إنني أُطلقُ للنص العنان، وهو بالأحداث وما وراءها يومئ إلى قضايا كثيرة، ويلمح إلى جنات وظلال وواحات. أما الأدب الإيروتيكي فهو نوع من الكتابة لا أتحمس لها، ويكفي- كما أعتقد- أن نستعمل الإشارة والإيماءة والتكنية، فذلك أبهى فنياً قبل أن يكون التزاماً أخلاقياً.

 ** “نجيب كيَّالي” ابن سوريا، ما هي انعكاسات الثورة والحرب والاختلاطات خلال عقد من الحياة على كتاباتك القصصية؟

– ماجرى في سوريا زلزلَ حتى الترابَ والحجر وسراديبَ الجن، فكيف لايتأثر القاص بذلك، وهو الملصقُ أذنَهُ بنبضات قلب الدهر؟! لقد تأثرتْ نصوصي كثيراً، فكتبتُ قصصاً تسبح في المأساة نفسها، وقصصاً أخرى تتناول جانباً من تفرعاتها التي كثرت كذيول الشياطين! وفي كل ماكتبتُه لم أقف بجانب هذا الفريق أو ذاك، لكنني وقفتُ بانحياز وسأبقى هناك مع ضفة الشعب المسكين الذي دفع ومازال يدفع أبهظ الأثمان، ويحترقُ بأقسى النيران! حتى نصوصي للأطفال دخلها موضوع الحرب بقوة، فآذانُ الصغار سمعت أصواتَ المدافع، ورأوا آباءَهم وأمهاتِهم يُقتَلون، ويُقتَلْنَ، وهم أيضاً وصل الرصاص إلى صدورهم الطرية، وهم أيضاً يقاسون الآن من ويلات الجوع، والتشرد، والحرمان من التعليم، وكثيراً ماتراهم العين يتسلقون حاويات الزبالة!

 ** حصول نصوصك ومجموعاتك على العديد من الجوائز العربية خاصة في مجال قصص الأطفال، ما الذي أضافته هذه الجوائز لك ككاتب وأديب؟

– الجوائز تمنح الأديب جرعةً إضافية من الثقة بالنفس، وقد تلفتُ الأنظار إلى أهميته، وقد تؤذيه- إذا كان صغيرَ العقل- فتنمِّي لديه النرجسية والشعور بالعظَمَة، لكنها عندي مجرد تجربة أو مغامرة أتجه نحوها، وغالباً لا أكتب من أجلها شيئاً خاصاً أو أتفرغ لملاحقة إعلاناتها في الصفحات، وإنما أختار لها شيئاً مناسباً مما عندي، وهو في الأصل ليس مفصَّلاً على قياسها. ومن الناحية المادية تسدُّ الجوائز قدراً من احتياج جيب الكاتب الفارغ غالباً، لكنَّ الكتابة الحقيقية أكبر من أي جائزة مادية، وجائزتها العظمى هي اعتراف القارئ بها، وجعلُها عطراً في خاطره، ونوتةً من نوتات سعادته.

            

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!