الشاعرة ليلاس زرزور تحاور السوري محمد الدمشقي

آفاق حرة

الشاعر السوري محمد الدمشقي .. من مدينة دمشق …من أسرة مثقفة فيها اب و ام يعملان في التدريس.
بدأ كاتبا للخواطر و النثر ثم الشعر بكل ألوانه أشرف على قسم الخاطرة في عدة منتديات أدبية عربية مثل أكاديمية الفينيق و منابر الشعر العربي و قناديل الفكر و الأدب.
ثم أسس ملتقى حديث الياسمين الشعري و أشرف على ثمانية أجزاء من دواوينه المشتركة
لدي ستة دواوين شعرية و هي
_ أريج الدمع
_ لا ضوء الا بسمتك
_ قبل ان اتعلم النسيان
_ لحن الاياب
_ كؤوس وجد
_ ألحان فجر

نشرت له العديد من المجلات الورقية والإلكترونية
نال الكثير من شهادات التقدير

كان لنا معه هذا الحوار القيم الماتع …

1_ متى اكتشفت موهبتك الشعرية ؟ وهل كان للظروف التي عشتها دورها في ظهور هذه الموهبة ومن كان له الفضل في اكتشاف موهبتك الشعرية ؟
الموهبة تولد معنا منذ اول دمعة … لكنها تظهر فجأة … و الحقيقة انني اكتشفت شاعريتي الحقيقية متأخرا في الثلاثينات من عمري و لكن كنت سابقا احب الشعر منذ طفولتي و بصراحة كنت انبهر عندما اقرأ الشعر الموزون خاصة و أقول في نفسي ليتني استطيع أن أكتب مثل هذا … و كان ديوان أبي القاسم الشابي صديق مراهقتي و شبابي حتى أنه اهترأ بسبب كثرة قراءتي له … كذلك كوني دمشقيا ترعرع في حارات دمشق القديمة فنزار قباني يعتبر نبراسا و حالة عشق في قلوب كل الدمشقيين .. و هكذا تبلورت الموهبة بالحب و الرغبة و السعي لانها لا تكفي دون ان نتعلم و نقرأ و ننمي موهبتنا … اما الظروف فلها دور في بلورة و توسيع تلك الموهبة فمثلا أعتبر أنني اصبحت شاعرا حقيقيا أثناء وجودي في لبنان بعيدا عن دمشق و بسبب حنيني للياسمين و ما يجري لوطني من مواجع جعل الشعر متنفسا لا غنى عنه … اما صاحب الفضل في اكتشاف موهبتي فهو الفيسبوك ههه لانني بنيت نفسي بنفسي رغم استفادتي طبعا من بعض الاساتذة و تجارب السابقين

2_ الشعر الحقيقي هو انعكاس لموهبة ولكن ذلك لا يكفي لانتاج ما نصبو إليه من إبداع .. ما هي العوامل التي تسهم في تشكيل هذه التجربة ؟
نعم لا تكفي الموهبة دون صقل و تنمية لها و ذلك يتطلب امورا كثيرة منها
الرغبة و الحافز كطاقة دافعة … و الصبر و التعلم و القراءة كطاقة حركية … و العطاء و الايجابية و التلاقي مع تجارب الاخرين ليمنحنا مزيدا من الافكار ..و الثقة بالنفس دون غرور و الفرق ان الثقة نظرة الى الامام اما الغرور فهو نظرة للخلف

3_ كثير من الشعراء لديهم الحظ ولكن ليس لديهم المعجم اللغوي كيف تفسر ذلك ؟
فعلا هناك من ساعدهم الحظ لكن برايي هي فترة محدودة لأن الحظ بلا لغة و لا موهبة لن يفيد طويلا … تفسير ذلك المجاملات و الاساليب المختلفة في الطرح و الوسط المحيط بالشاعر و علاقاته الخاصة و العامة

4_ ما رأيك بالحركة الأدبية حاليا خاصة بعد انتشار وسائل التواصل الإجتماعي السريعة؟
الحراك الادبي اصبح اكثر و اوسع عبر تلك الوسائل التي ساعدتنا على الظهور في ظل ضعف الاعلام الرسمي و الخاص في بلادنا العربية و لكن بنفس الوقت هناك فوضى و جنون و كثير من المتسلقين و التافهين الذين ظنوا ان الشعر نوع من الظهور و البريستيج و التسلية و استهانوا به و انخدعوا بالمصفقين

5_ هل يمكن القول أن المعلم هو الأساس لاطلاق أي موهبة أدبية
وهل يستطيع المعلم أن يختصر على الموهوبين سنوات طويلة يحتاج إليها الموهوب لتطوير ذاته ؟
المعلم له دور اساسي في كل شيء فما بالك بالشعر لكن للاسف الكل اليوم معلمين هههه يعني ما زال كثيرون لا يعترفون بحاجتهم الى من يعلمهم او ينصحهم و هذا امر غير صحي ابدا … المعلم اساس في دفع الموهبة و صقلها و توجيهها بالتاكيد

6_ ما رأيك بالنقد ؟
النقد كفكرة عامة جميل لانه يسلط الضوء على الشعر و يساهم في ايصال افكاره … لكن للاسف فهم الكثيرون النقد على أنه سلبيات و نصح فقط … النقد منهج فكري متكامل يعرض الايجابيات قبل السلبيات و بعيدا عن اسم الشاعر او شهرته او انتمائه و بكل تجرد و حب … لا أؤمن بناقد ليس شاعرا لأن الشاعر أكثر قدرة على فهم اصول الشعر فكيف لمن لم يجرب الشعر ان يتذوقه … انا مع الناقد الشاعر و لكن ايضا ليس كل شاعر ناقدا … أغلب ما نراه اليوم لا يمت الى النقد الحقيقي بصلة … هو مجرد انطباعات و استعراضات و مجاملات لأصحاب القصائد غالبا … نحتاج الى نقد حقيقي متوازن لا يجامل و لا يبالغ في الثناء و لا يحطم ايضا بالمقابل و هذا نادر اليوم للاسف
.
7_ هل ترى ان الشعر العربي حاليا يمر بحالة تقهقر ؟
لا أرى هذا ابدا … الشعر اليوم بخير و هناك مبدعون حقيقيون لكن المشكلة أن الاعلام اليوم مختلف عن السابق و فيه فوضى و كثرة و ازدحام خانق … لهذا اختلط الحابل بالنابل و ضاع الصالح بالطالح و لم يتم انصاف المبدعين بسبب كثرة المتسلقين و الغوغاء و جهل اغلب الاعلاميين باصول الشعر و اهتمامهم بالعلاقات الخاصة و العامة على حساب الابداع … الشعر بخير لكن للاسف هناك متسلقون و طحالب و متوهمون و تافهون و هناك فوضى و ازدحام مزعج

8_ ألا تشعر بأن هناك تباينا بين الشعر المعاصر والشعر القديم ؟
طبعا هناك تباين و هذه سنة الحياة فلكل زمن شعره و رجاله و لغته و همومه و افكاره … لا يتعلق الامر بالجودة بل بالزمان و المكان و الاحوال و الظروف …

9_ ما نوع الشعر المفضل لديك ؟
كل ما يلامس إحساسي و يؤثر بي و يقنعني و يجعلني أتنهد

هل الشعر هو تعبير عن الإحساس
الشعر اوسع من مجرد تعبير عن الاحساس … هو حالة تمنحنا اجنحة و تحلق بنا نحو أحلامنا و يصنع من آهاتنا اغنيات

10_ هل الشعر صناعة
لا لا ابدا الشعر حب و عطاء و موهبة و لكنه يحتاج الى ادوات للتطوير و هذه الادوات لا تصنع بل تكتسب من الحياة و تجاربها و من القراءة و المطالعة و الاطلاع على تجارب الاخرين …. الشعر ثقافة و زراعة و ليس صناعة و لا تجارة

11_ ما رأيك بقصيدة النثر التي تحررت من القافية والتفعيلة والوزن وزاحمت القصيدة التقليدية ؟ وهل انت مع تصنيفها تحت خانة الشعر ؟
نعم هي تجربة مكملة للشعر و ليست مشتقة
منه كما يظن البعض بل لها هوية و شخصية مستقلة تميزها … و انا مع تصنيفها تحت خانة الشعر لكن بشرط ان يكون الشاعر ملما بالموزون ايضا و ليس مكتفيا بالنثر لان الشاعر كيان متكامل يتنفس شعرا بغض النظر عن لون هذا الشعر و اوزانه و قوافيه … و كنت في مقال توضيحي وضحت أن قصيدة النثر تسمية حرة مختلفة عن قصيدة الشعر … قصيدة الشعر موزونة و قصيدة النثر منثورة فلا تعارض ابدا في التسمية و استغرب من المعترضين على تسمية قصيدة النثر فهو اسم لم يتعد على الشعر و لم يرغب حتى بالانتساب اليه لانه مستقل بذاته… كما نوهت الى الفارق بين النثر و قصيدة النثر فالنثر سردي و قصيدة النثر ايقاعية و للحديث عنها شجون

12_ كيف ترى الوطن في شعرك
اراه حزينا مثلي و دامعا و لكنه لم ييأس و لم يستسلم بعد
هل أراك
هل أراك
مشرقا كالصبح تصحو
ناثرا حولي شذاك
عدت لي من غير دمع
نافضا عني أساك
هل توارى الحزن لما
عاد يحييني سناك
و التقى بالنور قلبي
حين ناجاني هواك
اه كم طال اشتياقي
كي أراني في علاك
طير حب راح يشدو
يا حبيبي في سماك

13_ماهي العوامل التي ادت إلى الحد من انتشار الكتاب الورقي في عالمنا العربي ؟
وهل تعتقد بأن وسائل الإتصال الحديثة سهلت الحصول على النسخ المجانية إحدى هذه العوامل ؟
غلاء اسعار الطباعة بصراحة و صارت الطباعة للاغنياء و ليس للشعراء … للاسف ليس هناك اهتمام من اي جهة بالمبدع و اغلب المطبوعات مجهود شخصي و ندفع ثمنها دون ان نستفيد أو نجني شيئا الا أن ندون نزفنا لاجل التاريخ … شخصيا لدي ستة دواوين طبعتها في ظروف افضل من اليوم بكثير و لكن ما زال لدي الكثير بانتظار الطباعة و لكن الامر شبه مستحيل حاليا … و لا غنى برايي عن الكتاب المطبوع ورقيا مهما تطورت وسائل التكنولوجيا

14_ كيف تنظر للمرأة في شعرك وكيف تجد المرأة كشاعرة ؟
المراة هي الملهمة … هي الجمال الذي يجعلنا نكتب و نتغنى بالحب و الاحلام … اراها غاية سامية صعبة المنال و شمسا تشع على الوجود … هي الام و الحبيبة و الاخت و البنت … هي العطاء و النماء و الحنان … المرأة كشاعرة اثبتت روعتها و قدرتها على التحليق و الابداع و لكن للاسف هناك من يجاملونها لانوثتها و لهذا كثير من المتسلقات أخذن لقب شاعرة دون وجه حق من جهة و كثير منهن لم يطورن اقلامهن بسبب الثناء المبالغ فيه … لكن ايضا هناك مبدعات حقيقيات و شاعرات مدهشات و بكل الوان الشعر

15 _ هل توافق على مقولة إن إصدار الدواوين هو إثبات للذات أولا وأخيرا
هو نوع من توثيق النزف او الاهات … نعم هو يشعرنا باننا تركنا شيئا للذكرى عندما نفارق الحياة … ربما يقرأ أحد ما كلماتنا يوما ما بعد موتنا و لهذا الشاعر لا يموت

16_ ما سر نجاح الشاعر
العطاء و الحب و الثقة و الرغبة … و اركز على العطاء و الحب لانهما الاساس في كل نجاح و ليس في الشعر فقط

17_ لمن تودع أسرارك وأراءك الشخصية
ليس لدي الكثير من الاسرار بصراحة انا شخص واضح و صريح جدا و غالبا اقول رايي لصاحب النص او الشأن مباشرة على الخاص و ليس لغيره و لا احب من يذكرون لي رايهم بغيرهم و اقول لهم قولوا رايكم لصاحب العلاقة او النص و ليس لي… اما اموري الخاصة فربما أسر بها لأمي فقط لا لسواها و لدي بعض الاصدقاء المقربين الثقة ايضا بالطبع

18_ لو جلست وتساءلت حول ما أنجزته فماذا تقول ..
الحمد لله لانني لم اتوقع يوما كل هذه الانجازات و اهمها حب الناس لي … الحمد لله الف مرة لانني حققت ما اتمناه تقريبا و الباقي على الله و بعلمه وحده

19_ ماهي كلمتك لجيل اليوم
انا اسف جدا لاجلكم … اعرف اننا سنترك لكم ارثا صعبا و واقعا مأساويا و اعرف ثقل و صعوبة مهمتكم في اعادة اعمار القلوب و الانسان و البلاد …. لكن انصحكم بالتعقل و الهدوء و التخطيط و الحكمة … للاسف جيل اليوم انفعالي متسرع غوغائي و لا الومهم فواقعنا الفوضوي فرض عليهم ذلك … أقول لهم
الليل سيمضي مخذولا
مهما ماطل .. مهما أجل
مهما في الأوداج توغل
حتى لو صب قتامته
في أوصالي … لن أتململ
و يظل يقين بي يسري
أن الصبح قريب جدا
و غدا أجمل

20 _ كلمة تحب توجيهها إلى القراء ..

اقول للقراء بعد الشكر و التحية … اقرؤوا بعدل و انصاف… لا تفكروا بالعلاقات العامة و المعارف و الاصدقاء على حساب الكلمة و الابداع فأنتم سر عزيمتنا و رغبتنا في الكتابة و لكم و بكم و منكم نكتب

 

 

دمتم بود

ليلاس زرزور

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!