الشاعرة ليلاس زرزور تستضيف اشاعر المصري الدكتور محمود صبحي

آفاق حرة

الشاعر المصري د. محمود صبحي أبوالخير…. مصري الجنسية
ولد في 1984 بالرياض في المملكة العربية السعودية
وبها نشأ في طفولته المبكرة أثناء فترة عمل والديّه بالممكلة آنذاك… .ثم عاد لمسقط رأسه بمصر .. محافظة المنوفية إحدى محافظات دلتا مصر ..
التحق بكلية الطب عام 2001 وحصل على بكالوريس الطب والجراحة من طب شبين الكوم عام 2007 كما حصل على درجة الماجستير في تخصص طب الأطفال 2016..والآن يدرس في مرحلة الدكتوراة من نفس التخصص
متزوج وأب لثلاثة بنات وولد
يقطن في مركز قويسنا بمحافظة المنوفية ويعمل في احدى مشافيها كأخصائي أطفال
كتب الشعر ونشر في العديد من المجلات الورقية والإلكترونية ..
حاز على الكثير من شهادات التقدير …

كان لنا معه هذا الحوار الماتع القيم …

رحلتي مع الشعر غريبة جدا
كنت أتعجب في طفولتي من الشعراء وكيف لهم ان ينظموا القصائد…. وكان بمخيلتي أن هناك ما يشبه الالهام يتنزل عليهم فيخرج الشعر في صورته التي نراها.. لم أكن أعلم انها مع الموهبة علم وقواعد ( العروض) ..وظل هذا الظن يلازمني…. حتى بدأت الارهاصات الشعرية عندي تبدأ وكان العجب أنها ظهرت متأخرا… وكانت للاحداث السياسية في بلدي سبب تفجر هذه الموهبة وتحديدا في صيف 2013 وما حدث في بلادي من اختلافات
فبدأت أكتب أول قصائدي.. ولكن كانت بلاخبرة ولا قواعد عروضية…. والغريبة أني لازلت أحتفظ بها وأنوي العودة لها لضبط ايقاعها ووزنها….. ونشرها ان شاء الله

توقفت بعد هذه المحاولة البسيطة وظللت بعدها 4 سنوات وهاجس الشعر في ذهني.. حتى حدث حادثتين في أثنائها بدأت أبحث عن كتاب للعروض وبالفعل أعطاني شيخي ومحفظي القرآن الكريم كتاب يتم دريسه لطلبة الازهر في مصر.. وهو اللباب في علم العروض… وهنا حدثت الحادثتين اللاتين فجرتا لي الموهبة الشعرية ولكن هنا وجدت العلم الذي سهل لي الكتابة.. الحادثة الاولى كانت هي حادثة مرورية وما أكثرها في مصر أودت بحياة طبيب زميل وزوجته وخلفت ثلاثة من الأيتام ورائهم.. فكتبت بعدها قصيدتي #حوادث_مصر
والحادثة الثانية.. كانت نتيجة تطاول أحد أتباع الجامية عليّ..فما كان إلا أنا رددت عن عرضي وسلطت يراعي سوطا عليه لردع ظلمه وكتبت #فخر_وهجاء وكانت هذه القصائد في آواخر 2017 وكان عمري وقتها 33 عاما.. أي أن هذه الموهبة تفجرت عندي حديثا وفي عمر متأخر وكانت مكتومة طيلة هذه السنوات

1_ متى اكتشفت موهبتك الشعرية ؟ وهل كان للظروف التي عشتها دورها في ظهور هذه الموهبة
ومن كان له الفضل في اكتشاف موهبتك الشعرية

لم أعرض موهبتي الشعرية على أحد… لعدم وجود أي مهتم بالشعر أو عارف للقواعد بصحبتي… حيث أنني في مجال الطب… وليس لي اختلاط بأهل اللغة والشعر…. وليس لي علم بأي من الشعراء
ولدرجة أني ظننت أنه لم يعد يوجد شعراء يكتبون العمودي منذ توفى المشاهير أصحاب المدارس الشعرية التي درسنها في العصر الحديث كالكلاسيكية والديوان وغيرهم… وهذا ربما يعود الى عدم تسليط الاضواء عليهم في مجتمعاتنا عكس أصحاب المواهب الاخرى
من هنا بدأت البحث عن من أعرض شعري عليه.. فقد أحسست بداخلي أن الموهبة اكتملت عندي والكتابة الشعرية بدأت في الظهور… وأصبحت رويدا أعرض أشعاري على أشعار الاعلام الشعراء…. نعم ..فهم من سوف يقيّمون كتاباتي.. ليس المقصود هم شخصيا.. ولكن كتاباتي مقارنة بكتابتهم هي من سيعطني الحكم.. أين انا.. هل تصلح كتاباتي هذه… وأين هي مما يكتبون…. وبالفعل بدأت أقيس جودة شعري بها…. وأرى كيف يكتبون فيعلمني ما كتبوا وما أشعروا…. لا مُعلم ينصحني ولا حَكم يحكم عليّ غيرهم.. ومن هنا بدأت أجعلهم هم الحكام.. وهم لجنة العرض التي أعرض عليها…
أحسست بعدها كاني لوحدي في الدنيا.. فقلت لابد من الاستئناس بالاحياء… فبدأت أبحث على موقع جوجل عن عنوان كلمة (الشعر العمودي) وحينها قد شرعت في اتمام أول قصيدة سليمة لي كاملة بدون توقف وهي مطولتي آلام وآمال من البسيط وكانت 120 بيتا… أحسست ان لدي شعر وأريد أن أعرضه على أحد من المعاصرين بعد أن حكمت عليه بنفسي وعرضته على أشعار الاقدمين كما أسلفت…
لما بحث عن الشعر العمودي… أظهرت لي نتائج جوجل… ميدان اللاذقية للشعر العمودي….
وكانت المفاجأة لي والبداية الحقيقة
المفاجأة.. أني وجدت زملاء شعراء معاصريين.. فازداد فرحي لان وجدت من يذود عن حمى اللغة.. ومن لديه موهبة الشعر…. وأصبحت بعيني أرى أشعار المعاصرين رؤية العين… وبدأت أصاحب منهم.. وبدأت لأول مرة بعد خوف شديد جدا جدا أنشر بعض الابيات البسيطة وقد نال مني الخوف…. فبدأت أرى التعليقات والتي كانت مفاجئة لي ومحفزة… فالقوم لديهم سنوات طوال في الشعر وهذه أول أبياتي… أحسست – وهم كذلك – أني من زمن أكتب… وأن لدي موهبة كبيرة لايمكن تكون حديثة عهد…

2_ الشعر الحقيقي هو انعكاس لموهبة ولكن ذلك لا يكفي لانتاج ما نصبو إليه من إبداع .. ما هي العوامل التي تسهم في تشكيل هذه التجربة
2… .العوامل كثيرة
الموهبة أهمها….
التجربة الشعرية أساسها….
فلابد للشاعر ان يكون لديه الموهبة ولديه التجربة الشعرية الصادقة حتى يكون موفق في كتاباته وحتى يكون ناتجه الشعري صادق قيم…..
بقي هنالك عوامل آخرى لمن يريد التميز وليس فقط ان يكون شاعر
فهناك آلاف الشعراء كانوا في مختلف العصور وعاصروا الاعلام الشعراء لكن لم يخلد الزمان أشعارهم….. ولكن بقي بعض الشعراء رموزا لكل عصر وبقيت أشعارهم على مدار السنين… وذلك لاجتماع شروط آخرى لديهم غير الموهبة وغير التجربة الشعرية…. وعلى رأسها الالمام الواسع باللغة العربية وخاصة المفردات في قاموس كل شاعر وهي التي تميز أحدهم عن الاخر
وهذه تعطي ميزات كبيرة وهي من وظيفة أي شاعر عَلَم ..ان يكون مصدر وعي للعامة وللقراء ومصدر اثراء لغوي لهم…… وأن لا يسمح للغته بان يندثر معانيها ومفرادتها رويدا رويدا

العوامل الاخرى التي أراها هي الالمام الجيد بالتراث خاصة القرآن والحديث
ولهما يرجع فضل كبير على.. في حسن السبك وقوة النظم والاقتباسات الجميلة والغنى الفكري
عامل آخر وهو العبقرية والخيال.. وهم أسان مهمان في بناء
في بناء القصيدة وتكوين التشبيهات
وآخرا…. مطالعة أشعار الافذاذ والاعلام السابقين… فهم منهل عذب في بناء الشعر وتعلم أصوله…. وما من شاعر مجيد إلا وتعلم من سلفه…… وعارضهم واقتفى أثرهم.. فالاقدمون أهل اللغة وخاصتها وهم أقدر الناس على تعليم من أراد التعلم

3_ كثير من الشعراء لديهم الحظ ولكن ليس لديهم المعجم اللغوي كيف تفسر ذلك ؟
3
هذا بالطبع تقصير منهم
كما أسلفت لابد من مطالعة تراثنا القديم من القرآن والحديث وأشعار الاقدمين.. فهي منهل ثر لذلك… ولابد أن لا ننساق وراء من يقول لابد من لغة عصرية والبعد عن الغريب…. كل هذا دعوى صريحة لوأد اللغة….. واغراقها في سفاحة الحداثة
نحن نختلف عن أي لغة في جذورها اللغوية وكلماتها التي تتعدى 6 مليون
وهي لغة القرآن نتعبد بها…..
لذلك أرى كما أفعل شخصيا بأن لا نتسرع في الكتابة ونفرح بصفة شاعر… أنا شخصيا لم أجعل همي الكتابة في أول مراحلي بقدر همي الاغتراف من بحر اللغة والتعرف على صدفاتها ودرها المكنوز من مفردات ومعاني….. فأقرأ كثيرا حتى أحس بالارتواء والتخمة من المعاني الجديدة وأشرع بعدها في الكتابه…
واني لا أزال أتذكر ترجمة الفرزدق في أول ديوانه…. وقد ترجموا له أن بسبب الفرزدق حفظ ثلثي مفردات اللغة ولولاه لضاعت….
لذا أن أهيب بمن يرجو ان يصبح شعره اجود وأعلى ومن يروم أن يبقى شعره وينتشر من الشعراء أن يهتم باللغة ويثريها ويعلم أن وظيفة أي شاعر هو المحافظة على لغته والارتقاء بمستوى قرائه….. ولايهتم كثيرا من يعلون الساحة بشعر ركيك ضعيف لغوي.. فهم كالزبد الذي لن يلبث إلا أن يذهب جفاء…. وأن ما ينفع الناس فهو من سيمكث في الأرض
ولنعلم أن أساس تتطور الامم وارتقائها يكون من ارتقاء العلمي واهتمامه باللغة لذلك تأكدوا أن الناس سيعدون للغة ان هم أرادوا التطور واعادة حضارتهم لعزها
هذا بالاضافة أننا كمسلمين نختلف عن غيرنا.. فالقراءن الذي نتعبد بها… يوجد به غريب من اللفظ… ومعان ليست بالسائغة لنا وان كانت ليست بالكثيرة.. فما أنت مجيب ان سُئلت كشاعر عن معان به
مثلا زابيّ مبثوثة…. الصمد.. بست الجبال… الماعون…. وغيره
كلمات بسيطة ربما لاتكون في معجم بعض المنتسبين للغة للاسف وكل يوم يكررونها

4_ ما رأيك بالحركة الأدبية حاليا خاصة بعد انتشار وسائل التواصل الإجتماعي السريعة ؟

الحركة الأدبية الأن حسب مشاهداتي تمر بمرحلة أشبه بمرحلة الاحياء والبعث والتي بدأت من أكثر من قرن من الزمان.. بعد عصور شهد الادب بها بعض الضعف والفتور….وهذا الاحياء الجديد في رأيي كان لوسائل التواصل نصيب منه.. وكانت بمثابة حلاقات التواصل بين مختلف الاقطار والافكار والشعراء….. وأجج هذا النشاط أيضا حدوث الربيع العربي والتغيرات الكثيرة التي طرأت على المنطقة برمتها وألتي ألهبت مشاعر بنيها وأفرغت محابر شعرائهم يسطرون أحاسيسهم… ويدونون شجونهم وأفراحهم وأتراحهم
لذا هذه الفترة هي مثابة نهضة حقيقة وبعث جديد للغة في فترة كادت اللغة أن تسكن همدا من أدناف أصابت بنيها واهمال حل بالناطقين بها والمتحدثين…. وهذا ما سيتم تأريخه فيما بعد.. وسيكون بعض شعراء الفترة الحالية علامات اذا ما ذكر تاريخ هذه الحقبة في سِفْر اللغة والأدب عبر العصور

5_ هل يمكن القول أن المعلم هو الأساس لاطلاق أي موهبة أدبية
وهل يستطيع المعلم أن يختصر على الموهوبين سنوات طويلة يحتاج إليها الموهوب لتطوير ذاته
٥… .نعم من الممكن أن يكون المعلم مكتشف للمواهب وموجها لكل نابغ ونبت أدبي جديد…… وقد يكون للقدر طبعا دور أكبر وأكثر في كثير من الاحيان ومثال على ذلك كثير من الشعراء وأنا منهم لم يكن لأي من الاشخاص دور في بداية أكتشافه ولكن فضل الله عليه وكرامات العربية إن جاز اللفظ… هي من ألقت به للنور….كي يقوم ذائدا عن حمى لغة القرآن
ولا ريب عندي الان أنه ومع الأسف حدث تدهور كبير في مستوى المعلم… وهذا يتبع طبعا تدهور التعليم في بلاد العرب جميعها وخاصة تعليم اللغة…. وكل هذا نتج عن تهميش اللغة العربية على حساب زيادة الاهتمام باللغات الاجنبية…. وتسطيح المناهج لدرجة كبيرة من الإسفاف في نظري وهذا ماعاينته بنفسي من خلال مراجعه مناهج المراحل الثانوية في بلدي… فأنا لازلت أذكر كيف كنا ندرس الأدب والشعر والشواهد بداية من العصر الجاهلي وحتى الحديث ولازلت أذكر الشواهد وأعترف أنها كانت بذرة ألقيت في صدري جعلتني أحب الشعر والادب حتى بدت عندي الموهبة.. والآن المناهج عندنا لاتروق لاي ضالع عليم باللغة
أضف لاسباب ضعف المعلم الان وبالتالي ضعف قدرته على اكتشاف المواهب.. هو أن الطالب الذي فيما بعد سيصبح معلما… غالبهم لم يلتحق بالجامعه والتخصص قناعه منه وحبا لما سيدرس ولكن لان مجموعه ارغمه على ذلك… ولذلك سيكون همه النجاح وليس التعلم والتشبع من سلسبيل العلم

6_ ما رأيك بالنقد ؟

النقد هو علم ليس تشفيه أو إرواء للأغلال
والعلم له قواعد لايختلف عليها وأسس تبتعد بصاحبها عن التشهي والنقد لأجل انقاص الشخص أو نتاجه الشعر
ولعل كتاب زكي مبارك في النقد (الموازنة بين الشعراء ) من جميل ما طالعت ، فند فيه كثيرا من الأطروحات حول النقد… وكيف ربما يغير بعد النقاد من نقدهم إذا ما تغير عندهم الشاعر وصاحب النص… فربما أسمعك دُرا في نص…وما إن ثعلمته قائله اذا بالدر يتحول إلى صفاة من الصحر تُلقى بوجه صاحبه…
لذلك النقد السليم الخالص من الأهواء مهم ومعتبر والعرب الأقدمون كانوا مثلا يحتكمون للنابغة في عكاظ تحت قبته الحمراء يحكم بينهم ويفضل أشعرهم على غيره….

7_ هل ترى ان الشعر العربي حاليا يمر بحالة تقهقر ؟

٧
التقهقهر منذ فترة وتحديدا برأي من فترة الستينيات من القرن الماضي وان ظهر بعض الاعلام وكان لهم ناتج ممتاز في هذه الفترة كالبردوني والجواهري ونذار وغيرهم…. .ولكن الضعف أخذ في الازدياد حتى نهاية القرن العشرين…. ولكن عودة الصحية الادبية الان كما أسلفت وإن لم تنتج نتاج قوي كالاعلام السابقين… لكنها بداية قوية لها مابعدها ان شاء الله .

8_ ألا تشعر بأن هناك تباينا بين الشعر المعاصر والشعر القديم ؟
٨
طبعا هناك تباين وهذا مفهوم… .
وملاحظ
فمثلا الشعر القديم له أغراضه ومعانيه الجزلة القوية وتشبيهاته الوعرة التي شكلت البيئة آنذاك منها كثيرا…. فلننظر ماذا كان يرى الشاعر القديم وماذا يرى الشاعر المعاصر حتى نحكم جيدا
الشاعر القديم كانت اللغه حياته ومزادته التي يشرب منها في وعثاء الحياة… وكانت حياته بين مرو الشعاب ورمل الصحارى وبين سنابك الخيل ونصل الرماح وأوتار القسي….. يسير إلى مراميه بالرواسم النوق….. ويتنقل من مكان لاخر بحثا عن العشب والكلأ….. فتكونت شخصيته منها…. ينطق بألفاظ البادية القوية.. ويصف الخيل والأبل والدوارس من الديار…. والكر والفر في المعارك…. كل هذا بصفاء جميل وأسلوب عجيب ونظم بديع لايقارن بالحديث
أما شعراء اليوم… فقل تمكنهم عن أسلافهم من حيث الالمام باللغة وعلومها ..أضف لذالك مشاغلهم التي أخدت كثيرا من أوقاتهم والتي أصبحت معدودة….. وأخدت حياتهم تجاذبها المشاغل والعيش والعمل وتخرجهم عن قرار اللغة… أضف لذلك نمط الحياة السريع والمختلف كل الاختلاف عن الحياة القديمة وما تبع ذلك من اختلاف شامل… فمثلا لم يعد الان تتراءى لأعيننا الأبل والخيل والصحراء والبادية… وانتقلنا لحياة ملؤها السيارات والقطارات والطائرات والعمارة والبناء الحديث…. كل هذا كون صور مختلفة كليا عن أسلافنا
ومما زاد الواقع الان اختلافا برأيي هو البعد عن اللغة تدريجا ودخول اللغات الأجنبية أكثر وأكثر…. فأصبحت لغتنا في أذهاننا مشتته…. وأصبح الميل أكثر للسهولة وللكلمات المرنة بألسنتنا نسبيا… ولكي أضرب لكم مثلا بسيطا يوضح ما قلت… سأضرب مثلا بسيطا بأسماء الأماكن والقرى والمدن مثلا في حياتنا…..
هذا يوضح الفرق البيّن مثلا… سنلاحظ أنها أسماء ربما تكون سلسلة مأخذوه مثلا من لغة عامية.. أو لهجات محلية…لا تساعد الشاعر حتى المحافظ أن يستخدمها في شعره…. ولا حتى في نثره
لكن انظر لألفاظ العرب وتسمياتهم القديمة وانظر لقصائد الاقدمين… ترى كيف اهتم الاقدمون حتى بتسمية بلدناهم… وأخضعوها للسانهم القويم… واني أستحضر ذلك كثيرا كلما عاودت قصائد الاقدمين وأخص بالذكر قصيدة إمرئ القيس… (سما لك شوق بعدما كان أقصرا…. وحلت سليمى بطن قوّ فعرعرا)
انظر على طول القصيدة كم استخدم امرؤ القيس أسماء البلاد في قوافيه بطريقة عجيبة….. مثال… (بربرا… يعمرا…. تيمرا…ميسرا.. أوجرا… وغيرها كثير…..
فهل في عصرنا الحالي مايساعد الشاعر فذ ذلك… لذا فالمقارنه صعبة جدا

9_ ما نوع الشعر المفضل لديك ؟
هل الشعر هو تعبير عن الإحساس ؟

9… الشعر المفضل عندي بلاشك هو الجاهلي…. لصفائه ..قوته ..جزالته روعة التشبيه…… ويأتي طبعا بعده مرحلة العصر الأموي والعباسي…… ووريثهم الشرعي مدرسة الاحياء والبعث في عصرنا الحديث أو ما يسمى الكلاسيكية.. وهي عندي مفضلة عما سواها بمراحل تعادل سنوات ضوئية
أكيد الشعر تعبير عن الاحساس والوجدان وذات الشاعر والأكثر أصله وأخلاقة وأدبياته… فالنص والديوان الشعري يعطيك فكرة عن صاحبه… عن عقيدته عن اخلاقياته عن انتماءاته وعقيدته…. وغير ذلك كثيرا…… وإلا لما قيل الشعر ديوان العرب.. والمرؤ مخبوء وراء لسانه

10_ هل الشعر صناعة

الشعر قد يكون صناعة وليس في ذلك عيب… .حتى الشاعر المطبوع لابد أن يثقل موهبته ببعض الصناعه وهي التي تجوّد قريضه وتعلي بيانه…… ولكن لابد ألا تطغى الصناعه على العاطفة والمحتوى فبدونها لامعنى للنص… فيخرج النص بلا روح ولامعنى ولا تأثير البته في القارئ… أضف لذلك صدق التجربة الشعرية
لذلك ربما يبالغ أحدهم في الصناعه ويخرج النص يعج صورا ولمحات فنيه لكن بلامعنى ولا روح ولا هدف من الكلمات… وهذا ألحظه ربما في شعراء يشار إليهم بالبنان…. ويظل بعض المستمعين حتى من الشعراء يرددون أبياتهم… وأنا والله تأخذني الحيرة…. فهؤلاء كأنما صنعوا دمية جميلة مزوّقة ولكن بلا روح… فأسأل نفسي بعد سماعهم ماذا يريدون ايصاله من قصيدة وماذا صنعوا؟… هذا الشعور لايمكن يأتي لي أبدا وأنا أستمع لقصيدة لشعراء الجاهلية أو صدر الاسلام أو عصور بني أميه أو بني العباس

11_ ما رأيك بقصيدة النثر التي تحررت من القافية والتفعيلة والوزن وزاحمت القصيدة التقليدية ؟ وهل انت مع تصنيفها تحت خانة الشعر ؟

لا لست مع تصنيفها في خانه الشعر
فهي نوع خاص من الادب النثري لايجب خلطه مع الشعر… فالشعر وزن وقافية وبحر… وغير ذلك ليس بشعر أبدا
والقصيدة النثرية قد يكون لها جمهور… ولكن لم ترق لي ان أكتبها

12_ كيف ترى الوطن في شعرك ؟
الوطن بلا شك يحتل جزء كبير في شعري.. وكذلك في أشعار القدماء والمعاصرين الذي يحملون همومه ويتمنون ازدهاره وتحرره من كل عائق عن التقدم والارتقاء…..
ولاشك أنك كشاعر لايمكن أبدا ان تتجاهل وطنك…خاصة في هذه الفترة أعقاب ثورات الربيع العربي…. ولايمكن أن تظل تكتب من الاشعار العزل والوجدانيات وتبتعد عن الحقائق والواقع الملموس والأمور المعاشية التي تتخبطك يوميا….. لذلك في اشعاري الكثير من الحب للوطن والتغني به وبأمجاده.. وكذلك العتاب الموجه لابناءه على مااقترفوا في حق بلادهم… وكانوا سببا في تخبطه…. والمُراجع لشعري سيجد أمثلة كثيرة لذلك…. فمثلا كتبت أرُدُّ على من طلب من السفر من مصر في الوقت الراهن والذهاب لبلدان آخرى أيسر حالا وأترف معاشا وأكثر ميرة ومالا….

ويسألني الصحاب متى التنائي…. ولست الطير إذ هجر اليبابا
وحبك مصر يسري في دمائي… وقلبي في الهوى يامصر ذابا
وفيك أبي وفيك حنان أمي… إليك العهد أعطيك الربابا
بأني ما سرت روح ونفس.. فلا أجفو ولو أُسقيت صابا
فأنت العشق دونك قد تخلى… فؤاد الصب عن هجر وثابا
ولو ماضقتِ ذرعا من عتابي… فمن غيراتنا قلنا العتابا
أفاخر بين خلاني كمصري… وأحكي أن لي منك انتسابا

وغير ذلك الكثير والكثير من أشعاري التي أحكي فيها عن وطني وأوثق بها حقبة مهمة جدا من تاريخه يمر بها الان

13_ماهي العوامل التي ادت إلى الحد من انتشار الكتاب الورقي في عالمنا العربي ؟ وهل تعتقد بأن وسائل الإتصال الحديثة سهلت الحصول على النسخ المجانية إحدى هذه العوامل ؟

قلة انتشار الكتاب الورقي لها أسباب كثيرة
أهمها… .طبعا هو قلة
الثقافة والمثقفين الأن… وبالطبع نقص الاهتمام ببضاعتها…. فأصبحت مزجاة في هذا العصر الذي طغت فيع المادة والجمود والسرعه ونمط الحياة والتنافسيه على ماسواها… فقلّ ناهوا العلوم وللآداب….. أضف إلى ذلك غلو الاسعار النسبي والذي أصبح حمل على كاهل الشخص في شراء الكتب واقنائها….. وعدم دعم الدول للمشاريع الثقافية والمعارف الدينه واللغوية والدنيويه…. ومع ظهور وسائل الاعلام الجديد.. وسهولة حصول الشخص على النسخ الالكترونيه….. تحول الاهتمام تديجيا لها… وان كان الكثير تحول لها مرغما لا طواعية… لسهولة الحصول على أي نسخة الكترونيه قد تهلك في البحث عليها في المكتبات… أو تنتظر لفترات حتى تحصل عليها من معرض للكتاب
..وان وجدتها ستجدها بأسعار ليست بالقليلة
وأنا في وجهة نظري أن النسخ الالكترونيه لها مزايا السهولة واللا ثمن وسهولة البحث بها… لكنها عندي أبدا لاتعدل روعة اقناء الكتاب.. فمثلا لما حصلت على نسخة الكترونيه من ديوان لشوقي على الحاسوب (اللابتوب) كانت لدي فرحة ليس بالبسيطة… ولكن ما ان حصلت علي جزئيه في يدي…. رأيتُني أحتضن الكتاب وأشمه وأملق عيني في طربا وفرحا وسرورا… أحساس لايوصف والمجلد في يدي وأنا أقلب صفحاته.. وأكتب بها ملاحظاتي وتعقيبي وشرحي لبعض مفرداته… احساس بالغ لايقارن البته بالنسخة الالكتروني
وكذلك من مساوئ النسخ الالكتروني. أنها قد تكون بخسا لأناس كثر وأعمالهم… فربما كانوا يعولون على بيع النسخ الورقيه ويأتي مثلا من يطرحها وبدون علمهم الكترونيا… فيقض أحلامهم وينهي آمالهم وهذا للأسف بخسا لهم
لذلك أشد على يد كل مسؤل في بلادنا.. شجعوا القراء وابنوا جيلا من المثقفين والمتنورين بتحفيز الكتاب الورقي.. ذللوا كل الصعوباب…. دعموا الطباعه… واجعلوا اقتناءها والحصول عليها يسارا

14_ كيف تنظر للمرأة في شعرك وكيف تجد المرأة كشاعرة ؟

المرأة منذ القدم وهي ركن أساسي في عالم الشعر…
فالجاهليون اعتادوا بدء قصائدهم بالتغزل في المرأة والحسناوات والتغزل وغير ذلك
وقد ظل هذا لفترات بالعصور المختلفة
أما ما أراه فالمرأة… حاضرة في قصائدي وفي أشعاري….لم أتجاهلها….. وأحاول دائما اظهارها في أحسن ثوب وفي أجمل حله…. فهن وصية رسول الله… استوصوا بالنساء خيرا…. .فلايمكن بأي حال أن تتحول المرأة لسلعه…. أو وصف خليع بالشعر وتبنى عليها القصيدة…. بابتذال وتشهي كما ارى بعض المنتسبين للشعر في كل الاعصر والأمكنة…. ومن هنا وجب معاملتها…. بما يليق.. ووصفها بأجمل الأوصاف ونعتها بما تستحق من فضائل.. فهي الام والاخت والزوجة….
وفي شعري… كتب كثيرا لزوجتي.. ونبّقتُ لها أبياتي… وكتبت لبناتي في مناسبات عارضات… وكتب أيضا في الغزل غير متفحش بالقول ولا مُعربد باللفظ…. وهذا نصيحتي لكل كاتب وشاعر… عاملوا النساء في كتاباتكم بكل قول حسن وبكل وصف يليق بهن.. أثابكم الله
أما الشعراء النساء فلقد عرفت وطالعت كثيرا من انتاجهن في الفضاء الأزرق.. ورأيت منهن نجمات نيرات يتلألأن في سماوة الأدب…. لهن الأسلوب الجميل والكاريزما الحاضرة…. والحرف الرشيق المائس جمالا وبيانا….. ربما اختلف نسبيا عن الرجل وقد تستطيع ان تميزه بطريقة جليه واضحه انه أنثوي….. وكل منهن لها مثال من أسلافهن وان قللن عدا واحصاء عن الرجال…. لكن هذا دافع وحافز لهن أن يتفوقن ويحاولن أن يكنّ خنساوات في دنيا الآداب….. لا مانع لهن أن يتفوقن وأن يبزغن بابداعهن وبيانهن الجميل.. فلهن كل التحية من هنا

15 _ هل توافق على مقولة إن إصدار الدواوين هو إثبات للذات أولا وأخيرا
قد يكون اصدار الدواوين محاولة من البعض لاثبات الذات… وهذا ديدن كثيرا الأن.. فربما تجد شاعر أصدر ديوان يحمل بضع قصائد معدودات بأبيات قليلة.. ويلملم حاله ويصدر ديوانا ليحمل اسمه ويكتب في سيرته الذاتيه ان له دواوين عددا….. وهذا والله مما يثير حفيظتي…. وينتّق عقلي… فما فعل السابقون ما فعل هؤلاء.. بل ان معظمهم لما يطبع ديوانه في حياته.. فمثلا حافظ ابراهيم.. تم تجميع ما أمكن من أشعاره من المجلات والصحف المصرية… ولم يكن همه طباعه ولا حتى حفظ ما كتب… وهذا ولاريب خطأ منه كبير في حقنا أولا قبل حقه.. لانه حرمنا من نتاج شاعر مفلق ضليع ضاع بعضه للأسف… ولكن ما أحب أن أقول…. هو ما أحاول أن أطبقه على نفسي… ليست العبرة بعدد الدواويين.. ولكن بقيمة وقامة المنتج… وجود ومكانة المكتوب….. فلا أجعل همي الان في الطباعه.. ولكن أحفظ أشعاري وأي كتابة ولو صغيرة.. أدونها.. اعمل عليها.. أعود لها كلما ازداد نضجي أنقحها وأعدلها… أكتب وأرتقى بمستواي.. وأحاول الصعود أكثر وأكثر على سلم الشعر الطويل الصعب…. حتى أصل لدرجة أعلى
وحينها ان شاء الله أشرع في عمل الديوان… والذي أنوي ان شاء الله وقدر لي العُمر أن يكون جامعا لكل أعمالي

16_ ما سر نجاح الشاعر ؟
هناك عوامل كثيرة تحدد نجاح الشاعر
منها الموهبه والملكة و حب اللغة الفطري وحب لغة القرآن… وينميها الاطلاع على علوم اللغة وآدابها والحظ منها الوافر……. أيضا البيئة المحيطة بالشاعر ومدى تأثيرها عليه وتكوين شخصيته….. ومكان تنشئته فالبيئة الصحراويه غير المدنيه.. والبيئة العربية غير النبطيه والأعجمية…. والبيئة الدينية والمحافظة غير المتحررة وغير المنضبطة بتعاليم الشرع….
هناك عوامل آخرى قد لايكون للشاعر تدخل بها.. وهي زمن وجود الشاعر وهل يخدمه ذلك ام لا.. ومثال على ذلك الشعراء في عهد الدولات الاسلاميه المختلفة كان لهم مكانة مختلفة ومتميزة تماما عن غيرهم في هذه العصور اللاحقة والتي انكمش فيها الاهتمام باللغة والأدب بصفة عامة.. فهل هناك عوامل تدفع للنجاح أكثر مما تلقاه القدماء من اهتمام من الخلافاء مثلا.. فكانوا مقربين منهم… يكافئون بالأعلاق والنفائس مكافأة لهم وتشجيعا… كل هذا كان دافعا لنجاحهم وزيادتهم في الانتاج الشعري… والتفنن في خراجهم والارتقاء به

17_ لمن تودع أسرارك وأراءك الشخصية ؟
أسراري… .ليس لي أسرار كثيرة… لطبيعة شخصيتي والتي تعتمد على الصراحة وعدم المهادنه أو التخفي والمكر مثلا.. فازعم ان شخصيتي تعتمد أكثر على الفطرة العادية… وعدم
المهادنه أو التخفي والمكر مثلا.. فازعم ان شخصيتي تعتمد أكثر على الفطرة العادية… وعدم التخفي كثيرا… وان وجدت لي بعض الأسرار فاني قد أودعها أهل بيتي ووالدَيّ
اما الآراء الشخيصة فقد أصرح بها علانية في اشعاري ولا أجد تحرجا في ذلك… .والمتابع لاشعاري يجدها واضحة جليلة لاتحمل التأويل… كما أنني أجهر بها لاصدقائي الاصفياء وأحيانا لغير الاصفياء درعا لباطل ودفعا لزور وإفك

18_ لو جلست وتساءلت حول ما أنجزته فماذا تقول ..؟

انجازاتي وان كان لم تصل للعلن لكني مسرور بها وأطمح في يوم من الايام أن أوفق وتظهر للعلن ويكون لي شأن عام مرموق.. وأن يستخدمني الله لنصرة دينه في أي مكان كان…. أنا الحمد لله أنجزت دراستي الطبية بتتفوق وانتهيت من انجاز الماجستير وشرعت من فترة في الدكتوراة في طب الأطفال سائلا الله العون والتوفيق… واما من الناحية الأدبية.. فانجازاتي فيها التي أفخر بها كل قصائدي وأنتاجي الذي أعده وأحصيه سنويا وأقيم انتاج كل سنه من قصائد ومن أعمال أحاول أن تكون قيمة عالية الجودة وخرائد أفخر بها.. لابقدر كثرتها لكن بقدر جودها وأطمع ان يخلدها لي ديوان قيم يجمعها فيم بعد…. وان تذكر في مقدمة مايذكر من آداب في هذا العصر… وأنا على ثقة كبيرة من ربي… ومن فضله علي ولن أتعجل… فقط أعمل وأمسك بأسباب ذلك والله هو الموفق والمستعان

19_ ماهي كلمتك لجيل اليوم ؟
كلمتي لجيل اليوم
أمتنا العربية والأسلامية تمر بمرحلة حرجة جدا جدا هذه الفترة.. سيقف عندها التاريخ طويلا… وان أعدائنا يرمقوننا بأبصارهم كأنهم ذؤبان وسراح….. فأسعفوا إلى نجدتها.. التمسوا طرق الوعي والهداية….. ثقفوا انفسكم… وتسلحوا بالعلم والمعرفة….. عليكم بدينكم ولغتكم فهما أساس علائنا في أعصرنا المزهرة… ولاتركنوا لكل محبط وكل خوان يتعهدكم ببث الاحباط والتجهيل .

20 _ كلمة تحب توجيهها إلى القراء ..
أما كلمتي للقراء… .أقول لهم أين أنتم… نفتقدكم كثيرا… وونفتش عن قارئ الأمس المثقف الواعي الغيور على لغته…. لاتغيبوا عنا… وكونوا لنا سندا فبكم ننجح وبكم نعلو وبكم يعود للغة والادب مجدهما… وليكن في كل قطر من بلداننا مثقفون وقارئون نهمة ..وان قيل قديما القاهرة تكتب.. وبيروت تطبع.. وبغداد تقرأ… فاننا اليوم بحاجة لان يكون الكتبة في كل البلدان وكذلك القراء وهذا لمصلحة لغتنا وآدابنا .

شكرا لحضوركم ومتابعتكم أحبتي ..
سيبقى باب الحوار مفتوحا

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!