الشاعر رضوان بن شيكار يستضيف القاصة السورية ميشلين بطرس في زاويته أسماء وأسئلة

أسماء واسئلة: إعداد وتقديم: رضوان بن شيكار
تقف هذه السلسلة من الحوارات كل أسبوع مع مبدع أو فنان أو فاعل في إحدى المجالات الحيوية في أسئلة سريعة ومقتضبة حول انشغالاته وجديد انتاجه وبعض الجوانب المتعلقة بشخصيته وعوالمه الخاصة .
ضيفة حلقة الأسبوع الكاتبة السورية ميشلين بطرس
1-كيف تعرّفين نفسك للقراء في سطرين؟
ياله من سؤال صعب حقًا، لأنه وبالفعل من الصعوبة أن يعرّف المرء بنفسه وخاصة إذا كان يحاول صنع الفرح للبشرية جمعاء، لذلك وكي تكون إنسانًا مبدعًا عليك أن تأتي بقربةٍ فارغة، وتنفخ فيها وتنفخ، وظل تنفخ حتى تتجمع من أبخرتك غيومٌ تمطر ماءً تملأ القربة وتروي الحياة.
2-ماذا تقرئين الآن، وماهو أجمل كتاب قرأتِه ؟
هناك العديد من الكتب على طاولتي وأنا في حيرةٍ في أيّ منها أبدأ أولاً !
منها: صورة الآخر في شعر المتنبي وهو نقد ثقافي لمحمد الخبّاز، الأسطورة الإسرائيلية من القبلية إلى دولة الاغتصاب للمحامي جريس الهامس، الإتجاهات الأدبية في القرن العشرين لالبيريس ترجمة جورج طرابيشي، الانتقال المجازي من الصورة إلى التخييل لجيرار جونيت وترجمة د. زبيدة بشار القاضي، هكذا قتلتُ شهرزاد لجمانة حداد، ومذاهب الأدب معالم وانعكاسات للدكتور ياسين الأيوبي …
وما الجمال إلا في كل شيء يترك أثرًا في النفس، فكلّ الكتب جميلة لأن القراءة هي الجمال بحدّ ذاته ففي القراءة عندما يمتصّ القارئ النصوص التي يقرؤها، يبقى القارئ ويكون أكثر “نصوصية” من النصوص.
3- متى بدأتِ الكتابة ولماذا تكتبين؟
أعتقد أن الإنسان بشكل عام يبدأ بالكتابة منذ الصغر ومنهم من يصقل موهبته بالقراءة والقراءة لتتطور وتصبح كتابة إبداعية، ولأن الكتابة هي الحياة، أكتب كي أحفر في الزمن بحثًا عن الحياة.
4- ماهي المدينة التي تسكنك ويجتاحك الحنين الى التسكع في أزقتها وبين دروبها؟
ليست هناك مدينة جغرافية محددة تسكنني لأن كلّ المدن إنسان، وإنسان حقّ بالفعل،
لكن الورقة البيضاء هي المدينة التي يجتاحني الحنين دومًا وأبدًا للتسكع في دوربها وأزقتها فأقرأ وأقرأ ثم أكتبُ وأكتبُ إلى ما لا نهاية …
5- هل أنتِ راضيةٌ على إنتاجاتكِ وماهي أعمالكِ المقبلة؟
الرضا يعني القبول والرضوخ للأمر الواقع، وعلى ما أعتقد أن الرضا ضد الابداع والتطور، ضد الرسالة التي جاء من أجلها الكاتب النهضوي الكاتب المتمرد الثائر على كلّ قيد قد يكبل الإنسانية في الإنسان، الكاتب الذي يحاول تسليط الضوء على كلّ ظلم واستبداد قد يتعرض له أي إنسان على وجه الكرة الأرضية.
6- متى ستحرقين أوراقك الابداعية وتعتزلين الكتابة بشكل نهائي؟
هذا السؤال لا يُسأل للكتّاب، لأن الكاتب ليس عارضة أزياء أو راقصة فهم لهم مقاييس محددة لا يجب تخطيها بالنسبة للوزن والعمر إلخ …
إنما الكاتب والمثقف مقايسه الوعي، وكلما إزداد وعيه كلّما أصبحت رؤيته أوضح بغض النظر عن عمره، وكلما زاد من تقبلّه للآخر وكلما سعى لتحقيق الإنسانية والسلام وايجاد الحلول الجذرية للبؤس البشري، وكلّ كاتب حسب تجربته وبيئته وعلاقاته وأسفاره وقراءاته، وليس الفن من أجل الفن أو الشهرة فحسب، إنه النور الذي يستمد الناس منه قوتهم من أجل بناء الإنسان و الحفاظ على الإرادة الصلبة ورباطة الجأش وخاصة في ظل يمرّ به العالم من أوبئة وحروب ونزاعات ..
7- ماهو العمل الذي تتمنين أن تكوني كاتبته وهل لك طقوس خاصة للكتابة؟
أشكر كل عمل قرأته لأنه أثمر في عقلي المعرفة، هناك أعمال أدهشتني وأبدعتُ بعمل حوارات مع كتابها ومنها من كتبتُ فيها القراءات النقدية ومنها من استسقيت منها بذورًا للمعرفة والابداع، ومنها من جعلت الرؤية تتضح، ومنها من غذت بذور التمرّد في داخلي ..
ولم يكن لي يوما طقوسٌ معينة للكتابة .
8- هل للمثقف دور فعلي ومؤثر في المنظومة الاجتماعية التي يعيش فيها ويتفاعل معها أم هو مجرد مغرد خارج السرب؟
بالتأكيد له دورٌ تفاعلي رغم كلّ الاقصاء والتهميش الذي في الأغلب يتعرض له الكاتب وخاصة في بلداننا العربي، فهو يغرد خارج السرب من أجل الحرّية من أجل رفع الظلم بقدر الإمكان عن البشرية، فالكتابة فعل تمرّد أولاً وأخيرًا لفعل أول وهو القراءة.
فالكتابة تدمير واعٍ للواقع وإعدة بناء واقع جديد يعيش في مخيلة الكاتب عبر صيغ وأكال تجعل القارئ يشعر بالغبطة والانسجام والإتلاف مع الواقع الجديد…
9- ماذا يعني لكِ العيش في عزلة إجبارية وربما حرية أقل بسبب الحجر الصحي؟وهل العزلة قيد أم حرية بالنسبة للكاتب؟
كل شيء إجباري هو شيء قاتل، لكن كل إنسان يستطيع تطويع التعسّف والإجبارية لصالح نمو وعيه وقدراته الابداعية والفنية، وربما من أجل تأملاته والتخييل الذي قد يصبح واقعًا يوماً ما، وكما يقول ابن سينا “إن قوة الفكر قادرة على إحداث المرض والشفاء منه”.
10- شخصية من الماضي ترغبين لقاءها ولماذا ؟
كلّ شخصية من الماضي أرغب بلقائها أبحث عن أعمالها الأدبية أو الفنية أو ما تركته من أثر، وأغوص في قراءتها والتعمق بكل كلمة قالتها وبهذا أكون قد إلتقيتُ بها وأبحرتُ في عوالمها.
11- ماذا كنتِ ستغيريين في حياتك لوأُاتيحت لك فرصة البدء من جديد ولماذا؟
أودّ أن أعود بعد 4000 أو 5000 سنة فقد كي أعرف ماذا حلّ بالبشرية، وهل توقفت عن افتعال الحروب وهل أصبح للإنسان الإنسان مكان على هذه الأرض؟!
12- ماذا يبقى عندما نفقد الأشياء الذكريات أم الفراغ؟
لا يوجد فراغ فالذاكرة مليئة بالذكريات قد تكون مُرهقة وقد تكون مُفرحة لكنها بالنهاية هي حياة المرء، وكل شيء نفقده يعود إلينا بعد حين ولو بشكل مختلف، لكنه حتمًا سيعود، لذلك لا تكن كالبستان يزرع فيه الناس ثمارهم السلبية ليحصدوا مازرعوا، بل كن أنت الزارع لنفسك وللآخرين ولا تنتظر الحصاد.
13- إلى ماذا تحتاج المرأة في أوطاننا لتصل إلى مرحلة المساواة مع الرجل في مجتمعاتنا الذكورية بإمتياز.إلى دهاء وحكمة بلقيس أم الى جرأة وشجاعة نوال السعداوي؟
نحن لسنا في زمن الملوك لنتصارع ونتقاتل من أجل عرش الحُكم أو السيطرة على العالم، والدكتورة نوال السعداوي نابغة من نوابغ عصرنا، لم تُنصف في عالمنا العربي أبدًا، هي من أنارت العقول سعيًا لتحرير الإنسان وبالأخص المرأة من كل قيد يكبل إنسانيته، وأعتقد أن الرجل ليس بأفضل حالٍ كي نطالب بالمساواة معه، نحن نطالب بحقوقنا كإنسان، فالإنسان وخاصةً في عالمنا العربي ليس له قيمة ولا إعتبار، كلّ التخاريف وكلّ العادات والتقاليد، كلّ قيد طائفي أو مذهبي وحتى سياسي هي أهم منه ومن ما يحمله من إنسانية مكبوتة في داخله.
فإلى الوحش الرابض داخل كلّ واحد منا، إن لم تحطم المرآة أمام قبح باطنك، حتمًا سيتلاشى زيف حقيقتها أمام صدقها، فالماء التي كونتنا متعطشى إلى المحبة، ولن يطفئ ظمأها سوى الإنسانية الحقّة.
14- صياغة الآداب لا يأتي من فراغ بل لابدّ من وجود محركات مكانية وزمانية، حدثينا عن مجموعتك القصصية: “الثالثة بعد منتصف الليل” كيف كُتبت وفي أي ظرف؟
“الثالثة بعد منتصف الليل” هي مجموعتي القصصية الأولى التي طبعتها بعد 15 سنة من كتابتها، وهي مجموعة قصص قصيرة، وقصص قصيرة جدًا، إنها الوجع والألم الذي أصبح كتابًا بمثابة صرخة مدوية في وجه الظلم والاستبداد، هي مجموعة تحاكي الواقع في كثافة معنوية للمطالبة بحقوق الإنسان، وقد كتب الباحث الأستاذ نزار حنا الديراني في مقدمة المجموعة قراءة نقدية مطولة جاء في بعض منها: “لقد استطاعت القاصّة مشلين بطرس في مجموعتها هذه أن تبتكر فضاء لغتها فنجحت في تقديم فكرة متوهجة مستفيدةً من الفنون الأخرى كالفن التشكيلي والمونتاج والدراما والشعر .. مما سهّل عليها شحن الكلمات بأكثر ما يمكن من المعاني والتعبير عنها بأكثر ما يمكن من الأفعال وبأقلّ ما يمكن من المفردات، وهذا لا يتأتى إلا من خلال توالي اكتساب لغةٍ لها القدرة على التكثيف الهائل للمعاني …”
15- كيف ترين تجربة النشر على مواقع التواصل الاجتماعي؟
سيفٌ ذو حدين إن لم نحسن استثمار إنسانيتنا من خلالها، ستدمرنا لنصبح أشبه بروبوتات لا إحساس لها.
16- أجمل وأسوأ ذكرى في حياتك؟
ذكريات الطفولة وأصدقاء الدراسة هي من أجمل الذكريات التي تتكرر وتعاد في مخيلتي على الدوام ….
أما أسوأ ذكرى فهي انفجار مرفأ بيروت الذي حدث في السنة الفائتة بتاريخ 4/9/2020
وكل ذكريات حربٍ ودمار مرّت بها البشرية على مر العصور وبالأخص في عالمنا العربي.
17- كلمة أخيرة أو شئ ترغبين الحديث عنه؟
وأخيرًا وليس آخرًا، فن القصّ من أصعب الفنون الأدبية وأكثرها عمقًا ومعرفةً، ولكي تكون القصة مكتملة، وفنًا قائماً بحدّ ذاته عليها آلا تكون مشروعًا لرواية أو اختصارًا لنص شعري أو سردي …
تمنياتي لكم بكل التوفيق والنجاح وتحياتي لكم أستاذ رضوان.

عن رضوان بن شيكار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!