الشاعر رضوان بن شيكار يستضيف الكاتب والاعلامي عبد العزيز كوكاس في زاويته أسماء وأسئلة

أسماء وأسئلة:إعداد وتقديم رضوان بن شيكار
تقف هذه السلسلة من الحوارات كل اسبوع مع مبدع اوفنان اوفاعل في احدى المجالات الحيوية في اسئلة سريعة ومقتضبة حول انشغالاته وجديد انتاجه وبعض الجوانب المتعلقة بشخصيته وعوالمه الخاصة.
ضيف حلقة الاسبوع الكاتب والاعلامي عبد العزيز كوكاس
أكتب كي لا أموت أو أجن، وأخاف أن أصل سن اليأس الإبداعي
01.كيف تعرف نفسك في سطرين؟
عبد العزيز كوكاس الذي بدأ باسم مستعار في درب الصحافة “أبو أحلام”، كاتب قادم من جهة الحلم، يبحث عن الكتاب العصي الذي لم يأت بعد.
02. ماذا تقرأ الآن؟ ما هو أجمل كتاب قرأته؟
أقرأ في هذا الشهر المبارك مجموعة المرحوم محمد باهي في خمسة أجزاء التي سهر الصديق امبارك بودرقة على إخراجها في حلة أنيقة، في ذات الآن أسافر مع شهرزاد في حكيها في “ألف ليلة وليلة” ورواية “ثلج” لأورهان باموك الحاصلة على جائزة نوبل.
أغاني مالدرور للكتاب الفرنسي لوتريامون الذي فتح بوابة الحداثة في الإبداع الغربي.
03.متى بدأت الكتابة؟ ولماذا تكتب؟
بدأت الكتابة عند نهاية عقدي الثاني، في حين لم أنشر أولى إبداعاتي إلا عام 1989.
لكي لا أموت أو أجن.
04.ما هي المدينة التي تسكنك ويجتاحك الحنين إلى التسكع في أزقتها وبين دروبها؟
هناك مدن تسكنها ولا تسكنك ومدن تسكنك برغم أنك لا تسكنها، تجذبني الأحياء القديمة في الرباط حيث ولدت ونشأت، وتسكنني المحمدية.. لدي ألفة ناعمة مع المكان.
05.هل أنت راض على إنتاجاتك وما هي أعمالك المقبلة؟
أومن بالتجاوز في الكتابة، أما مسألة الرضا من عدمه فهي مهمة النقد، ولكن الكتاب الذي يسكنني لم ير طريقه إلى النور بعد، لدي كتاب مترجم ستصدر هذه الأيام طبعته الثانية حول “المغرب على الخط الأمامي لجبهة الحرب”، وكتاب نقدي قيد الطبع تحت عنوان “بذرة جمال النص”، ومشاريع أخرى على الطريق.
06.متى ستحرق أوراقك الإبداعية بشكل نهائي وتعتزل الكتابة؟
حين أوارى التراب، أخاف أن أصل سن اليأس الإبداعي.
07.ما هو العمل الذي تمنيت أن تكون كاتبه؟هل لديك طقوسا خاصة للكتابة؟
رواية “الجميلات النائمات” للكاتب الياباني ياسوناري كواباطا الذي تمنى أن يكون غارسيا ماركيز هو من كتبه.
لا طقوس صارمة لدي، أكتب وأنا نائم، وأنا أمشي، وأنا في مقهى يمتلئ بالضجيج وفي خلوات مختارة، ليلا ونهارا، متى نضجت الفكرة في الدماغ وحان وجع مخاضها أكتب.. لكن الليل صديق مصاحب وموحي.
08.هل للمبدع والمثقف دور فعلي ومؤثر في المنظومة الاجتماعية التي يعيش فيها ويتفاعل معها أم هو مجرد مغرد خارج السرب؟
إذا قصدت التأثير المباشر والآني فلا أعتقد، ولكن الكاتب مؤثر في سيرورة التحولات الجارية على المستوى الرمزي والروحي سلبا وإيجابا، أما التغريد خارج السرب فهو شأن كل إبداع عميق وأصيل لا يتغيى أن يكون مثل رسل لهم أتباع وحواريين، إن الكاتب يقول كلمته ويمضي، تلك الكلمة قد تذهب مثل صيحة في واد وقد تجرف الخيمة من الأوتاد.
09.ماذا يعني لك العيش في عزلة إجبارية وربما حرية أقل؟ وهل العزلة قيد أم حرية بالنسبة للكاتب؟
كان لدي صديق لازال على قيد الحياة يحب الدخول إلى السجن من أجل الإبداع، كان يقدر أن العزلة الإجبارية ستمكنه من قراءة أفضل وأكثر غزارة وإنتاج استثنائي، فلا هو دخل السجن ولا أبدع ما يستحق الذكر.. أنا لا أحب القيود حتى بقائي على قيد الحياة أحيانا، كمعتقل في العيش، في قلب زخم الحياة أستطيع أن أستفرد بذاتي وأخصص حيزا للصمت داخلي ليتكلم، العزلة الإجبارية هي سجن حتى ولو كان ناعما، الحرية هي الرئة التي يتنفس منها الإبداع.
أفرق بين الوحدة التي يختارها المبدع ليستفرد بأفكاره أو تنفرد به، على العزلة المفروضة عليه، أعتبر أن الحياة والطبيعة والعلاقات الإنسانية في حركيتها وزخمها هي مصدر إلهام الكاتب، لكن الانغماس في اليومي هو القيد الذي يحد من الإبداع ويبخسه، والعزلة المختارة هي حرية أكبر للكتابة خارج ضوضاء المعيش اليومي والانغماس في التفاصيل..
10.شخصية في الماضي ترغب لقاءها ولماذا؟
علال الفاسي هو الشخصية التي أحببت لو التقيتها، هذا المفكر المتنور الذي تجمع فيه ما تفرق في غيره، كان نابغة حقيقة، وأتساءل كيف أتيح له أن يكتب كل هذه الكتابات المتنورة في ظل الغمار السياسي والمهام الحزبية والتنظيمية والتنقل بين منافي مختارة أو مفروضة، ومع ذلك داوم على الحضور والتأثير في وطنه الذي كان يسكنه بشكل غريب.
11.ماذا كنت ستغير في حياتك لو أتيحت لك فرصة البدء من جديد؟ ولماذا؟
لن أختار ما انحاز إليه “فاوست” أبدا، كنت سأسعى للوقوع في الحب واقتراف الجنون ذاته الذي قدر لي أن أعيشه، وأن أستسلم بطواعية للغوايات الجميلة، وأن أدفع التكلفة الضرورية لكل خياراتي التي اتخذتها حتى اليوم، سوى شيء واحد هو أني كنت سأتخلى عن الكثير من الكتب الزائدة التي قرأتها في مرحلة من العمر لأقرأ الأفيد منها مما تعرفت عليه على كبر.
12.ماذا يبقى حين نفقد الأشياء؟ الذكريات أم الفراغ؟
أثرها بالذات، عمق ما وشمتنا به، أخطر ما يواجهه الكاتب هو أن يفقد الكلمات المناسبة للتعبير عن الأشياء حتى لو زالت، ففي البدء كانت الكلمة، رسولا وهداية وإبداعا ووهجا يمد الكون بروح ودم الحياة.
13.صياغة الآداب لا تأتي من فراغ بل لابد من وجود محركات مكانية وزمانية، حدثنا عن إصدارك الأخير: “في حضرة الإمبراطور المعظم كوفيد التاسع عشر”، كيف كتبت وفي أي ظرف؟
كتبت هذا الكتاب في ظرف الحجر الصحي كتجربة وجودية متفردة، كان علي أن أهرب من الموت الذي يتهددني، أن أحكي كي لا أموت، فقضيت طيلة هذه الفترة في تدبيج فصول الكتاب التي تتحدث عن الفيروس المحتال والمراوغ بصيغة ساخرة، يحملها وسم العنوان “حضرة الإمبراطور المعظم كوفيد التاسع عشر”، عن رمزية الكمامة كقناع سيمنحنا شخصية مزدوجة ويعيد للعيون سحرها بعد أن كان للفم سلطته، كيف سيسود سوء الفهم في التواصل بسبب عرقلة الكمامة لمجرى الصوت وتحرفه في أذن المتلقي، أيضا أهتمم بالتغيرات الجيوسياسية الكبرى الممكنة لهذا الوباء، لقد وشمني هذا الكتاب، وأنا جد مسرور كون العنوان الذي أبدعته صار متداولا ومشاعا داخل المغرب وخارجه، حتى أنه اتصلت بي دور نشر أجنبية وأبدت رغبتها في ترجمة الكتاب.
14.ما الذي يريده الناس تحديدا من الكاتب؟
للناس فيما يريدون من الكاتب مذاهب، لكن أنضجهم يحبون أن يأتيهم الكاتب بالجميل المتفرد وفي نفس الآن يحضر في كل القضايا التي تشغل بالهم، لكن معظمهم يريدون من الكاتب أن يتحمل كل وزر العالم وأن يتولى مهمة تغييره، وحين يعتقد بذلك ويشرع فيه يصبحون أكبر معارضي هذا التغيير.. أعتقد أن هناك الكثير من الأوهام حول وظيفة المثقف في الدول الثالثية، علينا مقاومتها، على الكاتب أن يبدع في مجال تخصصه، وأن يكون محررا للناس من ربقة التقليد والجهل، أما التغيير فله رجالاته ونساؤه.. يكفيه شرفا أن ينير لهم الدرب.. المثقف العضوي نادر الوجود، رحم الله علال الفاسي وعمر بن جلون.
15.ما جدوى هذه الكتابات الإبداعية وما علاقتها بالواقع الذي نعيشه؟ وهل يحتاج الإنسان إلى الكتابات الإبداعية ليسكن الأرض؟
الإبداع بالمعنى الواسع لا ينحصر في بعد المكتوب، وقيمته في أنه يعلمنا فن العيش بشاعرية أكبر، ما يقدمه الإبداع للناس ليس مباني تأويهم من حر البرد، ولا لقاحات تصد الفيروس عنهم، ولا آلات تيسر لهم السيطرة على الطبيعة، ولا يصنع لهم رغيفا لاستمرار وجودهم.. ولكنه يقدم لهم ما هو أبهى في الوجود إلى جانب الأخلاق والدين والفلسفة، يمنحهم الحب والجمال، يمنحهم جوهرهم الإنساني الذي لا تحلو الحياة البشرية إلا به.
16.كيف ترى تجربة النشر في مواقع التواصل الاجتماعي؟
تغير الحامل فقط من الورقي إلى الإلكتروني، صحيح أن مواقع التواصل الاجتماعي عملت على إشاعة نوع من ديمقراطية الكتاب وحرية النشر والوصول إلى فئة أوسع من القراء في وقت أقل وبلا تكلفة، وهذا له جوانب إيجابية وسلبية أيضا، حيث تسمح حتى للغث أن يجب طريقه إلى النشر بلا رقابة أخلاقية أو فنية، لا أقصد الرقابة القمعية.
17. أجمل وأسوء ذكرى في حياتك؟
أجمل ذكرى في حياتي هي صحبة أبي رحمه الله، كان خير معلم لي لفن العيش والألفة مع الطبيعة وفضيلة التعايش مع الآخرين بشكل طيب، أما أسوأ ذكرى في حياتي فهي يوم فقدته.
18. كلمة أخيرة او شيء ترغب الحديث عنه؟
الكتابة ورطة جميلة ومكلفة، أتمنى ان يهبني الله العمر الذي أرى فيه الكتاب الذي أحلم به متجليا في كامل بهائه.

 

عن رضوان بن شيكار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!