الصحفية اللبنانية نجوى الغزال تحاورالشاعرة المهندسة غادة الحسيني

فراشة الملتقى
هكذا لقبتها الشاعرة البحرينية :منار السماك.
لماذا؟
ببساطة لأنها هي (الدينمو) والمحرك الفعلي لملتقى الشعراء العرب
في معرض بيروت العربي الدولي للكتاب 2022
كان لنا معها هذا الحوار
* * *

**الشاعره المهندسة غادة الحسيني التي (تهندس) الكلمات لتعطيها ابعادا تحاكي الزمان برمته ،أي منهما أعطى إضافة للآخر الشعر أم الهندسة؟

– إختصاصي هو الهندسة الداخلية وهذا المجال من الهندسة يفتح لك أفاقاً رحبة ليكون لديك زوق رفيع وإحساس مرهف ولمسات تعطي الدفئ ، والشعر في الأساس (إحساس) و(صنعة) هندسة للكلمات من باب الصنعة ثم يأتي الإحساس ليطفي على النص مسحة جمالية، ومن هنا يختلف شاعر عن شاعر حسب إمكانياته وتجربته الحياتية وعمق إحساسه.الهندسة أعطتني التهذيب العملي والشعر أخرج ما بداخلي من إحساس وجمال فكأنني بالهندسة بنيت بيتاً وبالشعر جملته .
يقول الشاعر :
الشعر هندسة كبرى تكاد ترى في النسج واللفظ منه روح” فرجار” والوزن للشعر روح وهي إن فقدت أضحى جمالا بلا حس كأحجار.
** متى كانت الشرارة الأولى التي أعطت الولادة للشاعرة الموجودة في داخلك؟

– كانت الشرارة الأولى بعد التفرغ من تربية الأولاد وجلوسي بالمنزل حاصرني الشعر وحاصرتني الكتابة والحقيقة إنني استفدت كثيراً
من حضوري لبعض الندوات الأدبية فالكتابة إحتكاك وممارسة ولكنها لم تدم طويلاً بسبب إنتشار وباء (كورونا)
فكان
العامل الثاني :
ألا وهو وسائل التواصل الاجتماعي، فوجودي بين مجموعة من الشعراء والكتّاب أعاد لي حضور الندوات بشكل مغاير، ومن هنا بدأت الشرارة وبدأت النشر ومع الممارسة أثقلت موهبتي بالقراءة والإطلاع ولي أن أقول :أن الشرارة بالنسبة للشعر والشاعر لابد أن تكون دائماً أولى ومتوقدة حتى يستطيع الشاعر أن يبدع دائماً ويظل نصه غضاً نديا .
** وجدنا أن للوطن حصة الأسد في كتاباتك وخاصة في ديوان ” متعب وجه الوطن” هل أصبح من الضروري للشاعر أن يوثق عشقه وحبه لوطنه في كتاباته؟
– الشاعر إنسان قبل كل شيء، ومن الطبيعي أن يتفاعل مع محيطه وخاصة وطنه الذي هو بيته وملجأه والذي يحيا فيه. الوطن يحيا بداخلنا فمن الطبيعي أن يكون الشاعر صوت وطنه ، آلامه، أفراحه، يعبر عنه وعن صوت الشعب وهذا ما يسمى في النقد ب( القضية) فلا يعقل أن يعيش الشاعر معزولاً عما يجري في وطنه فالناس مثلاً: يبحثون عن الخبز ولا يجدونه والشاعر يكتب عن (ليلى) وأحلامه التي تدور حول ذاته ونزواته لأنه وقتها يفقد المصداقية لدى القارئ ( فليلى) موجودة والحب موجود وهو أساس الحياة ، والشاعر بلا حب بستان بلا ماء لكن الحياة ليست ( ليلى) فقط
ولا ( قيس) فقط والشاعر الحقيقي هو من يتفاعل مع كل من حوله. فعلى سبيل المثال (ليلى) في ديوان ” المتنبي” شبه معدومة لكن شعره باق أبد الدهر لقوته وبلاغته وتجربته الحياتية التي عبّر عنها بإحساسه وتفاعل بها مع أحداث المجتمع العربي من حوله وأنظر إلى ” أمل دنقل” يكاد لا يعرفُ الناس من شعره سوى قصيدة ( لا تصالح) لماذا؟ ببساطة لأنها تفاعلت مع الواقع وعبرت عن المجتمع العربي ورفضه للصلح مع الكيان المغتصب.
يقول نزار قباني :
الشعر ليس حمامات نطيرها نحو السماء ولا نايا وريح صبا لكنه غضب طالت أظافره
ما أجبن الشعر إن لم يركب الغضبا

** لقد جمعتي بين الشعر والقصة والومضة فأبدعتي في كل منهم ، لكن السؤال أين تجد غادة الحسيني نفسها من حيث واقعيتها ؟

-أجد نفسي في الشعر لا سيما النصوص القصيرة أو ما يسمى بفن ” الومضة” لأنها صارت خفيفة المأخذ سهلة اللفظ قراءتها لا تستغرق وقتاً، وهو ما يتماشى مع طبيعة الجيل الحالي، لكنني بالممارسة إكتشفت أن لدي القدرة على كتابة القصة الصغيرة جداً فهي تشبه ” الومضه” كما اكتشفت أن لدي القدرة على النقد وهو نقد توضيحي لأنني لست متخصصة ولا متبحرة في النقد، وللعلم الأدب الحديث صار ( كوكتيلا) فالشعر فيه من القصة والقصة فيها من الشعر والمسرح متداخل بينهما والشاعر الحقيقي بالضرورة يستبطن النقد والشاعر أينما توجهه الموهبة فثم وجه الإبداع، لكنني أميل للشعر وأردد دائما : والشعر نور ونار والنفوس لها طبع الفراشات عشق النور والنار
ورُب ذي قلم أعطى لأمته ما ليس يعطيه فيها نهرها الجاري.
**ما هي الميزة التي تمتاز بها غادة عن شاعرات عصرها ؟ وكيف تسعى للتفرد وخلق هوية خاصة بها في هذة الزحمة من الشعراء والكتاب؟

أنا لا أميز نفسي فهذا متروك للقارئ والناقد لكنني للحقيقة أتعمد أن أحافظ على الموسيقى، لأننا وسط سيل من شعر النثر وأحاول ألا أزاحم أحدا فلكل لونه ، وقلمه والقارئ هو من يذهب إلى من يحب، ثم أن قضية الزحام وكثرة المنتج أضعفت الذائقة وأجلّت الإنتشار لدى الجميع فالمعروض أكثر بكثير من المطلوب لاسيما في عصر (النت) لكن تبقى الكلمة الصادقة المشعة بالجمال، المشبعة باللغة والإحساس تجد طريقها إلى مريديها
ولي رأي خاص في قصيدة النثر
كما يقول الشاعر الكبير :أحمد عبد المعطي حجازي
القصيدة الخرساء
وأن كان لي محاولات فيها :

قصيدة النثر مثل المشي جامدة والشعر كالرقص في ترنيم قيثار ورب حرف صغير الشأن يرفضه
والشعر كالرقص في سيقانِ أبكارِ
** اي من أعمالك الشعرية أو غيرها الأحب إلى قلبك ويختزن شي من شخصيتك؟

– طبعاً (للعشق أغنية اللهب)
ومضات
لأن فيه بداياتي وأفراحي وأتراحي أتكأت فيه على مخزوني الذي ظل حبيساً لأعوام وكنت أعبر فيه عن نفسي وعن حسي وعن شوقي وأحلامي.
فالديوان أول فرحتي كالمولود الأول له مكانة خاصة بين أبنائي لكنه مهما كثر الأبناء سيظل الأحب إلى قلبي فهو البكر والطهر والنبض والشوق الذي سافرت معه عبر رحلة سافرت فيها أبحث عن ذاتي فكان ” للعشق أغنية اللهب ” من دلني على ذاتي وأعاد إليّ حياتي.

** لقد شاركتي مؤخرا بمعرض بيروت العربي الدولي للكتاب 2022 الدورة 63 لتوقيع ديوانين شعريين لك فما هو أثر هذه المشاركة على الصعيد الشخصي وماذا ستضيف لمسيرتك الادبيه؟ وهل ستترتب على هذه المشاركة خطوات لاحقة عليك من حيث عدد الاصدارات ؟
معرض بيروت الدولي للكتاب حدث ثقافي جلل ويحرص الشعراء والكتّاب على المشاركة فيه كل عام، فهو حدث جلل وبالنسبة لي فرحتي لا توصف لأنني أول مرة أشارك فيه كشاعرة لأنني كنت أشارك كزائرة من أجل شراء الكتب والدواوين، لكن مشاركتي كشاعرة جعلني أثق بنفسي وأن أحرص كل عام على أن أكون متواجدة بين هذه الكوكبة من الشعراء والكتّاب وللأمانة فقد شاركت دواويني هذا العام في معرض القاهرة للكتاب ( ٢٠/٢٠٢٢) فكانت فرحتي كبيرة وخاصة أن معرض القاهرة الدولي للكتاب من أكبر معارض العالم وكنت أتمنى أن أكون موجودة بالقاهرة، لكن لظروف خارجة عن إرادتي منعتني أن أكون بين دواويني.

بالنهاية أشكر مجلتنا الغراء ورئيس تحريرها الشاعر :ناصر رمضان عبد الحميد
كما اشكرك من القلب (نجوى الغزال) على ما تبذليه من جهد وعلى هذا الحوار
الماتع.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!