سجنُ الذات للذات…..
كيفَ لمجتمعاتٍ متسلّطة أن تنتجَ عدلاً…. ؟
حينَ خرجْتُ إلى الطّرقات…. لفَحَتَني وجوهٌ تبحثُ عن وجوهِها…. ورأيتُ الأفواه الجائعة….
كان الجوع غولاً يلتهمُ الطرقات…. ويتسَلَّلُ من الأبوابِ والنّوافذِ …. ويسكُنُ الأرواح…. ويتخبطُ بينَ الأجساد…..
كان الجوع يزحفُ إليَّ….. اليهم… إليهنّ…. .
إلى أولئك الذينَ ولدوا وأولئكَ الذينَ لم يولدوا بعد….
كان الجوعُ شرساً….. يَتَسًَتَرُ بأجنحةِ اللّيل….
الجوعُ يلتهمُ عينَي ماسحُ احذية العابرين….
الجوع يلتهمُ سيدة أنيقة…. جائعة رغم أناقتها…… .
الجوعُ يلفُ الصّمت……
الجوعُ يلفُ الوجوه…….
….. يلًَفُ الشوارع….. التي تنهزمُ أمام أحذية العابرين…..
المدينةُ دهاليزُ القهر…..
.. يُعريها فجورُ المتسلقينَ الذينَ هم دونَ أقنعةٍ …..
اللّيلُ جوعٌ…..
الزنازينُ ممتلئة بالجوع والسلّاسل….
تابعتُ تساؤلاتي….. نظراتي….. كلماتي…..
ولكن……
أيقنتُ أن أقسى أنواع السجون هو سجنُ الذات للذات….
لم تدميني القيود…… لم يهزمني الجوع…..
رغم كل السجونِ التي تناوبَتْ عليّ والتي تناوبْتُ عليها……
كلٍ ما حًَدًَثَ…..
هو أنني كنتُ اتنقَلُ بسلاسةٍ من السجنِ الأصغر إلى السجنِ الأكبر…..
وما حاولْتُ يوماً الفرار من سجني…..