آفاق حرة للثقافة صحيفة ثقافية اجتماعية الكترونية
انتظرني …
حالاً وأنتهي
أصنعُ زورقاً من نار
الأطلسي والمتوسّط يعبرانني
وكثيرٌ من الأفكار
أنا اليوم في متوسّط عمري
تتوسّطني أحلامُ الصبايا
وسرّةٌ مقعّرة
مازال حبلها السرِّي يشدّني لبلاد على بعد آلاف
الأميال
وصالي بها مازال قائماً منذ آلاف السنين
عندما كنتُ صغيرة
كانت بلادي صغيرة
وكنْتَ أنت وقتها صبيّاً مهووساً في صنع زوارق
الورق صنعْتَ لي زورقاً من ورق شجر الصفصاف
وأجرَيْتَ له نهراً من قصيدة
هربنا فيه معاً إلى منابت الماء
كان الموجُ يتوالدُ من تلقاء نفسه
والزبد صار وقتها غيماً بلون الجلّنار
فماجَتْ بنا البلاد
نعومةُ الطين على ضفاف القصيدة
كانت كنعومة الموسلين على أغطية وأرائك البيوت في “باب شرقي”
حيثُ التقيتك للمرّة الأولى
خصوبة آمالنا حينها خصّبت بلاد ما بين النهرين
والهواء ما بيننا
قطع المارّون علينا كلّ شيء
قطّعوا البلاد
ونشوتَنا
قطعوا حبليَ السريّ
وكلّ أشجار الأرض
فقدت طيور سرّتي أعشاشها
هجّت ليلاً نحو السماء
ما هذي الأنجم التي نراها سوى بيوض في أعشاش
الفضاء
رأسي الآن دوّامة
دولابُ هواء
يتتبّع احتضار الشهب
وعيناي طيران من رماد
ككلّ ما بقي من تلك البلاد
أيُّ نجم يلتهب أكثر من رغبتينا
أيّ دربٍ يختصر زمن عبور المجرّة
من “صوْر” إلى “قرطاجة” مسافة نهار
والخفافيش خطفت الليل
وضعته تحت الحصار
عجّل
داهمَنا المستحيل
لم يبقَ منّي ومنك
إِلَّا وهجٌ
وقصيدةٌ مشتعلة ستُلقى عند عودة البلاد
ومع كلّ عودةٍ لِ “أليسار”!
