غمَّازَتاي / بقلم : وفاء المصري

 

 

اللتان تُظهران يُتمي كلما ابتسمتُ

كأيقونتين للحزن

اللتان كبئرين عميقتين

تستقبلان أمطار دمعي الأسود

وهو يهطل ملطخا وسادتي في الليل

اللتان كحفرتين لارتطام نيزكين بالأرض

تشوهان جانبَي وجهي في ألبوم صوري النادرة

اللتان كندبتين لجرحين قديمين

تهيجان نوستالجيا خاصة

أمام المرآة

اللتان كغيمتين شتويتين

آيلتان للدموع

اللتان كقطتين جائعتين

تنتظراني كل ليلة على باب القصيدة

اللتان كثمرتين غامقتين

تتدليان من شجرة فاكهة غريبة

تغري العصافير بنقر قشرتها

اللتان طالما استفزتا الأطفال في مدرستي الابتدائية

لمخاتلتي ورشْق سنون أقلامهم الرصاص

في اغورارهما المحرِّض

اللتان بسببهما صحوت مفزوعة ذات ليلة

على شياط خصلة من شعري

فيما يشعل أخي الصغير رأس قرطاس بسبابته

ويوشك علي غزه في خدي

اللتان كانت أختي الكبرى تمازحني

بوضع حبات البازلاء فيهما

ونحن نفرطها لأمي أمام المسلسل المعاد

اللتان حملتني كل مضايقات العيال بسببهما

على أن أحتفظ بوجهي مسطحا

أطول وقت ممكن

اللتان تفضحاني كشباكين مفتوحين أبدا

على سطح روحى العالى

بأصابع جين وراثي مجهول

اللتان لما فار جسمي قبل الأوان

صار الأولاد الواقفون على نواصي الشوارع البعيدة

يهمسون كلما مررتُ :

“غمازته سكَّر ! ”

اللتان لكمهما أخي السلفي

حين ضبطني متلبسة بقراءة  نجيب محفوظ

قبيل صلاة الفجر

اللتان لطمهما رجل يشبه “زكي رستم”

في “أنا كارنينا” المعربة

بينما كنت أشبه “ماجدة”

في “أين عمري”

( مما جعل ملاكا صغيرا

يزورني في مناماتي كثيرا

ويزرع فيهما نجمتين)

اللتان كثورتين لكل المقهورين

حُذِفتا من كل كتب التاريخ

اللتان كمشكاتين مظلمتين

في جدار بيت هجره عاشقان

اللتان كبحيرتين صغيرتين في الرمل

ترشحان الآن بمخزون دمعي

فيما  أحاول  بصعوبة

أن أبتلع أحجارا تسد حلقي

وتقف في طريق القصيدة

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!