*التنكيل والتطنيش أم التبجيل والتفخيم في ساحة الثقافة العربية الراهنة؟!

بقلم الكاتب والناقد السينمائي : مهند عارف النابلسي(عمان-الاردن)

 *فوجئت بالمعركة الساخنة وتراشق التهم والتشويه، فهناك كم كبير متنوع من التعابير الاستفزازية: “الدسيسة والمصح العقلي والميليشوي المستوزر”/تعبيرات شتم لبنانية/…ثم هناك المتلاعب والانتهازي والصحف والمواقع التافهة والمسؤول عن سخافة الرواية  التي أصبحت كالسيل المتدفق بلا رقيب أو حسيب للمستوى والجودة وذائقة القراء، وكذلك هناك الكتنبنجي الحكائي الذي يعاني من ما يسمى “اسهال الكتابة” ويعاني من نرجسية مستفحلة، كما تتحمل كثرة الجوائز المثقلة بالحوافز المالية والمعنوية وطممع دور النشر المتنافسة والمتكاثرة نصيبا كبيرا من تدني مستويات الكتابة والتسرع  في انجاز الكتابات ضمن قواعد محددة على حساب  الجودة والهدف  والمضمون والمغزى…الخ ، وأنا افجر الآن هذه القنبلة كما سبق وحذرت في مياه الثقافة  الهادرة والراكدة على حد سواء، تماما كما فجرها من قبلي الشاعر اللبناني الفذ “شوقي بزيع” قبل حوالي عقدين من الزمان،الذي فجر في حينه قنبلة في مياه الثقافة العربية الراكدة، وكشف ولو بغير قصد عن “احتقان هائل مكبوت” كالبركان الذي ينبثق راشقا حممه بعد حركة طبوغرافية بسيطة!

*وأتساءل أنا “القارىء المثابر والكاتب المجهول المتثاقف  والاستعراضي/النرجسي” الجريء الجامح: ماذا يستفيد الابداع العربي من مثل هذا الكم الهائل من التبجيل والنفاق الكاذب والتراشق الصارخ الهادر؟ وماذا نكسب من تعظيمنا للأعمال المزيفة الركيكة المكررة والسطحية والمقتبسة ومن تقزيمنا للابداع الحقيقي  الجميل الاستثنائي المتميز  الساطع، ثم ماذا ستقدم لنا هذه المعركة الخفية الحافلة بالتبجيل والتفخيم والتقدير أو بالتقزيم والتشويه والتجاهل والنسيان؟

*لهذا اسوق  هنا القصة المعبرة التالية: فمنذ سنوات تم تشكيل فريق من الشباب اللامعين (في جامعة وسكونسن الأمريكية)، وتم اختيارهم من اولئك  الذين يتمتعون بمواهب أدبية كتابية فذة، والمرشحين أصلا لأن يصبحوا شعراء وروائيين أو كتاب مقالات…حيث كانوا متميزين في قدرتهم الابداعية على استخدام اللغة الانكليزية، وكانوا يلتقون بشكل منتظم لتبادل القراءآت والنقد، ولكنه كان نقدا صارما لا يرحم ولا يجامل ،وليست كبعض منتداياتنا الروائية التي تركز على حسنات الكتابة الروائية وحسب وتجامل الكتاب  على حساب المضمون السردي والمستوى الأدبي…وقد سموا انفسهم بالشانقين ” “اصطلاحا” ربما لأنهم  يشنقون ضحاياهم أدبيا ويطمسون مواهبهم”…وكالعادة فقد استاءت النساء وبعض الموهوبين المشاركين، وقرروا الخروج وتشكيل ناد مواز اسموه “المجادلين أو المناقشين”، وكانوا يتبادلون القراءآت والنقد، ولكن بطريقة ايجابية تحفل بعبارات ” التشجيع والاطراء”، كما لا تغض النظر عن الأخطاء والهفوات والثغرات. وأتذكر هنا ضمن السياق كيف اكتشفت مدرسة اللغة الانكليزية /الأمريكية-اليونانية الأصل/حينها في معهد اليرموك الثقافي بعمان قبل اكثر من عقد ونصف تقريبا موهبتي الكتابية وأصرت على منحي شهادة كاتب محترف ما زلت احتفظ بها مع أن ذلك ليس من مهام اختصاصها، وعندما قلت لها أنا اكتب بالعربية أشارت لموهبتي الكتابية الظاهرة في اللغة الانكليزية أيضا ، مع أني كنت قد ارتكبت العديد من الأخطاء اللغوية في مقالات الانشاء المطلوبة للنجاح والتدريب  بالدورة، فهكذا فهم يكتشفون المبدعين فورا  ويقدرونهم ، فيما لا أحد رسميا (غير رابطة الكتاب المبجلة وبعض أصحاب المواقع الفاخرة كموقعكم مثلا اضافة لبعض الكتاب والشعراء القليلين المتفهمين المثقفين ) يقتنع بي محليا ككاتب مقالات او كناقد سينمائي أو حتى كمؤلف كتب (نظرا لاستفحال الشللية المهيمنة على الوسط الثقافي الكتابي) مع أني كتبت مئات المقالات المتنوعة وأصدرت ثماني كتب في الجودة والسينما، حاز كتابين منهما على جائزة أحسن كتاب للعامين 2005 وحديثا للعام 2021 من جامعة فيلادلفيا الموقرة وتسلمت الدروع في حفل مهيب انعقد في المركز الثقافي الملكي بعمان كما كسبت مكافأة مالية جيدة اغنتني عن لؤم وتهرب الناشرين عن دفع مستحقاتي. وأعتقد ان سبب تهميشي هذا يكمن  ربما بكوني غير شللي وغير مجامل وضعيف في العلاقات العامة والترويج لنفسي وربما لسبب آخر اجهله والله أعلم!

*وعلى ذكر المقاطعات والاعتراضات  الاخرى  (غير القدس العربي ورأي اليوم /المتواجدتين في كوكب المشتري وليس الأرض/ والمذكورين أدناه بالتفاصيل) ، فقد قاطع مقالاتي  أيضا على مر السنين: كل من مدراء تحرير مواقع “عود الند وعين على السينما والجسرة وصوت العرب  وموقع ثقافات “الغير جزائري” وكذلك الجزائري مؤخرا ؟ والمثقف المهجري  وغيرها من المواقع التي لا أذكرها /وكلها موجودة في كوكب بلوتو وليس الأرض/، وذلك لأسباب معظمها سخيفة وسطحية تافهة  وتدل على “الحقد “العربي الجاهلي” الأصيل”، علما بأني كنت من منطلق التسامح والطيبة وفتح صفحة جديدة قد كتبت رسائل اعتذار قوية لهؤلاء المدراء المبجلين “المتعالين- المغرورين” عن أخطاء  وحماقات لم أرتكبها بحق هؤلاء المتنفذين في هذه المواقع، لكنها لم تلقى أي صدى واعتبار (حيث لا وجود لمثل “اهل السماح مناح” في عرف هؤلاء المتنفذين الحاقدين وربما المرضى النفسيين المتغولين)، وهذا مؤشر على “سخافة ونزق وربما تفاهة وسطحية ” هؤلاء الأشخاص الافتراضيين (القاطن بعضهم في كوكب المشتري البعيد حتى لا أتعرض للمسائلة القانونية)، ويعتبر بمثابة مؤشر للتربية العربية/الجاهلية العائلية المبنية على الضغينة والانتقام  والاستقواء للأسف، والتي تمنع العرب عموما كشعوب وحكومات من الوحدة والتآزر والتألق  وبدء صفحة جديدة كباقي الامم والحضارات !  وهذا بالحق “مؤلم وصادم ومحبط ” ولا حول الا بالله العظيم. علما بأنه تهربا من المسائلة القانونية وتبعاتها فاني اعلن هنا أن كافة هذه المواقع ليست “أرضية” بتاتا بالاضافة لموقعي “القدس العربي ورأي اليوم” المذكورين ضمن السياق ، بل هي مواقع تقع بكوكبي “المريخ والمشتري” ، وقد تشابهت الأسماء بالصدفة البحتة فقط فأرجو المعذرة والاعتذار…وخاصة مع بدء سريان قوانين المتابعات القضائية الالكترونية وتحشد قضاة ومحامين فاسدين لمثل هذه القضايا والمتابعات بلا حس اخلاقي مهني وضمير حي متفاعل؟!

* وبعد مضي حوالي عشرين عاما، تبين وجود فرق شاسع بين مصير أعضاء المجموعتين، فلم يحقق اعضاء الفريق الأول أي انجاز ادبي متميز، بينما انبثق عن المجموعة الثانية أكثر من ستة كتاب.مرموقين.: وعطفا على الوضع  المحلي لمثل هذه الحالات المماثلة ومن خبرتي المتواضعة : فهناك كافيه متخصصة لمناقشة الروايات يدريرها متثاقف يرغب بالمال والشهرة لقوته المنسية في جبل يقع بأحد اقمار كوكب المشتري البعيدة المنسية: وقد شاهدت حضورا قمع مدير ندوته الروائية المتحذلق الفيلسوف الملحد وهو يقمع منقبة فاتنة  لمجرد اعتراضها على كثرة تبجيل الصهيوني المفكر الروائي كونديرا…فيما رغبت  السيدة المثقفة بسماع نقد لافت  لروايته فحسب، وقد واجهت عداء صوتيا من قبل أزعر متثاقف لمجرد دعمي لوجهة نظرها اثناء خروجي من الندور السخيفة ولم يلقى هذا المتبجح اي تانيب من صاحب “الكافيه شوب” المتثاقف حينها؟ وعندها قاطعت ندوته كليا غير نادم أبدا!

*ونعود لقصتنا الأصلية: فلقد خنق أعضاء المجموعة الاولى بعضهم البعض بلا رحمة تحت تأثير النقد السلبي الجارح، بينما ساعد اعضاء المجموعة الثانية بعضهم البعض لابراز مواهبهم الأدبية وصقلها، حتى تمكنوا من فرز بعض الكفاءآت الأدبية المتميزة، والتي ساعدها التشجيع على الابداع المتدفق والتميز في مجال ادبي واحد: وليس كمثل حالة مبدع شاهدتها بالأمس على التلفزة بعد مقابلة مع مذيعة جميلة لكاتب روائي شهير غزير الابداع : فقد تبين انه ليس روائي شهير كحسب كما نعتقد نحن جمهور القراء العتيد: بل هو شاعر ومؤرخ وفنان تشكيلي وكان قادرا ان يصبح موسيقيا شهيرا أيضا لو اتيحت له الفرصة السانحة أثناء نشاته في المخيم، وقد نسي سعادته في غمرة تعداده لمواهبه الابداعية أنه أيضا كاتب مقالات فاخر تكرس له “القدس العربي” /الأمازيغية- العطاردية وليست العربية-اللندنية/ مقالا اسبوعيا طويلا يصول فيه ويجول ويتحدث فيه عن أي موضوع “طريف” باسهاب ظريف، واللهم لا كيد ولا غيرة  وتحاسد مبطن …وأستفسر فقط عن سبب  تطنيش هذا اليومية اللندنية المقرؤة لمقالاتي بعد أن تغيرت ادارتها وقد سبق وكتبت فيها مقالات لافتة لعشر سنوات تقريبا وبدون ان أتلقى اي تقدير وتنويه وكأني ابعثر فكري وقلمي وموهبتي في الهواء ، وكذلك فعل موقع “رأي اليوم” “العطاردي” الشهير  وحظرني واعتبرني شخصا متوفي بعد أن ظهر نعي مؤثر لي بل ومحزن حقا من قبل ناقد عراقي مبجل لسبب أجهله ولا أعرف مصدر معلوماته المغلوطة؟! هكذا فصاحبنا المبدع اعلاه (وغيره من النرجسيين الشغوفين بذواتهم وكتاباتهم) متعدد المواهب بل اسميه اصطلاحا بمتفجر المواهب والامكانات ولا تتسع له دنيا الأدب والثقافة بعد ان ترجمت وستترجم رواياته لعدة لغات ونال جوائز مستحقة عديدة  لذا فهو يعتبر بجدارة متعدد ومتفجر المواهب ، ولم يعجبني بالحق اطلاقا عندما انهى حديثه الجارف عن مواهبه بطريقة استفزازية قائلا : “اللي الو عندي ايشي يعترض” هكذا كأي رجل عامي متنمر ومجوف برغب بالتحدي واثبات الذات! وهكذا فقد بدا لي هذا الكاتب ” الافتراضي” الفذ المبدع “سرحان طقعان الولهان”/الذي يحمل جنسية المشتري/ (والذي ينطبق عليه بحق المثل الشعبي الدارج) وهو بالفعل مثل “الهجين الذي وقع في سلة تين”، فرجاء أيها المبدعين الكبار المبجلين الأكابر الموقرين: رجاء فالقليل من التواضع الجم  ضروري هنا احتراما للجميع ولبعض القراء الحساسين المثقفين المتربصين مثلي ،وكذلك حتى تحافظوا على صورتكم البراقة لدى مجمل القراء الشغوفين: فتعلموا رجاء من اليابانيين المبدعين في كافة المجالات تقريبا واللذين لا يعرفون الا التواضع والبساطة وينسبون ابداعاتهم للمجتمع والبيئة الحاضنة والظروف المواتية، وعلى كل فقد بدا لي “سعادته” مغرورا للغاية  ويقدر ذاته بطريقة ربما “انتقامية” نظرا لنشأته المتواضعة في مخيم فلسطيني/قمري في الشتات (وقد تطرق لسيرة طفولته وحياته في المخيم برواية جديدة “طفحت” بالاطراء والتبجيل أيضا…لكن بالحق فبدلا من أن يكون ذلك مصدر فخر له (كما يحدث مع أبطال فلسطين الشهداء الشجعان حاليا)، فقد كان مصدر “تعقيد” له للأسف،  .كما أشار سعادته لمواهب اخرى له ستظهر تباعا مع امتداد العمر وانفجار العبقرية الأ دبية، التي لم تستنفذ بعد مكامن  تواجدها في عقله الفذ  ولم تستنفذ كافة الفرص المتاحة بعد! كما بدا لي كزير نساء خفي (غير وسيم اطلاقا ) عندما أشار بفخر لأن نسبة القراء من النساء تصل لسبعين بالمئة  وآللهم لا غيرة  ولاكيد وحسد وانما استعراض لحالة روائية عملية عموما بلا مبالغة  وتشويه ونقد وتجريح واستعراض ذميم؟

*كما شهدت ندوات اشهار عديدة  غلب على معظمها التبجيل والتفخيم والمدح والثناء وصولا للادعاء الكاذب بأن الله جل جلاله وتعالت قدرته قد أهدى ذلك الكاتب الفذ “مظلة حماية ربانية” ملازمة له في حله وترحاله ودعى كافة عباده الصالحين لكي يغمروه بالود والتقدير والمحبة,,,هكذا مع حقيقة تواضع بعض الطروحات الأدبية والمعرفية وسخفها واستفزازها للحضور الكريم حتى أن باحثة دكتورة  “فهيمة وخبيرة في مجالها الاستشاري” التطبيقي في “الجودة” توقعت أن تهيمن اسرائيل على المنطقة بعد ثلاث عقود اذا ما استمر الوضع الراهن المتردي من جميع المناحي حسب وجهة نظرها (وكأن دولة الكيان المحتل الدخيل ليست مهيمنة على المنطقة  حاليا وخصوصا مع تهافت دول التطبيع والسلام الابراهيمي المزيف؟)مما استدعى استهجان  الجميع ومنهم رئيس الندوة المبجل وصولا لحراس المركز الثقافي  “الزحلي” اللذين علموا بخاتمة كلامها ! كما يقال أن روائيا/قمريا  “ثريا”  متواضع المستوى ويكثر من اصدار الروايات /المكررة الخطابية/ بلا كلل أو ملل حيث يقال أنه “يستكتب” بالمال الوفير  دكاترة ونقاد جامعيين  (من المغرب والمشرق) للكتابة عن رواياته وصب الثناء على محتواها وتحميلها ما لا تحمله من اشارات وتكهنات وسمات ابداعية !

*هناك نكتة معبرة تقول ان شخصا سأل المسؤول عن التعذيب في الجحيم يوم القيامة عن سر تركه المذنبين “العرب” تحديدا بدون جلاد يحاسبهم ويتولى تعذيبهم، فأجاب المسؤول بدون تردد: هؤلاء القوم لا يحتاجون لجلاد لأنهم يعذبون بعضهم البعض بأنفسهم بل “ويستمتعون” في ذلك!

*فلماذا يسود هذا الوضع الكريه المتناقض المأزوم في أوساط المبدعين العرب؟ ربما لغياب  رأي عام ثقافي-أدبي ، ولكثرة تفشي حالات الشللية والانتهازية والوصولية والنفعية والتي يصعب حصرها ، كما لهيمنة “أنصاف المثقفين” /الواصلين- المسقويين-/ على المشهد الثقافي بلا حسيب أو رقيب أو متابعة ومسائلة، ثم لوجود كثرة عربية امية  (وربما متعلمة لامبالية) أو مغيبة لا ناقة لها ولا جمل، ومعظمها منغمس في ثقافة رديئة سائدة تعتمد الأدب الركيك والفن الرخيص والمسلسلات التافهة المتكاثرة…والله أعلم. فهذه كلها أراء شخصية وقد تكون مغلوطة ومتسرعة وغير متزنة ومبنية على الغيرة والحسد والعياذ بالله!

   

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!