كتب محمد فتحي المقداد. إضاءة على كتاب “ليل وأيل”

لآفاق حرة

إضاءة على كتاب “ليل وأيل”. للكاتبة” سماح وصفي” Samah Wasfi

بقلم الروائي محمد فتحي المقداد

مقدمة;
الكلام والكتابة والنقد فضيحة كاشفة، وستُسقى ما في الدنّ؛ فإما أن تختمر وتستلذ أو يذهب عقلك وتقع، من هنا تتبدّى للمستمع وللقارئ دواخل المؤلفة “سماح وصفي”، من خلال خواطرها المنثورة في كتابها “ليل وأيل”، لترسم صورتها المُتخيّلة بكلماتها الأنيقة المُتواردة بتواثبٍ روحيٍّ ونفسيٍّ شفيف، بأبعاد إنسانيّة ناطقة بأحوال التوهُّج والخُمول، والفرح والحزن، وفي الثّبات والحركة.
جاءت خواطرها على محملِ لُغةٍ مُتقنَةٍ، سطّرت رُؤاها الخبيئة النفسيَّةَ والروحيَّةَ والشخصيَّةَ؛ للتعبير عن حاضرِها ومُستقبلِها، بلهجة آمِرةٍ مُباشِرةٍ مرّة، وأخرى تقريريّةٍ، بنهج خطابيٍّ إرشاديّ وتعليميّ لسرديّة بَوْحِها الأدبيّة بمستويات مُتقاربة، وبتفاوتات تتَّسعُ وتضيقُ. *(إيّاك أن تجعل رصاصة الماضي تُصيبُ حاضِرَكَ، وتُشوِِّه مستقبلكَ. رَمِّمْ جروح الماضي، وقاتِل الحاضر؛ لتخرُجَ للمستقبل مُنتصرًا).
كما أن بعض نصوصها أفصحت بين طيّاتها عن دلالات قصصيّة، لكنها بقيت مُتمسّكة بجذورها ولم تبعد عن مسار الخاطر.
وفي بعض نصوص أخذت منحى المقالة: *(في طفولتنا كنّا نلعبُ ونُمثّلُ أنَّنا أمواتٌ؛ لنرى من سيخافُ علينا ونضحك؛ ها قد كبرنا الآن، وأصبحنا نُمثّلُ أنّنا على قيْد الحياةِ، ونحنُ نموتُ من الدّاخلِ، ولا أحد يعلم بالحروب التي تندلع في ذواتنا. كم أنتِ غريبةَ أيَّتُها الحياة ؟!!.. نحيا ونموتُ فيكِ، وكأنّنا ما حَيينا).
وعن سبب اختيارها لكلمة “أيل” شريكة لكلمة “ليل” في العنوان “، فتقول في مقدمة الكتاب; (وأما الأيل؛ فهو الغزال وليس أيّ نوع من الغزلان، وهو دلالة الجمال بكلّ أنواعه، ولا يدلّ على شيء سوى الحب والحبيب والرفيق والأنيس، والأشخاص الذين تعلقنا بهم وتغلغلوا في أعماق قلوبنا وأجسادنا وأرواحنا).

خلال مطالعتي لكتاب “أيل وليل” الذي برأيي الخاصّ أنّه: دليل على “سماح” المُجتهدة، التي اشتغلت على إعداداتها، لتكون اسمًا فاعلًا على السّاحة الأدبية، وكذلك دليل على سعة اطّلاعها وثقافتها الاجتماعية بأبعادها الواعية، كما اتضح بجلاء خطاب الذات للذات الداخلية للكاتبة، وخطابها للآخر المُغاير لها وذاته الأخرى الداخلية كذلك. ويُحسب للكتاب استخدام تقنية تعدُّد الأصوات داخل بعض النُصوص، وكان ذلك ظاهرة لافتة للانتباه.
وتجدر الإشارة إلى بعض رُؤى الكاتبة ذات المنحى الفلسفي، ممّا أضاف أبعادًا جماليّة تأخذ القارئ إلى رحاب تأويلات واسعة. قرأتُ بشغف ومتعة كما قرأ غيري، ولكن ليس بالضرورة موافقة الكاتبة بآرائها الخاصة التي سطّرتها في كتابها، وتبقى الآراء عُرضة للتداول والنّقاش، الحجة بالحجة والرأي بالرأي بهدوء بهدف الوصول للحالة المُثلى، بالحوار الهادئ نرتقي. ونلتقي.

9/5/2024

عن محمد فتحي المقداد

كاتب وروائي. فاز بجائزة (محمد إقبال حرب) للرواية العربية لعام 2021م. الروايات المطبوعة هي تشكيل لرباعية الثورة السورية. -(دوامة الأوغاد/الطريق إلى الزعتري/فوق الأرض/خلف الباب). ورواية (خيمة في قصر بعبدا)، المخطوطات: رواية (بين بوابتين) ورواية (تراجانا) ورواية (دع الأزهار تتفتح). رواية (بنسيون الشارع الخلفي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!