لآفاق حرة
قراءة لمقال:
لماذا أيها المطر؟. للأديبة: مها أبو لوح .
بقلم : يوسف فايز ابداح .
استهلّت الكاتبة مقالتها مناجية المطر الذي تعشقه عِشق الأرض الظمأى لقطراته ، فهو يجلب لها الفرح والسعادة، حالها كحال الكثير من الفلاحين الذين يرقبونه بشغفٍ جزيلٍ ، وحبٍ عظيم .
لقد اختارت الكاتبة المطر في مقالتها ، فجعلت منه الأيقونة الرئيسة دون سواه، فهو رمز للخير والعطاء ، ونموذج للكرم والوفاء ….
كم من شاعرٍ شبّه ممدوحه بالمطر في سخائه وجُوده ! فهو يجود على الأرض الواسعة بقطراته لتُنبِت غاراً وأقحواناً ، ويُلبسَ الأرض ثوبها الأخضر المُزركش ، مختالةً به ومتباهية كعروسٍ ليلة زفافها …
لقد جسّدت الكاتبةُ المدينةَ فتاة جميلة لم تعرف الشيخوخة طريقها إليها ، ورأت فيها أنوثة ناضجة، مما جعل المطر عظيم العشق لها ، وأبى إلا أن يُقبِّلها ، فتزداد به إعجاباً ، وله غنجاً يُترجمُ أنوثتها الكامنة .
لقد تناولت الأديبة الرمز والتلميح في أسلوبها تارةً، والبَوْح َ والتصريح تارة أخرى ..
فما المدينة تلك ، ولا الفتاة هذه إلا الشام ، بتراثها العظيم ، وتاريخها العريق .
كانت الكاتبة عظيمة العشق لوطنها المكلوم، فجعلت منه فتاة معشوقة ، يُقبّلها العاشق الذي ازداد لها حباً ، وبها وَلَهاً ووجْداً ، وازداد الشعراءُ بها إعجاباً ، ولها حِداءً وغِناءً ….
سلام من صبا بردى أَرقُّ
ودمعٌ لا يُكفكفُ يا دمشقُ
لقد أجادت الأديبة المُبدعة مها أبو لوح ، وهي تنسج لوحة جميلة للوطن ، مشيرة لخيره الوفير بالمطر ، ولجماله بالفتاة الحسناء التي يتسابق الشعراءُ والعاشقون لقربها .
صاغت الأديبة مها تلك المعاني الواسعة في مدلولها ، بعبارات سهلة وقصيرة ، أدّتْ ما ترنو إليه من حبّ وطنها الخيّر المِعطاء ، مُجيدة الإفصاح عن ذلك في سطرها الأخير بأسلوب إنشائيّ ، مُستعملة( كم الخبرية ) للدلالة على الكَثرة في زحام الحب الذي تحمله لوطنها ، متمثلة قول الشاعر :
بلادي وإن جارتْ عليّ عزيزةٌ
وأهلي وإنْ ضنُّوا عليّ كرامُ
قدمت الأديبة مقالتها للقرّاء ، وهي تنتقي مفرداتها المناسبة ، لتضعها في مكان يليق بسموّ الفكر ، وجمال اللغة ، وروعة الأسلوب …