كونشيرتو القصيدة قراءة نقدية في قصيدة ( مخاض جسد مختال) للشّاعر قصي الفضلي بقلم – الأديبة نجاح إبراهيم

 

بقلم – الأديبة نجاح إبراهيم

في قصيدة ( مخاض جسد مختال) النثرية للشّاعر قصي الفضلي، ثمّة رصدُ مشهد لامرأة ذات جسد حوى ما حوى من انفعالات تشبه الكونشيرتو ، حيث هو مزيجٌ من ألحان متماوجة الوقع ، إذ نلحظ في هذا الجسد قلقاً سارحاً ، وشغفاً ونشيجاً مخبوءاً ، صاحبته امرأة تحملُ كلّ هذا لتقوله دفعة واحدة دون أن تنبس بكلمة ، تمرّ بوجه رجلٍ تقطفُ منه ما تريد ليكون أضمومة حلم ، أو ندى يلامسُ المسام.
الفكرة جميلة ، فيها وجعٌ بائن، كون المرأة تعيشُ في مجتمع شرقي ، لذا عليها أن تتقنعَ بعباءة سوداء تخفي معالم جسد لاهب، وبالتالي هي محاولة لإخفاء مشاعر ، ولكن هل استطاعت هذه الستارة العاتمة أن تغطي انفعالاتٍ شديدة الإيقاع؟!
في النصّ وحدة عضوية جلية، وأبعاد دلالية وجمالية واضحة، يحاولُ الشاعر أن يسهم بقدرات فنية ليأتي بوجه مشرق ، محاولاً اختيار اللفظة المعبرة ، والعبارة الدّالة، والصادقة في آن.
لهذا وجدنا فيضاً من صور تواكبُ اقتناص موفق للحظة حياتية التقط الشاعر ما هو جميل ومؤثر، حيث مدّت القصيدة بالرّوح والرّغائب مما جعل روح الشاعر تفيض بشفافية مرهفة.
نصٌّ جميل كما قلتُ زاخر بصور مأخوذة من واقعنا العربي والمستمدة عناصرها من الحياة ، رسالة الشاعر واضحة في استنهاض أسلوب ماتع ، محاولاً تفعيل اللفظة الشعرية ، وفتح أفق للتفسير وإشاعة معبر من الأسئلة.
في قصيدة ( مخاض جسد مختال)قضت الرّغبات على ناموس الصّمت وجعلت الكلام دون كلام يُقال، فتشهد الأعين مخاضاً. استطاع الشاعر أن يحمل “كاميرا” شديدة الدقة ليلتقط مشهداً سريعاً لكنه مؤثر للغاية ، يحفر عميقاً بسكين ليترك سيل الأسئلة يندفع .
ماذا بعد هذا المخاض المحيّر؟
ولم لم ينعتق الوليدُ من الرّحم؟ وإنّما بقي على قيد حلم.
أهي شريعة مجتمعاتنا التي تتباهى بقيود جسد مختال، حاول كعصفور نبت جناحاه وظلّ مستغرقاً في اشتهاء حركة الطيران ، أم أنّ حلمه ما جاوز الرّفرفة؟!.

” مخاض جسد مُختال “

نص : قصي الفضلي

تعاني مخاض البوح
ببقايا وجه منفعل
يرسم حدود الظل في بقايا النهار
جسدها :
المُختال مُندمج في خبل تَأَمُّلاَتِه
يستقبل الغروب مستغرقاً بذات القلق السارح
يفتح شراع الْشَغَف
يلْهث هائما ً خلْف ما نَزَفَتْه ذاكرة الكبْتِ
يجر خلفه خيباته الموشومة على صدر الشفق
تباعد أطياف شهقات وَلهَى
صوب أفاق مجهولة ،
تستل من ضلع اللحظة
” تفاحة ” وحسرة الف سؤال …..؟
يستفز دقات قلبه بإمعان
يشد الوجد
يمنع الاقتراب من فتح شهية الرحيل ,
هَمهَمَ نبضُها بلغةِ الغمُوض الشفيف
يتَهَجَّدَ رغم غياب بوابة الفجر
يداها ترتجفان تعزف مقطوعة
على بندول إيقاعٍ تشظى نشيجه ..؟
تلوح كلماتها مشوبة بالشك
تلقِّي تحية بلا معنى ..؟
تتوارى مفرداتها خلف قلبها المرتجف
خجلا وحبا
تلوذ كلماتها خلف صوتها المأزوم
قالت : كل شيء دون كلام
أمعنت : عيناها في البحث عنه
تاهت .. وراحت تقرأ تعابير وجهه المتلهف لحرفها المبتور
بحثت عن بقايا الطهر في عينيه
وجدت في حناياه …. كل شيء
وغابت مع بقايا حلم

عن نوار الشاطر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!