أرح عقلك قليلاً / بقلم: د. علي الدرورة

نجتهد بكلّ ما أوتينا من قوة لنحقق الآمال، وخلال عام كامل ابتدأناه في يوم 1 يناير وانتهى في آخر يوم وهو يوم 30 ديسمبر، لست أدري ماذا حقق فيه الكثير من الناس، وهكذا كلّ عام.
هل حصل هؤلاء على الملايين من النقود؟
وهل خسروا أقاربهم؟
هل حققوا إيجابيات جديدة؟ وما هي؟
إنه عام 2021م، لقد مضى بكلّ تبعاته، فما الذي حقّقناه نحن للغير ولأنفسنا؟

عام 2021م مثله مثل السنوات التي سبقته، وهكذا تتكرّر الأعوام تباعاً!
قد نطرح بعض الأسئلة وقد تكون حادة نوعاً ما، أو قد تكون سمجة لامعنى لها، ولعلّها تكون غالباً خفيفة الطرح، ولكنّ الإجابة عليها صعبة جداً بل صعبة للغاية!.

خلال عام مضى (2021) هل حقّقنا آمال إنسان فقير أو يتيم؟
وهل ساعدنا محتاجاً، وقضينا حاجته، وساعدنا مكروباً وأغثناه في كربته؟
وهل ساعدنا إنساناً في أيّ مجال؟
وما أكثر الأسئلة التي تبدأ بهل؟
هل غرسنا الجمال في نفوس الآخرين؟
فهناك من يتذوقونه فيكبر ذلك الجمال وتكبر معه الأرواح؟
هل كسبنا أصدقاء جدداً، أم خسرنا بعضهم!.

كلّ تلك الأسئلة قد لا تهم ولا تعني شيئاً للبعض؛ لأنّ العام يمرّ كما مرّت عليه الأعوام الماضية، دون أن ينجز كثير من الأشخاص شيئاً أبداً، ولا يهمّه أن ينجز شيئاً فهو يعيش خارج الزمن!، وغير محسوب على التاريخ.

بين فترة وأخرى يحتاج الفرد منّا إلى فترة انقطاع عن الناس الذين هم حوله، هذا الانقطاع قد يقصر وقد يطول، ولكنّه يُعدّ استراحة محارب كي يشعر الإنسان من إذابة جبل الجليد الذي بني حوله رغماً منه ودون رضاه، فالحياة مليئة بالهموم ولا نستطيع الهروب منها مهما وضعنا أنفسنا في بروج عاجية.
وكما أسلفت القول إنّ الإنسان يحتاج إلى تلك النقاهة ليخوض معترك الحياة من جديد وبقوة وحيوية جديدة.

إنّ تكريس أيّ شخص وانغماسه في معترك الحياة يسبب له بلادة ومحدودية في التفكير إلى أبعد حدّ، وقد أدرك علماء النفس هذه النقطة وسلبياتها من الداخل.

العقل المبدع هو الذي يميل إلى الاستراحة في الطبيعة أو الالتقاء بها بين حين وآخر، حيث تشير دراسات إلى أنّ الراحة من وقت إلى آخر تمكن الإنسان على المزيد من الإبداع وفرص العمل، وحيث إنّ الذاكرة تكون أكثر فاعلية وانفتاحاً من ذي قبل، وأكثر دقة وتركيزاً وأكثر استجابة وهنا لا يوجد فروق بين الجنسين في الأداء من ناحية التأثيرات.

السنوات تمضي ولا نسأل ماذا حصدنا في تلك السنوات؛ لأنّ السؤال في أول يوم من العام ليس مهمًّا، ولا يمكن أن يطرأ على بال أحدنا، ولأنه غير مهتم بالإجابة، فهو لا يتم بالحصاد!.
فالمزارع هو الذي زرع ويسأل ماذا حصد أو ماذا جنى خلال الموسم؟!.

إنّ من يتركون عقولهم جامدة لا يكلّفون أنفسهم شيئاً فهم يعيشون في راحة وانسجام، وليتهم يتركون عقولهم قليلاً لترتاح وتعاد له الكرّة إلى العمل بجدٍّ ونشاط وحيوية، بل يعطون عقولهم البيات الشتوي الطويل الذي يأخذ عدة فصول من الراحة.

هل أدركنا الآن المسافات بين العقل والاستراحة؟!.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!