الباحثة السورية “رنا علايا” تنجح في الإكثار النسيجي للزعرور أحادي المدقة لأول مرة في سورية

إعداد : د. أسيل مصطفى الأزعط

يعد نبات الزعرور من المصادر الوراثية الهامة التي يمكن استثمارها لأغراض عديدة, فهو أصل جيد للإكثار؛ حيث يمكن أن يتوافق مع طعوم أصناف العديد من الأشجار المثمرة كالتفاح والإجاص، كما أنه يتحمل الظروف البيئية القاسية, هذا، فضلاً عن قيمته الطبية الكبيرة لاحتوائه على العديد من المركبات الفعالة مثل عديدات الفينول والقلويدات والزيوت عطرية والفيتامينات، وهو عبارة عن شجرة نفضية قليلة الارتفاع (3-6 م)، أوراقها بيضوية مقسمة إلى فصوص، تجتمع أزهارها البيضاء في نورات مشطية جميلة المنظر، وثمارها بيضوية حمراء.
تعاني أنواع الزعرور البرية في سورية من خطر الانقراض نتيجة النشاطات البشرية المختلفة مثل القطع والرعي الجائرَين والزحف العمراني واستصلاح الأراضي.
يعد الزعرور من النباتات التي يصعب إكثارها بالبذور بسبب دخولها في حالة سكون مضاعف يتعلق بكل من الجنين (سكون فيزيولوجي) وغلاف البذرة (سكون ميكانيكي)، مما يستلزم تنضيدها لفترات طويلة وتعريضها إلى معاملات مختلفة لكسر سكونها، كما تبينت صعوبة إكثار الزعرور خضرياً بالتعقيل والتطعيم، ومن هنا برزت الحاجة إلى إكثار النبات نسيجياً (في الزجاج in vitro) لحمايته كمصدر وراثي والحصول على أعداد كبيرة من الغراس السليمة الخالية من الأمراض خلال مدة زمنية قصيرة.
أجرت الباحثة السورية “رنا علايا” تجارب الإكثار النسيجي لنبات الزعرور أحادي المدقة Crataegus monogyna Jaco. في مختبر زراعة النسج النباتية في قسم علم الحياة النباتية في كلية العلوم بجامعة دمشق، وذلك في إطار إنجاز بحثها المُعدّ لنيل درجة الماجستير في علم الحياة النباتية بإشراف الأستاذ الدكتور “سليم زيد” من القسم المذكور، والدكتور “وسيم محسن” الباحث في الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية بدمشق.
قامت الباحثة بجمع الطرود النباتية من منطقة الربوة بدمشق، ومن ثم أنجزت عمليات التعقيم السطحي للبراعم الخضرية والزراعة الأولية على وسط MS (Murashige and Skoog).
تم إكثار النموات الخضرية على وسط MS مضاف إليه منظمات نمو مختلفة، وتمت بعدها عمليات التجذير والأقلمة.
شملت الدراسة 40 عينة نباتية (مكرراً) لكل معاملة إكثار, و20 عينة نباتية ( مكرراً) لكل معاملة تجذير، علماً أن التجارب كررت ثلاث مرات, وتم تحليل البيانات باستخدام برنامج SPSS 22 عند مستوى المعنوية 0.05.
توصلت الباحثة إلى أن أفضل طرائق التعقيم السطحي للبراعم هو استخدام محلول هيبو كلوريت الصوديوم 10% مدة 10 دقائق، أو محلول كلوريد الزئبق 0.1 % مدة دقيقة واحدة، حيث تم الحفاظ على حيوية البراعم؛ ووصلت نسبة البراعم الحية إلى 83.3 %.
بالنسبة لعدد وطول النموات الخضرية فقد تبين أن أفضل المعاملات المطبقة هو MS11 (MS+1.2µM IAA+ 2.2µM BAP) وMS24 (9.2µM Kin + 1µM IBA MS+ +0.8µM GA3)، وأن استخدام الجبريلين GA3 بتركيز 0.8 µM أدى إلى زيادة معنوية في عدد وطول النموات، أما التركيز المرتفع منه (2.4 µM) فقد كان تأثيره سلبياً.
بالنسبة للتجذير فقد تبين أن استخدام إندول حمض الخليك IBA أفضل بكثير من استخدام نفتالين حمض الخليك NAA لدى الزراعة على الوسط R5 ذي التركيب (MS + 19.7µM IBA)، أما بالنسبة لتأثير معاملة إضاءة/ ظلام في التجذير فقد تبين أن حضن النموات الخضرية المزروعة في أوساط التجذير مدة 7 أيام في الظلام أعطى نتائج أفضل بكثير من معاملة الإضاءة / ظلام (16 ساعة إضاءة و 8 ساعات ظلام).
تكللت تجارب الباحثة بنجاح عملية الأقلمة والتي استغرقت أربعة أسابيع ووصلت نسبة النباتات المتأقلمة إلى 80%، وذلك بفضل توفير الشروط اللازمة لإنجاح هذه المرحلة الحساسة من ضوء وحرارة ورطوبة، حيث تمت الزراعة في أصص تحتوي على تربة عقيمة مكونة من التورب والبرليت بنسبة 1\2 (حجم \حجم)، نقلت بعدها النباتات الجيدة إلى البيت الزجاجي ثم إلى الحقل وزُرعت في حديقة كلية العلوم بجامعة دمشق حيث استكملت نموها بشكل جيد، وبهذا أمكن إنتاج غراس سليمة ومتشابهة بتركيبها الوراثي ومطابقة للنبات الأم وبأعداد كبيرة خلال فترة زمنية قصيرة. والجدير بالذكر أنه تمت زراعة مجموعة من النباتات المتأقلمة في محافظة السويداء ذات الطبيعة الجبلية والواقعة جنوبي سورية، وقد تابعت هذه النباتات نموها وأخذت شكلها الشجري رغم قساوة المناخ هناك، الأمر الذي يدل على نجاح كبير لتجارب الإكثار النسيجي لهذا النبات.

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!