“البحر من ورائكم ، والعدو من أمامكم” / بقلم: دالية زرعيني.

طارق بن زياد  من القادة البارزين الذين سجلوا أسماءهم في صفحات التاريخ ، فاتح الأندلس ،

على يده  قامت دولة للمسلمين في بلاد الأندلس المعروفة الآن بإسبانيا و البرتغال ، وقد ظلت تلك الدولة قائمة هناك ثمانية قرون.

كان الحلم الأكبر الذي يراود طارق بن زياد هو اجتياز الماء إلى الجهة الأخرى واجتياح أسبانيا ، التي كانت تحت حكم ملك القوط (لذريق) .اتصل به الكونت “يوليان” وطلب منه المساعدة في فتح “الأندلس” وتخليص أهلها من ظلم القوط .

وبعد مراسلات مع الخليفة في الشام وافق الخليفة على ذلك. وقاد طارق بن زياد جيش المسلمين واجتاز المضيق الذي يفصل بين شمال أفريقيا وأوروبا، والذي أصبح يعرف فيما بعد باسمه (مضيق طارق بن زياد)، والتقى الجمعان بالقرب من نهر (لكه). ووقف طارق بن زياد يومها أمام جنوده وألقى خطبته المشهورة:

  • “أيها الناس أين المفرّ؟ البحر من ورائكم والعدو من أمامكم، وليس لكم والله إلا الصدق والصبر…”

هجم المسلمون على جيش القوط فدبّ الرعب في قلوبهم. أما قائدهم لذريق فلمحه طارق بن زياد وصوّب رمحه نحوه وأرداه قتيلا.

ما أشبه الليلة بالبارحة !!!

فها نحن اليوم نمرّ بنفس الاختبار،غير أن الفارق بسيط، فالعدوّ وراءنا والبحر من أمامنا.. ففي بلاد العرب ، إمّا أن تموت بالجوع والمرض والقهر في السجون والمعتقلات والمقابر الجماعية والقنابل والسلاح الكيماوي والبراميل المتفجرة،. وإمّا أن تركب البحر وتصارع الأمواج والرياح العاتية وتموت غرقا، ،. أضف الى ذلك طبيعة المراكب المهترئة والتي هي مُعدّة لحمل العشرات ، فيركبها المئات. فينقلب الأمل بحياة كريمة هادئة ،في أحسن أحواله الى أمل بالنجاة من الغرق.

قمة المأساة ، أن تجد نفسك في وطن لا تستطيع البقاء فيه، ولا تستطيع الخروج منه ، فالموت يتربص بك من كل مكان ، العدوّ يطاردك في وطنك ، ورائحة الموت تفوح في البحر أمامك ، لتجد نفسك بين خيارين، اما ان تموت في الحرب او ان تموت في البحر.

كم من الهاربين من الموت  في بلاد العرب ، قضوا في البحر   وأصبحوا وليمة شهية لاسماك القرش ، ووحوش البشر ؟؟

كم منهم خرجوا من بلادهم بحثا  عن أمل في حياة  كريمة هادئة   ، وجدوا أنفسه ضحايا  الابتزاز والسلطات الجائرة،وتجار الاعضاء وسماسرة استعباد الاطفال وتشغيل الفتيات والنساء والاطفال بالدعارة؟؟؟

كم منهم عائلات وأفرادا ، وقفوا على ضفة البحر قبل أن يصعدوا المركب وتذكروا أن التاريخ يعيد نفسه، وأن الاختبار هو نفس الاختبار:

“البحر من أمامكم والعدو من ورائك

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!