(( المسرح تاريخ وبدايات )) إعداد وتقديم : نوار الشاطر

يعتبر المسرح من أقدم وأهم الفنون الإنسانية التي عرفتها البشرية ، والتي بدأت باستعراض الاحتفالات والطقوس الدينية حيث وجد الباحثون مخطوط لمسرحية دينية مصرية كتبت قبل 2000 سنة ق.م، تؤرخ لقصة الإله أوزوريس وبعثه وهو المكلف بمحاكمة الموتى في الأساطير الفرعونية.
كما أكدت الدراسات التاريخية أن الدراما الإغريقية تعد أصل النشأة وملهمة التأليف المسرحي في قوالبه الغربية ، واستطاع المسرح الاغريقي والروماني واليوناني أن يثبت وجوده من خلال عدة أعمال ملحمية كان لها أثرها في ذلك الزمن من خلال سوفوكلوس ويوربيديس وأرسطوفانس وسينيكا و بلاوتوس .
يخبرنا التاريخ القديم أن أول شاعر أثيني مأساوي كان Thespides (القرن السادس قبل الميلاد). حدث أول انطلاق لمأساته (اسمها غير معروف) في ربيع عام 534 قبل الميلاد ،في عيد ديونيسيوس العظيم، يعتبر هذا العام هو عام ميلاد المسرح العالمي ، كما يعد مسرح ديونيسوس أقدم مبنى مسرحي ،وكان إله صناعة النبيذ والنباتات والطبيعة يحظى باحترام كبير من قبل الإغريق ، لذا تم تكريس طقوس العبادة لديونيسوس ، والتي تطورت تدريجياً إلى مآسي حقيقية وكوميديا، تحولت الاحتفالات الطقسية إلى عروض مسرحية حقيقية.
ثم جرت تطورات على المسرح لكنه كاد أن يندثر بسبب معارضة الكنيسة ليظهر نوع آخر من المسرحيات الدينية، كمسرحية ‘الأسرار’ و ‘المعجزات’.
أصبحت الدراما الكنسية أحد أشكال الفن المسرحي في أوائل العصور الوسطى ، في محاربة بقايا المسرح القديم ، ضد الألعاب الريفية ، سعت الكنيسة إلى استخدام فعالية الدعاية المسرحية لأغراضها الخاصة.
في القرن التاسع ، كان القداس مسرحيًا بالفعل ، وقد تم تطوير طقوس لقراءة حلقات من الأساطير حول حياة المسيح ودفنه وقيامته. من هذه الحوارات تولدت الدراما الليتورجية المبكرة كانت هناك دورتان من هذه الدراما – عيد الميلاد ، الذي يحكي عن ولادة المسيح ، وعيد الفصح الذي يحكي قصة قيامته.
لكن مع الوقت استمر المسرح تدريجياً في الانفصال عن الكنيسة وموضوعاتها الدينية ليتأثر بحركات الفكر والفلسفة وإحياء العلوم.
أما العرب عرفوا المسرح في الشام منذ منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، وبالضبط في سنة 1848م عندما عاد مارون النقاش من أوروبا إلى بيروت فأسس مسرحاً في منزله فعرض أول نص درامي في تاريخ المسرح العربي الحديث هو” البخيل” لموليير، وبذلك كان أول من استنبت فناً غربياًجديداً في التربة العربية.
ثم خطا أبو خليل القباني بالفن المسرحي خطوة إلى الأمام بتطويع الموروث الشعبي إلى المسرح مثل: “ألف ليلة وليلة” وجعل الفصحى لغة للحوار، ثم هاجر من دمشق إلى مصر حين أغلق مسرحه سنة 1884 م.
كان لأحمد شوقي الفضل في تأسيس المسرح الشعري العربي، فقد درس الفن المسرحي أثناء إقامته في فرنسا ،وتجسدت تجربته في المسرح من خلال عدداً من المسرحيات الشعرية منها : “البخيلة” ، “علي بك الكبير” ، “مصرع كليوباترا” ، “مجنون ليلى” ، “عنترة” .. وغيرها ودفع فيها بالفن المسرحي دفعة قوية إلى الأمام .
ثم ظهر توفيق الحكيم الذي درس القواعد الرئيسة للمسرح في فرنسا دراسة جادة ، وانتقل من المسرح التاريخي إلى المسرح الاجتماعي ، ثم إلى المسرح الذهني الذي يعالج قضايا مجردة ، مثل : علاقة الإنسان بالزمن ، أو علاقته بالقدر ، وأهل الكهف من مسرحيات هذه المرحلة ثم أتبعها بأكثر من سبعين مسرحية.
بعد توفيق الحكيم تطور الفن المسرحي على يد جملة من الأدباء ، ورجال المسرح ، مثل : علي أحمد باكثير ، عزيز أباضة ، صلاح عبد الصبور ، سعد الله ونّوس وغيرهم.
ومن بين رواد أبي الفنون، يمكن أن أذكر الطيب الصديقي، مسرحي مغربي، مخرج، ممثل ومؤلف والذي يعتبر من أبرز المسرحيين المغاربة ومن أشهر المسرحيين العرب.
لعل الملامح الأولى لمسرح الطفل ظهرت من خلال” مسرح العرائس” الذي ظهر قديماً عند الفراعنة والاغريق ، حيث استخدم الكهنة دمية الإله أوزوريس لأداء أعمال طقسية في البداية ، كان مسرح العرائس مجرد طقوس .
وهناك من يؤكد أن المغرب عرف مسرح الطفل منذ عام 1860م، عندما استولى الإسبان على مدينة تطوان، حيث مثلت فرقة بروتون مسرحية بعنوان “الطفل المغربي”، وذلك على خشبة مسرح إيزابيل الثانية بتطوان، وهي أول خشبة في العالم العربي وفى إفريقيا، وظهرت بعدها قاعة مسرح الأزبكية عام1868م، والأوبرا بالقاهرة سنة 1869م بمناسبة افتتاح قناة السويس في عهد الخديوي إسماعيل.
وعلى العموم فإن العروض الإبداعية الموجهة للأطفال هي ذات تاريخ عريق في ثقافتنا، وما خيال الظل ومسرح العرائس إلا بعض تجلياتها.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!