المعرفة وحقيقتها / بقلم : خالد الهذلي

  مفهوم المعرفة :المعرفة قد تأتي  بمعنى العلم وقد تأتي  بمعنى الخبرة وهذا المعنى في المفهوم العام المتعارف عليه للجميع.
• أما حقيقة المعرفة في البعد الأعمق والبعد الخاص بمعرفة النور والحق فهي شيء أخر  وبعيد الإدراك والمنال إلا أننا نحاول أن نطوف من بعيد حول حقيقة المعرفة هذا المصطلح الراقي جدا فالمعاني اللغوية في ساحة المعارف الإلهية ليست بشيء.
 •أما المعرفة في البعد الإنساني الذي نعيش فيه في الأفق الاعتيادي فهي غير العلم لأن العلم هو صور تنطبع في الذهن ومعلومات تختزن في الذاكرة على شكل  صور وإشارات تتمازج مابين المخ والدماغ ومابين العقل باعتبار أن المخ يمثل الجانب الجسدي للعقل فالعقل كما تعلمون ليس في البدن فالعقل اشعاع في الروح وهو قدرة نورية مودعة في الروح.
•أما الروح فيها من القدرات المعنوية والنورية ومن بينها قدرة العقل كما أن فيها قدرة القلب والقلب يتجلى ويتجسد جسدياً في داخلنا والذي نختزله بين أضلاعنا فالقلب هو ذلك الجسم والمضغة الصنوبرية الشكل التي تكون قاعدتها إلى الأعلى ورأسها إلى الأسفل وهو مضخة الدم التي نحتفظ بها في صدورنا وبين أضلاعنا.
•هذا القلب هو الذي يتمازج مع الروح و يشرق منه معنى الوجدان ومعنى العاطفة وتتأجج فيه المشاعر والأحاسيس والمحبة والبغض وغيرها من المعاني وهناك يختبيء الضمير الانساني ذلك نعبر عنه بأنه صوت الحق الذي يختبيء في طوايا القلب الذي هو جسد لحقيقة القلب المعنوي في الروح فقلب الإنسان الحقيقي في روحه وعقله .
•إن الانسان يتجلى جسدياً  في هذا الجسد  وحقيقته في روحه من وراء الجسم فقلبه كذلك وعقله يتجسد في المخ  إذا   العلم هو صورة تنطبع في الأذهان وتوجد لها إشارات  وأمواج  مرسلة إلى المخ وبالتعانق مابين القوة الروحية القادرة على التمييز وهي قدرة العقل ومابين طواياوصفحات المخ هناك تكون الصور العلمية أما المعرفة فهي أبعد من ذلك .
•فالمعرفة صور تنطبع في الذهن و العقل في أعلى درجات الوضوح وفي نفس الوقت تنطبع في القلب والوجدان فهذه هي المعرفة هي صورة واضحة جداً في العقل مع صور واضحة جداً في القلب وحينما تتعانق هذه الصور في  نفس الوقت وبنفس الدرجة وبنفس المرتبة فتلكم هي المعرفةلأن الصور العقلية هي في حقيقتها صور جامدة خالية من البعد الوجداني والمعرفة هي علم ووجدان وتلك هي حقيقة الإيمان .
• الإيمان معرفة والمعرفة إيمان فالإيمان  ليس عقلياً وليس قلبياً  فهو  سر عجيب وخلطة لاتماثلها خلطة إنها  مزيج مابين العقل والوجدان حيث تنطبع الصور والحقائق في عالم العقل و تتجسد بإشارات ذهنية تنقل  هذه الصور.
 •هذه الإشارات تنقل إلى عالم فسيح  عجيب لاأملك حقيقة عبارات وجمل وشرح لوصف هذا العالم إنه عالم الوجدان ذلك العالم الذي يتواصل مع الله سبحانه وتعالى فهناك تنطبع الصور وحيث ماتعمقت تلك الصور واضحة وجلية تعانقت مع صورها مع النسخة الأخرى في العالم العقلي الروحي هناك هي المعرفة وهناك الإيمان .
•لذا فالإيمان قدرة ادراك تختلف عن قدرة الادراك العقلي وعن قدرة الادراك الوجداني وإذا أردنا أن نكون منصفين في القول فالإنسان  يمتلك  قدرة العقل ويمتلك قدرة الوجدان ويمتلك قدرة الإيمان وبقدر مايتم التواصل بين العقل وبين الوجدان ينشأ الإيمان الذي يحاسب عليه رب العزة وبه يكون التعامل مع الله سبحانه فالإيمان  يترعرع وينمو إلى الدرجة التي ينطمس فيها العقل في الوجدان والوجدان في العقل فذلك هو اليقين وهذا المعنى هو مايبلغه ساداتنا الأولياء  فاعبد ربك حتى يأتيك اليقين وهو معرفة العلم الأول  والعلم الآخروهذا هو معنى المعرفة باختصار  شديد بحسب الأفق الإنساني الاعتيادي وأفق السادة أولياء الله تعالى.
إذاً الكشف والمشاهدة والفتح يجتمعون في المعرفة وهذه المعرفة إما ربانية أو شيطانية .
• أما العلم بث مباشر لاينقطع أبدا ًوهو بمثابة نقل تلفزي مباشر تلتقطه الأرواح كما تلتقط أجهزة  التلفاز البث فتتحول إلى صور بعد أن  وصلتها إشارا  فتتحول تلك الإشارات إلى صور مباشرة يحللها العقل ويخزنها في الذهن.
فكلما كانت الروح نقية وقوية تنبعث منها أنوار العقل فتستوعب ما ببث من الله عز وجل ويسمى ذلك التلقي ،قال تعالى في سورةالبقرة:
(فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ )
 • الروح تصفى بمادتها ومادتها النور الصافي من عالم الأمر فهي لاتعمل إلا بإشارة من عالم الأمر  قال تعالى في سورة النحل :
 
{وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) } 
وقوله تعالى في سورة القصص:
{وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ۖ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (7)}
 وبما أن الروح تحن إلى عالمها النوراني الرباني فهي سريعة التلوث إذا أدخلنا عليها مادة أخرى مثل النور المزيف والعلم المزيف والقول المزيف وإذا سقيناها من النور الملوث يصيبها العمى والفتور والكسل فتمرض فتخرج عن عالمها الأصلي  .

عن نوار الشاطر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!