تصنيف الرجال/ بقلم :عبد يونس لافي

هكذا صنَّف الفراهيديُّ الرجال

 وإليك يا ابْنَ عَمّي – دونَ مقدماتٍ –

كلامًا قالهُ الخليلُ بنُ احمدَ الفَراهيدِيِّ في تصنيفِ الرجالِ،

قبلَ ما يقرُبُ من ثلاثةَ عشرَ قرنًا،

لكنَّهُ تصنيفٌ مُعاشٌ في كلِّ زمانٍ ومكان.

 يقولُ هذا العالِمُ البصْرِيُّ الهُمام،

إمامُ اللغةِ العربيةِ واستاذُ اساتيذِها،

وواضِعُ أُسُسِ العَروضِ لما تداولَ الناسُ من قريضٍ ويتداولون:

 الرجالُ أربعةٌ، قلتُ من هم يا إمامُ قال:

  1. رجلٌ يدري ويدري أَنَّه يدري،

قلتُ: ثم ماذا؟

قال: فذلك عالِمٌ فوقِّروه.

قلتُ: سمعًا وطاعة،

ما قلتَ يا سيِّدي إلّا حقًّا، وَلِمثلِ هذا يَلزَمُ التقديرُ والتوقير.

 رجلٌ يدري ولا يدري أَنه يدري،

زِدْ

قال:

فذلك غافِلٌ فنَبِّهوه،

قلتُ: وَجَبَ التنبيه.

 رجلٌ لا يدري ويدري أنَّه لا يدري،

وما الحالُ مع هذا؟

قال:

ذلك جاهلٌ فَعَلِّموه،

قلت:

نسعى ونُحاول.

 رجلٌ لا يدري ولا يدري أَنه لا يدري!

قلتُ يا لَلْمُصيبة!

قل يا سيدي:

قال: فذلك أحْمَقٌ فاحْذَروه.

هَزَزْتُ رأسي ثم قلتُ:

حَذِرْتُ منه وَحَذَّرْتُ يا إمام؛

لكنَّهم كُثْرٌ في زماننا هذا ولا ينفع التحذير.

 يا إمامُ وليس هذا فحسبُ، انهم يتصدَّرون،

وفي رقاب الناس يتحكَّمون.

اما اولئك الذين يدرون، ويدرون انهم يدرون،

فإنَّهم مبعدون او خلف القضبان يقبعونَ يرزَحون،

أو هُمو مُهَجَّرونَ في بقاعِ الأرضِ، رغمًا وقهرًا،

مُشرَّدون.

 قال: حَسْبك أيُّها التلميذٌ،

لا استطيع أن ابكيَ الآنَ،

ولكني اوصيكَ إن بكيتَ فابْكِ مرَّتين.

 فَكّرْتُ مَلِيًّا وقلتُ لَعَمري ذلك تصنيفٌ رائعٌ،

عليك يا ابْن العمِّ ان تحفظَه،

فإن الْتَبَسَ الأمرُ عليك، وصَعُبَ أن تَتَذَكَّرَ، فافْرِضْ اَنَّ:

+ =  يدري
=  لا يدري

فيكون:

  1. وصف الرجل (العالم) الذي يدري ويدري انه يدري هو: (+ + +)
    أي: ( يدري، يدري، يدري).

فإذا ما رأيتَ السيدَ (+ + +) فقف إجلالًا ولا تتردَّدْ.

 وصف الرجل (الغافل) الذي يدري ولايدري انه يدري هو: (+ –+)

  1. أي: ( يدري، لا يدري، يدري).
    لكي تتذكر عليك فقط أن تعكِسَ الاشارةَ الوسطى للتصنيفِ الاوَّلِ ليقابلَكَ السيدُ (+ – +) فتأخذهُ برِفْقٍ وتُنَبِّهه عَلَّهُ ينتبه.
  2. وصفُ الرجلِ (الجاهلِ) الذي لا يدري ويدري انه لا يدري هو:
    (– + –)

أي: (لا يدري، يدري، لا يدري)
اعكِس الاشارةَ الاولى والاخيرةَ في التصنيفِ الاولِ لتُقابِلَ الجاهلَ المسكينَ (– + –)  فترفق به وتعلمه.

  1. وصفُ الرجلِ (الأحمقِ) الذي لا يدري ولا يدري انه لا يدري هو: (– – –)

أي: (لا يدري، لا يدري، لا يدري)
اعكس اشاراتِ التصنيفِ الاولِ ليأتيكَ الاحمقُ (– – –) فلا تُضِعْ وقْتَكَ معه، ولا تنسَ ان تحذَرَ منه.

 وعند ذاك اذا ما سألكَ سائلٌ كيف تُصَنِّفُ الرجال؟ فقل بلسانٍ فصيحٍ:

الرجال اربعة:
1.  (+ + +)
2.  (+ – +)
3.  (– + –)
4.  (– – –)

 وعندها عليك ان تَسْتَعِدَّ اذا ما قيلَ لك:

أخَرِفْتَ ما هذا الهَذَيان؟

وحينها اِبدأ الدفاعَ بالتوضيح والتعليل،

فالْمُهِمُّ انك لا تنسى تصنيفَ عمِّكَ البصْرِيِّ الخليل.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!