جوارب /  بقلم يوسف بولجراف (المغرب )

آفاق حرة

هناك مجتمع جوارب بكل الألوان يعيش في إمارة تحكمهم أميرة ، قد يقول البعض أنه مجتمع محظوظ يعيش السعادة الكاملة ، مجتمع مختلف بكل الأصناف و متعايش لكن أحدا لا يشبه آخر رغم التنوع و الرقعة الجغرافية الموحدة  لن تجد واحدا منهم أو واحدة مرتبطة بأخرى تشبهها  ، أو لها أخت توأم ، تعيش في طمأنينة ، سكون و راحة تامة ، دون عناء أرجل تحملها و توسخها بعد مدة ! و الأصل  أن  كل   واحدة منهم كانت  بالزوج و لم تكن  بالفرد   و السبب  راجع إلى  السياسة التي تنهجها  دولة هانم صاحبة  الشأن العام  و الإمارة   ، السلطة الحاكمة في ذلك المجتمع ،” التي اشترتهم ” تسيرعلى مزاجها  عشوائية  عشاقة ملالة مزاجية و لا تكترث لهمّ  جواربها جواربها و هي  حرة  فيهم و نحن ما يهمنا  !   لا تكثرت   لتنظيم العلاقات  ولا تهتم بكل زوج  على حدة  عندما تنتهي منه تضعه مع الغسيل يرمى في آلة التصبين   يغسل و بعد التخرج جديد يلمع  لا يوضع في مكانه الصحيح و لا يرتب فيكتب عليه أن يعيش العطالة التقنية رغم جماله حتى يتلف ما جاء به من دور ، و على الرغم أن  دولة هانم عندما تحتاج  زوج جوارب تلبسه لا تجده فتنزل لاستقطاب جوارب “رِجل عاملة “جديدة و المزيد حسب رغبة يوم أو ليلة ثم تتركه مع الشعب الآخر يعوم بحره ، في النهاية نحن أمام إنفجار جواربغرافي من  صنف و لون  لا يصلح لشيء بسبب إهمال  دولة هانم لهم  و عدم العناية بكل زوج على حدة و ترتيبهم جيدا  راجع لسوء  التخطيط   ! و  حتى و إن لمسنا حب  دولة هانم  لهم في الأول  مايلخص الأزمة التي يعيشها الفكر عندما يتحدث عن الأزمة و نرى عكس مظاهرها بوجود فائض كماليات تفوق الحاجيات الأساسية ، متى نتحدث عن أزمة و الفقير المضقع يمتلك حاجيات إستهلاكية لا علاقة لها بالفقر و هذه إشكالية كل الملابس الموجودة في الدلاب و التي كلها أو أغلبها واحدة فقط ثم أحيلت للتقاعد الإجباري ، تبقى رهينة  الذل  تحت  رحمة  الفطريات الثوبية أو  تنسى إلى الأبد و إن كانت محظوظة فهي تنشر في إحدى  الأيام المشمسة  بين فصلين ، حتى يتسنى عزل إختصاصها مع مدة صلاحيتها ، و إن كانت أكثر حظا قد تحظى بالرعاية و التكفل عند أشخاص لا يعرفون قيمتها الأصلية  و لن تكون لهم   القدرة على إستقطابها في الأول ، ليس بسبب أزمة الفكر الذي يفكر في الأزمة ! لكن بسبب كماليات أخذت مكانها الضروري فيكتب عليها أن تشتغل على طول كل يوم تقريبا و في أي وقت و لا تحظى بوقت للنظافة و الإستحمام أو الراحة في ظروف إجتماعية جد مزرية دون أية حقوق حتى تصبح رث أسمال بالية … المهم و هو الأساس  المثل الدارجي  عندنا يقول  ” الجديد له جدة و القديم لا تفرط فيه”  الإهتمام الدائم بالإنسان  هو الرأسمال الحقيقي ، مجتمعات وصلت لأنها استثمرت في الإنسان جعلته اللبنة الأساس و أخرى قبعت في التخلف لأنها  أهملته و قدمت عنه أولويات أخرى هو في الأصل  من يصنعها !

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!