حاجتنا إلى التسامح/بقلم/ خديجة مكي آل كويل

كم نحن في حاجة ماسّة لنشر التسامح بيننا وبين الآخرين في كلّ زمان ومكان لنحقّق أنبل الأخلاق على الإطلاق.
ونبل الأخلاق يدلّ على صفاء القلوب، ورجاحة العقل، ونقاء السّريرة، ويدلّ ذلك على النفوس الكبيرة، فسمو الأخلاق هي الرقي بالروح، والرقي إلى درجات عليا من النورانية.

فما أجمل وأروع الإنسان عندما يميل ويجنح إلى السّلم والتسامح بين الناس ويعفو عن زلاتهم، وهفواتهم، ويظنّ بهم الخير، وهو يعلم أنّهم بشر مثله، يخطئون، وليس معصومين من الزلل والخطأ، فكلّنا خطاؤون وخير الخطائين التوابون.
وعلينا ألّا نحمّل الآخرين الخطأ وكأنّهم ارتكبوا جرماً لا يغتفر، وبالتالي لا نصفح عنهم ونبقى نحمّلهم أخطاءهم إلى الأبد.

إنّ بعض البشر وللأسف الشّديد يحقدون على غيرهم سنين طويلة ولا يغفرون زلّاتهم ولا يسامحون هفواتهم وأخطاءهم ولا يعطون فرصة لتصحيح أخطائهم وكأنّ ما ارتكبوه يوجب دخول جهنم! بهذا السّلوك نحن كبشر نرتكب خطأً كبيراً في حقّ أنفسنا وفي حقّ الآخرين.

وهنا نجدهم يعيشون في أجواء الحقد والكراهية والبغضاء لسنوات طويلة وهم يحملون في أنفسهم ذنوباً كثيرة قد ترهقهم بدون أن يشعروا وأنّهم بذلك يدمّرون أنفسهم وعقولهم من التفكير الدائم والإرهاق العقلي في كيفية الانتقام من الطرف الآخر وكان بإمكانهم اختصار المسافة بالعفو والتسامح والبُعد عن العداوة وتحميل النفس فوق طاقتها.

قال تعالى: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: 40].
فليت أمثال هؤلاء الحاقدين وذوي القلوب السّوداء يتأمّلون عظمة هذه الآية الكريمة وما تحمله من معانٍ سامية ويطبّقونها في حياتهم بدلاً من نشر الكراهية والأحقاد التي يحملونها في قلوبهم، ويراجع كلّ فرد نفسه ويتأمّل في مفردة التسامح قبل فوات الأوان.

إنّ من البشر من إذا جاءه المخطئ ليعتذر إليه كابر وتجبّر عليه، ولا يقبل له عذراً ويرفض كلّ الاعذار بالصدّ والهجران والابتعاد للسنين طويلة، ونسي أنه بشر وليس ملاكاً نازلاً من السّماء.

فنحن بشر بطبيعتنا، وكلّ البشر يخطئون ويراجعون أنفسهم، ومع الوقت يشعرون بأخطائهم ويعتذرون ونقبل أعذارهم.
فلماذا لا نسامح بعضنا بعضاً ونعفو عنهم ونصفح عن الماضي، ونفتح صفحة جديدة كلّها حبّ وخير وسلام.

فالخصومات الطويلة التي لا داعي لها تدمّرنا وتهزّ كيان المجتمعات، من الداخل وتشوّش أفكارنا، وتمزّق قلوبنا، من دون أن نشعر، وتجعلنا في حالة قلق وتفكير مستمر وتجعلنا في تشتّت ذهني كبير وعميق.

ولكن بإمكاننا أن نختصر هذه المعاناة بالصفح عن الآخرين ومسامحتهم من القلب وإدخال الفرحة والسّرور على قلوبهم ورسم البسمة على شفاههم.

فليس هناك أجمل من التسامح والعفو عن الآخرين فإنه من شيم الكرام وأصحاب القلوب الرحيمة والنفوس العظيمة.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!