صائح في الكتابة(ألِّف كتابَك) / بقلم : بقلم الكاتب : سلس نجيب ياسين

 

اكتُب فيما تُجيد:

قبل التفكير في تأليف كتابك وإفادة الناس بالمعلومات، لا بد أن تحدد الميدان الذي بإمكانك أن تقدم فيه الإضافة اللازمة الفعالة.

لا يهم اتساع الموضوع وكثرة التنميق أو التأليف بقدر الإصابة والوضوح.

حدِّد جيدًا ما تتقن في مجالك، وما يحتاجه المجتمع مما تُتقنه.

الأشياء البسيطة التي تعلمها وتُدركها قد تكون مخفية لدى الكثيرين.

لا تحتقر معلومات وإضافاتك، واطرحها كما ترى وتحب.

اكتُب أكثر، اقرأ أكثر، يَسهُل الأمر:

تأليف كتابك ليس بتلك الصعوبة التي تتخيل، ولا بالسهولة المطلقة؛ حيث إن بعض العوامل تلعب دورًا في نجاحك في كتابته كما يلزم، ولا بأس من البداية بمقالات في مختلف المواقع الإلكترونية والثقافية، وكذا الجرائد المتاحة.

حاول أن تقف على أهم النقاط السلبية وتعالجها، يومًا بعد يوم تزداد ثقتك بنفسك وتُصبح تُبدع أكثر وتكتُب كذلك، ورافق بالعملية مضاعفة عملية القراءة والاطلاع؛ فمن شأن الاطلاع والتعلم من مختلف وسائط التواصل الاجتماعي – زيادةُ حجم الوعي والنضج المعرفي والفكري والعلمي لديك.

اقرأ قراءات متنوعة، واكتُب بطريقتك:

جميل أن تقرأ لأكثر من كاتب ولكل الكتاب النافعين، فهذا يزيد من حجم اطلاعك،ويُضخِّم رصيدك العلمي واللغوي، وكذا المعرفي، ويجعلك ترتقي في سُلَّم ودرجات العلم تدريجيًّا؛ لتزداد حكمتك ومعرفتك لنفسك وحدودك، وشساعة عالمك الجميل وامتداده.

القراءة للجميع تجعلك تعرف ما تقدر أن تبدع فيه وتكتب عنه.

حين تقرأ للكثير ستكون أنت الذي يقطف من كل بستان زهرة، وأنت المحلق بالمروحية التي ترى من تحتها جمال الطبيعة حينًا، والبحر في أخرى، وكذا المدن والبنايات، والناس بعدها، ستكون سيد قلمك، فاكتُب ما رأيتَه من حقيقة وخلصت له من جمال.

اكتُب بحب:

تأليف كتابك أو الكتابة بشكل عام ليست مجرد كلمات وجب ربطُها وإحضارها من أجل أن يقرأها الآخر، الأمر أكبر من هذا بكثير.

الكتابة تعلُّق وروح وحب، لإعطاء الآخر شيء مما نَملِك.

اكتُب وكأنك تتحدث مع الآخرين أكثر مما تريد أن تقدم لهم في كثير من الأحيان.

صدق وإخلاص المشاعر سرعان ما يتحول إلى تواتر الأفكار والعبارات.

ما تريده وتشعر به، وتريد أن تقدِّمه، سرعان ما سيفهمه الجميع.

اكتُب ببساطة:

ماذا إن قلتُ لك: مهما كنت ذكيًّا عبقريًّا، ولك من الرصيد اللغوي الكثير، ففي الكتابة سيلجأ الجميع إلى قاعدة مفادها: بسِّط أكثر تُفهَم أكثر.

الأفكار الكبيرة المعقدة سرعان ما تذوب تنصهر وتتلألأ في قالب البساطة والإصابة.

تذكَّر أن القارئ يحتاج إلى أن يَفهم قبل كل شيء، فاذهب إليه ولامسه بالطريقة المناسبة.

البساطة والإيجابية في الكتابة تجعل منها أكثر سطوعًا.

فهم تلك الأفكار المتواترة المتسلسلة الواضحة المفيدة أو الجديدة، يرغم على إكمال الكتاب.

كن موضوعيًّا، فأن تكون موضوعيًّا في الكتابة لا يعني بالضرورة أن تكون غير واقعي، أو غير متبع للمنهج العلمي، بل الأمر يتعدى ذلك ربما بقليل أو بكثير.

كما توجد شعرة بين العبقرية والجنون، توجد أيضًا بين ما تقدِّمه للقارئ وما تفرضه عليه.

كلما كنتَ موضوعيًّا في الطرح، سليمًا في الرؤية، واسعًا في الاستيعاب، مجيدًا لتقديمه – أحبَّك القارئ.

إن خاطبت الإنسان أو القارئ بشكل مباشر، فسيكون الأمر مثيرًا لحماسه، جالبًا لانتباهه.

انتمِ في كتابتك للعالم والمجتمع، ثم انزل تدريجيًّا، حتى تصل إلى بيتك لتلمس معظم القلوب.

اكتُب وكأنك كاتب كبير:

حتى لو كان كتابك الأول ولو كنتَ لا تملك اسمًا، ولا زلت في بداياتك، فانسَ الأمر، واكتُب وكأنك من الكبار، قد يبدو الأمر غريبًا، ولكننا سنشرح:
اكتُب بطلاقة وحب ومصداقية، وزوِّدْهم بالثقة والقوة اللازمة.

أظهِر ميزتك وشخصيتك في الكتابة.

لا تكترث بمدى نجاح الكتاب بقدر اكتراثك بما تطرحه من أفكار.

كلما كنت مقتنعًا متأكدًا من أفكارك، سهُل الأمر وتيسَّر أكثر.

اعرف ما تقول واضبط كلماتك وعبارتك.

كن عفويًّا في الكتابة حريصًا في أخرى، ووازِن بين الأمرين، وكن محيطًا جيدًا بما تكتب.

اكتُب بقوة ولطف:

الكتابة سلاح يُشبه سهم الحب الذي يرسل مباشرة إلى القلب؛ ليغذي العقل والفكر والروح،وعادةً ما يتحرك الجسد بعد ذلك، وإلا فكيف نبني الإنسان والمجتمع من دون قلم وحبر وكتاب؟!

وضِّح الأفكار ونظِّمها، وابعثها متسلسلة.

اكتُب وكأنك تحاور الآخرين في جلسة أصدقاء.

حاول الموازنة في الطرح بين ما لا شك فيه وبين ما تتركه للقارئ والنقاد.

اكتب وكأنك ترى الجميع والعالم أمامك دون استثناء.

اكتب وكأنك بين عائلتك ومجتمعك، وكأنك صديق قرائك المحبوب.

اكتُب بواقعية وجمال وتفنُّن:

جميل أن يملِك الكاتب أفكارًا جديدة أو ذكاءً، ورصيدًا لغويًّا كبيرًا، جميل ورائع أن يكون عبقريًّا، أو كما يقال: “العبقرية شعرة بين الجنون والعقل”، ولكن هل هذا كاف لصياغة كتابه المأمول؟!

اكتُب مباشرة، أو لِنَقُل: من دون غموض شديد وفلسفة زائدة عن الحد.

لا بأس من استعمال أفكارك التي تزيد المعنى وضوحًا.

جمال عباراتك في بساطتها وسلاسة طرحها، فلا تُعقدها.

تفنَّن وأبدع وأتقِن، واجعَل كل ذلك داخل إطار الفائدة والواقعية.

راعِ خصوصيات العصر:

لَمَّا كانت الكتابة مرهونة غالبًا بالمنهج العلمي، أو التسلسل في الطرح، وذِكر الحقائق اللازمة كما هي، فإن عصرنا اليوم اقترب فيه الإنسان برغبة نحو قراءة القليل المفيد، وبهذا قد تكون مطالبًا بـ:

الاختصار والإصابة.

الابتعاد عن التكرار قدر الإمكان.

تركيز المعلومات في قوالب أو مقالات صغيرة.

إحكام المعنى، وإتقان اللغة، وعدم الخروج عن الموضوع.

لا تتسرع في النشر:

من الطبيعي جدًّا أن تكون مملوءًا بالحماس، راغبًا في رؤية كتابك منشورًا في حُلَّته النهائية، فهو بمثابة الطفل الصغير الذي ربيتَه وتعبتَ من أجله، ولكن وجب ضبط الحماس بشيء من الرويَّة، فمن غير الممكن التعب على أفكار وكتابات، ثم تقديمها في قالب مشوش، فهنا وجب:

تنظيم الكتاب أكثر.

إعادة ترتيب الأفكار أو المقالات.

تصحيح ما يجب تصحيحه.

حذف وإضافة الأمور الواجبة، ويكون ذلك بتكرار القراءة.

تلقائيًّا سيتبين الأنسب:

عند إدمانك الكتابة بأنواعها، ولو على صفحتك الخاصة على الفيسبوك، ثم تطورك تدريجيًّا بمشاركة كتاباتك لمختلف المواقع الثقافية والجرائد والمجلات الورقية وغيرها، ستتجه مباشرةً للتفكير في تأليف كتاب تجمع فيه عصارة فكرك، واضعًا إياها في قالب رسمي بين يديك، ولتصل للأمر ستشعر:

أن كتابك يستحق الخروج للضوء.

أنه سيمثلك ويمثِّل قدراتك ومجهوداتك.

أنه لا مجال للتراجع في إكماله، والبحث عن طريقٍ لنشره.

أنك غلَّفت تاجك بالألماسات اللازمة لترصيعه بها.

اكتُب باهتمام:

أن تكتب بواقعية أو حتى لنقُل: واقعية مثالية، شيء جميل، وأن تخاطب عقول القراء مباشرة، وتعطيهم الدواء الذي يعالجهم، أمر مهم ومفيد، ولكن هل يكفي هذا الاتجاه والتوجه في الكتابة فقط؟

الحقيقة: إن أصناف الناس المخاطبة كثيرًا ما تختلف درجات الذكاء بينهم، وكذا أنماط الشخصيات، فمنهم العاطفية الحساسة، ومنهم الأكثر تعقُّلًا، فإن راعيت مخاطبة هذا وذاك، فسيكون نجاح كتابك أو ما تكتُب أكبر وأكثَرَ.

وازن في الطرح بين المنهج والتعقل، وكذا العاطفة؛ لتلامس كتابتك قلوب الجميع.

حافِظ على أسلوبك، وما تريد أن تطرحه من أفكار داخل الأسلوب الموضَّح.

اكتُب باعتدال:

إذا ما اعتبرنا أنك بوصفك كاتبًا تختلف عن الآخرين؛ كونك من النخبة المطالبة بإفادة الناس وتعليمهم؛ ذلك أن الكثيرين ينتظرون منك تلك الفكرة أو الرأي المرجَّح الذي سيعتمدونه في حياتهم، فسيكون لزامًا عليك:

احترام عقول وعواطف قرائك بإعطائهم ما ينفعهم.

تغليب مصلحتهم على ذاتيَّتك؛ لأنهما غالبًا ما يكونان وجهان لعملة واحدة.

الجدية والصدق والتزام المنهج في سبيل إيصال الإفادة والحق.

ضَعْ نفسك مكانهم، وإن استطعتَ تحقيق شيء من هذا، فستكون المهمة أسهل وأروع.

خُذ النصيحة وابقَ أنت.

ماذا لو قلتُ لك: إن في ميدان الكتابة من المهم أن تأخذ الكثير من النصائح، خاصة تلك المباشرة منها، وخاصة إن كنت قد قدمتَ كتابات لاقتْ إن لم نقل استحسانًا كبيرًا، فسنقول توافقًا مبدئيًّا، ولنشرح ذلك أكثر:

اكتُب كما تحب أن ترى وتريد إن كنتَ مقتنعًا، ولا تؤذِ أحدًا.

اقبَل النصيحة من المختصين في الميدان، فقد تكون مفيدة.

احتفِظ بتلك النصيحة أو النصائح في إطارها الضيق لتستفيد.

صحِّح الأخطاء، ركِّز على نقاط قوتك التي رأيتَ أنها تقدمك في المجال أو الميدان.

واصِل بحذرٍ وجدٍّ، وتعلَّم، اقرأ أكثر، واكتُب أكثر، وازن بين المغامرة في الكتابة والحيطة.

اكتُب برُوحك وشغفك.

ربما أو الأكيد أننا لا نحتاج إلى الكثير لنكتب، فنحن نريد أن نتقاسم واقعنا وتجاربنا، أفراحنا وأحزاننا مع الناس.

أن تكتب يكفي أن تكون حاضرًا، وينطق ضميرك متحديًا.

اكتُب وكأن الجميع ينتظر أن تتكلم.

اكتب واعلَم أن ما تريد قوله يوجد كثيرون بحاجة إليه.

اكتُب لأن النور الساطع الذي بداخلك لا يمكن أن يغطي مساحتك الصغيرة فقط.

اكتب باندفاع كبير وحماس شديد، لدرجة أنك لا تفكر فيما تكتب إن صح القول، أو المجاز.

اكتُب ثم اكتُب:

إن القاعدة في عالم الكتابة هي أن تكتب ثم تكتب، وبمجرد أن ترى أن الأمر لم يعُد مهمًّا، عليك أن تستعد لتكتب مجددًا، في الحقيقة لن نعقِّد من الأمر كثيرًا، ولنوضِّح أن:

الكتابة بحر، وبالتالي فإن قلم حبرك لن ينفد ما دمتَ راغبًا في الكتابة به.

عالم الفكر واسع ووعاء العلم لا يَمتلئ، فاستعد للتعلم أكثر، والتأليف بشكل أكبر.

إن أدمنت الكتابة فلن تكون مضطرًّا للتخلي عنها؛ لأنها ستسبب إدمانًا أجمل؛ كالفضول والبحث والقراءة.

كتبك كتاباتك مقالاتك، ستغدو أمامك مثل الأشجار التي تغرسها وتقطف ثمارها أنت والآخرين، فاكتُب.

صدِّق ما تكتُب:

أن تكتب بما تحس وعشته أو تعيشه، أمر رائع وجميل؛ ذلك أن ما لمسته سيكون مرسومًا ولو تجريديًّا أمام الجميع.

أن تنصح الناس وترشدهم إلى الطريق الصحيح، فهذا أمر جميل.

أن تفيدهم أو ترفِّه عنهم أمر يستحق.

أن تكون مرشدهم الذي ينتظرون مقالة أو كتابه النافع، فقد حققت المراد.

لن تَكسب القلوب والعقول إلا عندما تعي ما تكتب وتصدِّق ما تقدِّم.

عشْ ما تكتب:

إن أردت أن تكون في طلب عقول الآخرين ومساحة فؤادهم وخواطرهم، فقد تكون ملزمًا وأحيانًا مخيرًا بأن تكتب بمرونة وتلقائية، وربما بحرارة والتزام:

تلك الكلمات الخارجة من صُلب روحك.

تملِكك للعبارات التي لا يملكها غيرك.

قذفك بالمحاور والأفكار كسهام الحب للقراء.

حرصك على أن تحرص على إخراج كل ما ينفعهم ناسيًا نفسك.

الصمت قوة:

غالبًا ما يكون الصمت قوة، وفي كل حياتنا بشكل عام، خاصة إن عرَفنا متى نصمت ومتى نتكلم، وكيف والأمور التي لا تُحكى قد تُفهَم أكثر من تلك التي نتكلم بها، وهذا شيء رائع وعلامة فارقة تدل على أن الإنسان قريب من فطرته.

نفس الشيء مع الكتابة فقد تكون الإشارة من بعيد للأمر، أو عدم الإشارة إليه، منبعًا لفَهْم معانٍ أكبر منه.

لستَ مضطرًّا لكتابة كل شيء، فقط اكتُب ما تريد وما يفيد.

لا تحاول المغامرة والمخاطرة بإضافة ما لست متقنًا له.

ما يقرأ بين السطور عادة يكون أحسن مما يُقرأ في سطحها.

لكل عبارة أو كلمة مدلول وسط عنوانها، جملتها، فصلها، أو ترتيبها.

راعِ كل ما تستطيع مراعاته، ولو بلا تدقيق كبير؛ لكيلا تفقد المتعة.

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!