عاداتٌ صدئة/ بقلم:بشرى بشير ( اليمن )

سلامٌ من اللهِ ورحمةٌ تُحاوط روحيكما، وألفُ قُبلةٍ مني لرأسيكما
أما بعدُ فالندمُ غرز أنيابهُ بكلِ قسوةٍ في جميعِ خلايا جسدي
وأما قبلُ فقد كنتُ أريدكما معي في قراراتي، ورفضِ بعضِ العاداتِ والتقاليدِ الصدِئة
لكنكما يا وجع قلبي الذي أحبه وقفتما ضِدي أنتما ومجتمعي بشراسةٍ بالغة،
حرمتماني حقي في التعليم، وحقي في العُلوِ والرفعة، همشتماني من بين إخوتي؛ لأني الفتاةُ الوحيدة
طمرتما حقوقي وقلتُ لا بأس يُريدان مصلحتي
لكن ما المصلحة في حرماني من التعليم؟
أكنتُ سأسببُ لكما العار أن عرفتُ تفكيك شفرات الأحرف، وعرفت جمعها لكتابة ما أُريد إيصاله،
ولم أدع شخصًا غريبًا يكتبُ لكما شعوري مثلما أفعلُ الآن؟!
كنتُ في صِغري أراقبُ الفتياتِ وهنّ يحملنَ كُتبهنَّ، يضمونها إلى قلوبهنَّ؛ فزادت غيرتي وكبُر وجعي، وبعد أن أشعلت الفتياتُ فتيل حميتي لطلبِ العلم في ذلك اليوم، أتيتُ أطالبكما للمرةِ الأخيرة بدموعٍ حارقة وأنفس لاهثة؛ فجاوبتني صفعاتُ أبي التي ارتسمت ثلاث ليالٍ على وجهي
أحاول حتى اللحظة إيجاد سببٍ واحد لمنعي من هذا الحق ولم أجد ولو شيئًا ضئيلًا يسكتُ ضجيج ثورتي
مرّتْ بي ليالِ الأسى، وكلما رأيتُ المُصحف وأردتُ أن أدحر حزني بتلاوةِ أحرفهُ المشبعة بالطمأنينة، وجدتني عاجزة عن التهجئة؛ فزاد ذلك من تفاقمِ ألمي،
أدركتُ الآن أن لا شيء يُطفئ لهيب القلب عدا الكُتب، وقراءة بعضِ الأحرفِ السّماوية
وحينما أتى أولُ خاطبٍ إلي، زفيتموني إليهِ وأنا مازلتُ بضفيرتيّ ألعبُ في أرجوحةِ الطفولة
ألبستموني رجلًا يكبرني بعشراتِ السنين
ودفنتم أحلامي بكفنٍ أبيض على هيئة ثوبٍ يقال عنه “فُستانُ الزِفاف”
قتلتم بذلك طفولةً حالمة، وأطفأتم شغفًا مُلتهبًا، شردتم أحلامًا عديدة، وعدمتم قلبًا نابضًا يحلمُ بالعلم
حُمّلت مسؤولية بيتٍ بأكمله، بينما من هنَّ في مثلِ عُمري يلعبنَ بيت بيوت، هنّ يلعبنَّ بدمى من قُماشٍ صنعتها لهنَّ والداتُهنَّ، وأنا أحملُ بين يدي دميةً خرجت بوجعٍ صارخ من بينِ أحشائي.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!