قبس من نور / بقلم : الدكتور أحمد محمد شديفات/الأردن

“فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ”
الآن الفتية هموا بدخول الكهف مع دعائهم لله مخلصين له الدين حنفاء تحفهم رعاية الله وبدأت الظروف تتسارع نحو حياة جديدة كلها تغيير وتهيئة المكان والزمان من الرحمن الرحيم…
“فَقَالُوا :- رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً……….
وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا”””””””””
هذه دعوة ممن توكل واعتمد على الله في شؤونه وسلم أمره له كيف لا وهو خالقه، ويغمره الله برحمته وقد هيأ لهم من أمرهم رشدا ورَشَدَ أي أَصابَ واِهْتَدَى واِسْتَقامَ، وها هي عنايه الله وقدرته تحيط بهم وترتب وتهيئ لهم بإرادته كل ما يحتاجونه………
وهذه أول وسائل راحة الانقطاع عن العالم الخارجي، فأنت حاضر معه غائب عنه، قد ضرب الله لهم ومنع عنهم كل ما يعكر ويكدر صفو جو نومهم من المنقصات الصوتية المزعجة لكي يتحقق الإعجاز ليس ضرب إيذاء………..
تصور لو ضربك إنسان وعطل أعصاب حاسة السمع فقد أنتهى عندك السمع إلى غير رجعة ولا يستطيع أحد إرجاعه، أما ضرب الله دون وجع وإنما تعطيل مؤقت سنين عددا، يشبه الذي يسحب واصل الكهرباء ويعيده مرة أخرى، ولله المثل الأعلى وهكذا عودة السمع لهم بعد بعثهم من رقادهم “لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ ” اختيار الإذن بالذات مقصود،إذن باقي الأعضاء لم يتعرض لها القرآن ليترك لتفكيرك مجال،،،
فهل بقيت عاملة، كيف ذلك؟ العلم عند الله؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!
اختيار مكان الكهف وموقعه اختيار موفق بعيدا عن الضوضاء ومرور الناس وضجيجهم مكان خلوة ودليل أمان واطمئنان، وكأني بأصحاب الكهف قد استعدوا للنوم وانتهت وسيلة الاتصال مع العالم الخارجي ولم يبق لهم اتصال…
كيف يا ترى وقد التحفوا السماء وافترشوا الأرض متقاربين أو متباعدين وغطوا في نوم عميق زادتهم القدرة الإلهية منع نفوذ الأصوات إلى مسامعهم فالنائم يخلد في نوم هادي وسكون مريح، وسرعان ما يسمع صوتا ينتبه اليه ،فإي غطاء هذا مع أننا نعلم علم اليقين لم يكن الكهف مؤثثا أو فيه وسائل الراحة أو خاليا من الهوام…
أصحاب الكهف وضعهم على خلاف ذلك كليا أوقف سمعهم جميعا دون استثناء لحكمة أرادها الله وهذا دليل معونته لمن أحبه الله ورعاه يدفع عنه كل ما يهمه أو يزعجه {وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي…39طه}هذا هو الغطاء الذي لا يساويه أي شيء من اشياء الدنيا محبة الله لهم ولكل المؤمنين بالله،،،،
إذن هذه أول رحمة احاطت بهم حتى لا يعرفوا خارج محيطهم شيئا وعزل كامل ووقف لحياتهم وأعمالهم وذهابهم وإيابهم وعاشوا حياة خاصة تختلف عن أية حياة كانت دون طعام أو شراب أو علاج أو خراج أو حديث أي حياة هذا دليل قدرة الله على كل شيء،،،،،،،،،،،،،
فالمؤمن يزداد إيمانا بسماع قصتهم ، والكافر يزداد بعدا وحرمانا، وهكذا حياة الكافر كل الدلائل تقرع سمعه وبصره وعقله ولا يأخذ لنفسه الحذر ويعيش في إسراف وبطر ويحيط به الخطر وهكذا كثير من البشر قلبه أقسى من الحجر،،،،
لا نبتعد عن أصحاب الكهف وقصتهم التي لا يستوعبها ولا يصدق بها إلا من آمن بالله {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ ۗ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ}
هذه الحالة والهيئة ،والمنع للداخل والخارج عليهم ،،،
حراسة مشددة ويقظة ومنع ولافتة ظاهرة للعيان تحذير شديد اللهجة – المنطقة محظورة يمنع الاقتراب من المكان- ويمنع على أي من كان إنسانا أو حيوانا أو هاما والمنع مستمر بإذن الله ليلا ونهارا ولا أحد يجرؤ أن يؤذيهم أو يروعهم أو يزعجهم أو يوقظهم كل ذلك بعناية الله ولطفه وحنانه دون تلف لأجسادهم أو خروج رائحة من أبدانهم ومع ذلك بقوا “سِنِينَ عَدَدًا” سنوات وسنوات كثيرة ومرت أجيال وأمم سادت وبادت وهم في كهفهم آمنون،،،،،،،،،،،،،،
وسيخبرك القرآن بالتفصيل وحساب دقيق بعدد الأيام والسنين لتكون قصة أصحاب الكهف فيها ما فيها من حكم وعبر وإظهار لقدرة الله وعظمته، وروعة في التصوير والرعاية والتقدير لا يدركها كل إنسان إلا من آمن بالله الرحمن الرحيم،
فهذه هو القصص القرآني الجميل . 

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!