معاناة / بقلم الأديبة جملا ملحم

كلنا نريد التعافي من شيء ما، نريد معرفة الحقيقة، نريد الشفاء من زخم الأفكار، لكننا بالرغم مما نعاني لم نتمكن من الوصول إلى سبب الرغبة في نهاية المعاناة، وأي معاناة ؟ ومما نريد التعافي؟ نحن ندور في دوامة تسارع الأحداث، إن وقفت لتفهم، لن ينتظرك أحد ، فليس هناك من يملك الوقت ليجيبك عن تساؤلاتك الجوفاء، الكل مشغولون، يحاولون أن يسرعوا الخطى نحو مجهول أصبح المضي نحوه إجباريا.
نعاني من عدم الوضوح في الكثبر من الأحداث التي تدور حولنا، لكن ليس بمقدورنا إزالة الضباب عن زجاج نوافذنا بمسحة أناملنا المبللة بالماء، كلنا مشغولون ، ونعاني من الفراغ أيضا، ولكن لا يعرف أحد منّا لماذا نحن متعبون، مرهقون، نعاني من الملل رغم امتلاء الوقت .

أصبحنا نعتذر عن الحضور أو الإتصال أو حتى عن المجاملة الباهتة لأتفه الأسباب، وكأننا نريد التغيب عن التواجد في يوميات الآخرين هروبا من كل شيء.

نهدي الأصدقاء عبر مواقع التواصل الإجتماعي الكثير من الدعوات براحة البال، والسعادة والحب ، وتحقيق الأمنيات نفاقا، ونحن لا ننعم بأي منها.

نفضل أن نكون دائما خلف الشاشات نتكلم ونبارك وندعي ونهتم ونعجب، دون أن يرانا الآخرون ، ودون أن يرى أحدهم تعبيرات وجوهنا المتعبة وأعيننا الرمداء، ورجفة أناملنا على لوحة المفاتيح، وكأن هذه الطريقة بتواصلنا قد أعفتنا من الكثير من تفسير التعبيرات التالية للكلمات.

تغييرات جذرية على مشاهد حياتنا اليومية التي كنا نمارسها في السابق، حلّت مكانها مشاهد أخرى اتسمت بالجفاف والنفاق والكثير من المجاملة وإنهاء الحوارات بكبسة مفتاح واحدة.
لم يرغب أحدهم في العودة إلى ما مضى ، بالرغم من عدم الشعور بالرضى، أو السعادة، أو قضاء أوقات جميلة مع الأصدقاء، هناك ما يثقل كواهلنا دون معرفة أسباب ما نعاني.

ما زلنا نمضي دون التوقف عند نقطة مراجعة الذات ، دون تغيير خريطة المسير، وكأن هناك سلاسل تقيدنا وتدمي معاصمنا. تعبنا وما زلنا في نفس الطريق نسير.

أسال الله الرحمن الرحيم أن يهدي طريقنا إلى الخير والعودة إليه تائبين أوّابين.

 

عن هشام شمسان

هشام سعيد شمسان أديب وكاتب يمني مهتم بالنقد الثقافي والأدبي ، ويكتب القصة القصيرة والشعر . له عددمن المؤلفات النقدية والسردية والشعرية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!