(( نزهة في كتاب ))” سعد الله ونوس”

بقلم : نوار الشاطر

” إنني مصرّ على الكتابة للمسرح : لأنني أريد أن أدافع عنه ، وأقدم جهدي كي يستمرّ هذا الفنّ الضروريّ حيّاً ، وأخشى أنّني أكرّر نفسي لو استدركت هنا ، وقلت إنّ المسرح في الواقع هو أكثر من فنّ : إنّه ظاهرة حضاريّة مركّبة ؛ سيزداد العالم وحشة وقبحاً وفقراً لو أضاعها وافتقر إليها ، ومهما بدا الحصار شديداً ، والواقع محباطاً فإنّي متيقّن من أنّ تضافر الإرادات الطيّبة على مستوى العالم ، سيحمي الثقافة ويعيد للمسرح ألقه ومكانته …إنّنا محكومون بالأمل ، وما يحدث اليوم لا يمكن أن يكون نهاية التاريخ ”

بهذه الكلمات عبر رائد المسرح العربي الكبير سعد الله ونوس عن أهمية الكتابة للمسرح والدور الحضاري الذي يلعبه المسرح في المجتمعات العربية .
نزهتنا اليوم في كتاب من سلسلة ” أعلام ومبدعون ” والتي تصدر عن الهيئة العامة السورية للكتاب بقلم الأستاذ “جوان جان ” حيث يتحدث الكتاب عن رائد من رواد المسرح العربي والسوري ” سعد الله ونوس” .
يستعرض فيه الكاتب المحطات الأبرز في حياة ونوس بدءاً من حصين البحر البلدة التي ولد فيها و أمضى فيها طفولته والمراحل الدراسية الأولى حيث كان دائم السعي إلى قراءة روايات رموز الأدب العربي في الأربعينات والتي كانت في أوج ازدهارها يينما كانت حركة الكتابة المسرحية ضعيفة عربياً .
ثم سفر ونوس إلى القاهرة في منحة دراسية للحصول على ليسانس الصحافة من كلية الآداب جامعة القاهرة.
كما أورد الأستاذ جان جانباً لا يعرفه الكثير عن ونوس ألا وهو عمله كرئيس تحرير لمجلة الأطفال السورية ” أسامة ” لمدة ست سنوات ، وإسهامه عام ١٩٦٤ م في إصدار عدد خاص عن المسرح من مجلة المعرفة ، وفي عام ١٩٦٩ م شارك في التحضير لمهرجان دمشق المسرحي ، وقدم فيه مسرحيتين من كتابته .
تضمن الكتاب أيضاً سرداً لأهم المحطات الهامة في حياة المبدع سعد الله ونوس ، وتحليلاً لأهم أعماله المسرحية التي قدمها والتي كان شديد الحرص فيها على ترسيخ فكرة أن المسرح فعل جماعي ، وأن الشخصيات فيه حافة بالدلالات ، وأن الشخصيات المسرحية بأحيان كثيرة تنقل وجهة نظر الكاتب .
وعن انجازات ونوس في المسرح القومي في دمشق فيقول الأستاذ جوان في كتابه أن سعد الله قدم أول عمل مسرحي عام ١٩٧٥م وهو بعنوان سهرة مع أبي خليل القباني من إخراج أسعد فضة .
كما ساهم ونوس في تأسيس مجلة الحياة المسرحية عام ١٩٧٧م وترأس تحريرها لمدة تسع سنوات .
ويتابع الأستاذ جوان حديثه عن المسرح التجريبي الذي أسسه ونوس عام ١٩٧٧م إلى جانب صديقه المخرج المسرحي فواز الساجر ، واتخذ من مسرح القباني مركزاً له وقدم على خشبته ثلاثة عروض مسرحية .
وتطرق الأستاذ جوان إلى العروض المسرحية التي قدمها ونوس على خشبات المسرح السوري والعربي والأوروبي ، حتى أن بعض المسرحيات ترجمت إلى اللغة الروسية .
وعدّد الأستاذ جان الجوائز والتكريمات التي نالها مبدع المسرح العربي سعد الله ونوس ، والذي كان بحق سفيراً للمسرح العربي الحديث خارج حدود الوطن العربي .
يرصد هذا الكتاب تجربة عربية رائدة لها دورها العميق في المسرح السوري والعربي ، بأسلوب سردي مميز وممتع جداً يكسر النمطية المتبعة في عرض السير والتراجم الذاتية ، يجعل القارىء ينشد لقرأته و ينهيه في جلسة واحدة كما حصل معي .
والأهم أن الكاتب نجح في إيصال فكرة أن المبدع سعد الله ونوس كان همه الأول هو المسرح بذاته وربط الجمهور بالمسرح، وتقديم تجربة حقيقية عميقة ، لا من أجل جوائز ولا من أجل مكتسبات مادية ، إنما المسرح لأجل المسرح .

و ختاماً أنوه أن الأستاذ جوان جان خريج المعهد العالي للفنون المسرحية، قسم النقد والدراسات المسرحية وله العديد من النصوص المسرحية الموجهة للأطفال والكبار ، وشارك في عضوية لجان التحكيم والتقييم في معظم مهرجانات المسرح المحلية ، ومهرجان الشارقة المسرحي ، ورئيس تحرير مجلة الحياة المسرحية .
ألقى العديد من المحاضرات ، وشارك وأدار العديد من الندوات المسرحية في معظم مهرجانات المسرح المحلية والعربية في سورية والأردن والإمارات والكويت ومصر ، كما عرضت نصوصه المسرحية على معظم المسارح المحلية وفي بعض الدول العربية .

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!