هنا الريف ..هنا نحن في الأخير / بقلم : لطيفة الأمازيغية

يعيدا عن إيطاليا التي تتساقط فيها الجثث كالذباب، وبعيدا عن الصين وأمريكا والخفافيش ..

هنا الريف، حيث نفذ الناس من الشوارع وبقي المشرد يصمد ليعيش..

هنا حيث يزداد ثمن المعقمات مع إزدياد عدد الضحايا ليصبح ثمن المعقم ينافس ثمن لحم الغنم

هنا حيث يتهافت الناس في يوم السوق على شراء الأعشاب والثوم والسكنجبير..

في بلدتنا الصغيرة هذه، يتردد فيها صوت المأذن بصوت مزدوج كأنها صالة فارغة

في أزغنغان،حيث لم يعد بائع الحليب يمر على الأبواب ولا يمر سعيد الطلاب ..

كأنها أيام رمضان، إلا أن جاري المدخن لا يطل من منزله بعد العصر ليلعن العالم بأسره كما يفعل في رمضان ..ولم يتشاجر أحد على علب حليب سنطرال قبل آذان صلاة المغرب بدقائق..

إنتابتني رغبة عارمة في أن أتمشى، أن أتمشى بدون وجهة وأتخيل أن سكان المدينة ماتوا أو رحلوا وأن هذا الشارع ملكي، عكر صفوة أفكاري فتى يتمشى مقابلي ويبدو أنه طامع أيضا في ملكية هذا الشارع، يلتف يمينا ويسارا خوفا من أن يمسكه شرطي وهو يستنشق الهواء خلسة، حين وقعت عيناه علي حدق بي كأني شاهدة على جريمته، غامرت وإبتسمت له، رد الإبتسامة وأكمل كل منا طريقه بإتجاهات مختلفة.

هنا الريف، حيث يثير العطاس الشبهات والفتن،وحيث صار التنفس بعبثية جريمة ومد الأيدي يزرع الهلع ..

هنا حيث يراوغ المدخن رجال الشرطة بعد السادسة مساءا لشراء سيجارة، وتطل جارتي من النافذة لتلعن الصينيين وتقول يا خسارة..

واقعنا هذا وإن كان يثير الخوف والهلع إلا أنه جعلنا نقف عراة أمام هذه المأساة ليطفو على السطح عدد هائل من سلوكات الغاب، وجعلنا ندرك أن الجهل وليد كلمات المنابر.

قد نصير في النهاية شعبا أو بالأحرى بشرا واعيين بما فيه الكفاية لأن لا نتبع أقاويل وتآويل شخص بمجرد أنه يملك مسبح أو قلادة

قد نصير شيئا بعد كل هذا ..أو قد لا نصير ..

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!