أذكر جيدا لحظات موتنا تلك / بقلم : آمال محمود

أذكر جيدا لحظات موتنا تلك ..

تمر من خلالي كلما داهمني خوف لحظي مباغت

فتمد دقائقي خطاها بعكس الزمن

تمسك برأسي و تديره نحو الخلف بحركة واحدة

حد سماعي لصوت طقطقة عظام عنقي

بينما جسدي متيبس في مكانه

كشجرة هرمة ما زالت تحتفظ بأعشاش طيورها المهاجرة إلى بلدان تحفظ لون الشمس

و مازالت تقف مثل قربان بأغصان صلبة مرفوعة صوب السماء لترنو من بعيد إلى صغارها

التي فقدت أجنحتها في محاولات رفرفة فاشلة

كي تجذب انتباه فرح عابر

لعله يتوقف لبرهة زمنية

و يقطر في فمي بضع قطرات حياة

أذكر جيدا يا عزيزي

كيف التقى ضعفي بضعفك وجها لوجه

لينجبا مشهدا ميلودراميا

أجزم بأنه يصلح كنهاية لفيلم مأساوي

يتابعه كل من لا يملك حزنا يستدعي البكاء

نعم يا عزيزي

فهناك الكثيرون ممن يشترون الغصة

يدفعون ثمن الدمعة من فائض ضحكاتهم

أذكر ذلك كما لو أنه يحدث الآن

كيف طلبت سماع صوتي المتشقق بإصرار عاشق ضال

رغم هروبي المفتعل كي أجنبك رؤية نبرته الخافتة الإضاءة

استجبت لرغبتك كما عادتي

كنت أدفع صوتي ليخرج من حنجرتي

حاولت أن أقوم من انكساره

أرغمته على التحليق نزولا

كي يتسلق جسدك و كأنه ينبثق من جوف الأرض

ليتسرب عبر قدميك مرورا بأوردتك و شرايينك

على أمل أن تخف بحته المزمنة

أعلم أنه وصل إلى مسامعك مفتوح الجرح

و ما اكتفيت بأنينه الأخرس

كل ما فيك كان يطالبك بي

قلت لا قبل أن تنطق بما تمليه عليك حواسك

خشية أن تلمح ذبول الأيام من حولي

و تساقط ظلالي عني لأبدو كمستودع للعظام

حصل ما حصل و نظرت إلي بعينك الواحدة

فالأخرى كانت مشغولة بتهريب الدمع

سألتك حينها : كيف لك بنظرة سريعة أن تعاود السيطرة على خلاياي أجمع ؟

و ما أجبتني ..

كل ما أذكره .. نظرتك و هي تتقافز من حولي

عبرتني

أغوتني

عرتني

تمددت في أعماقي

فأجهشت بالبكاء ..

 

أتذكر يا حبيبي كيف صرنا جرحا بجرح ؟!

 

على هامش ما حدث :

قطعت الشعرة الفاصلة المتبقية بين الحياة و الموت

و ملت ببقاياي نحو قلبك !

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!