آفاق حرة للثقافة صحيفة ثقافية اجتماعية الكترونية
لآفاق حرة
على جدار القلب
خاطرة
بقلم. نجيب كيالي
صديقي اقتربْ مني
صديقتي اقتربي مني
أخي، جاري، ابنَ بلدي، ابنَ الإنسانية اقتربْ، اقتربْ.
بمناسبة العام الجديد لا يهمني الورد والاحتفال يهمني الاقتراب.
تقول المسافةُ الكبيرة أو الصغيرة الباقيةُ بيننا: اقتربْ أكثر.
إذا لم نُلْغِ تلك المسافة فسيجلس فيها الخبثاء ليدبِّروا المؤامرات ضدَّ سعادتنا، ضدَّ استقرارنا،
ضدَّ وجودنا على هذه الأرض.
اقتربْ، ولا تنتظر دعوةً من الأمم المتحدة أو من المعابد أو من الفضائيات.
اقتربْ حتى لو كنتَ بعيداً بجسمك.
امسح على صدركَ بعطر فلَّة، واقترب.
تفقَّد قلبَكَ، فربما وضعوا عليه قفلاً، اكسره، واقترب.
الحبُّ يحتاج إلى جرأة، كن جريئاً، واقتربْ
الحب يلزمه تغيير داخلي، غَيِّر داخلكَ، واقترب.
لا يكفي أن نكون كحبتَيْ قمحٍ في سنبلة، فبين الحبتين قشرةٌ فاصلة.
لا يكفي أن نكون غصنين في شجرة واحدة، فبين الغصنين مسافة.
أريد أن نكونَ كلٌّ منا ممتلئاً بالآخر حتى الاكتظاظ.
أريد شبكةً بين القلوب أكبرَ وأقوى من شبكات الطرق.
عندما نقترب عُقَدٌ كثيرة ستبدأ بالتفكك.
حروبٌ كثيرة ستطفئ لهبها، وتخجل من نفسها.
صاحبُ الوجه القبيح الذي يهزم الجميع، والذي يخافون من اسمه: الموت نستطيع أن نوقفه عند حده عندما نكون معاً.
نستطيع أن نمسكَهُ من ياقة قميصه، ونطردَهُ خارجَ أسوار أعمارنا.
لهذا.. أكتبُ على جدار قلبي هذه الكلمات:
الحب خلاصةُ السلام، خلاصةُ الخير، خلاصة المعرفة، خلاصةُ الحرية.
ربما لأجل الحب فكَّرَ الله في خلق العالم.
ربما لأجله جعل الطبيعةَ ملونةً بالأخضر والأبيض والأصفر.
ربما لأجله نثرَ الموسيقى والعذوبةَ في حناجر العصافير، وعلى شفاه الينابيع والجداول.
الحب أن تفكّرَ في نفسك، وتفكّرَ بي أيضاً.
إنه يحمي القوي من أن يفتكَ بالآخرين، ثمَّ يفتكَ بنفسه.
الحب قبح أقل، وجمال أكثر.
فقر أقل
خوف أقل
عيادات نفسية أقل
الحبُّ بسمتي تبدأ من شفتيكَ، وبسمتكَ تبدأ من شفتيّ.
الحب أن يقبضَ معنى الحياة التائه على نفسه، ويُفضِّلَ سِربُ حَمَام أن يطيرَ في القلوب، لأنها صارت أوسعَ من السماء.
كلَّ عام وأنتم بخير
*
٢٠٢٣/١٢/٣١
