حبيبةُ أبي/ بقلم: عائدة حاجي (الجزائر)

لم يكن إدمانه للقهوة من فراغ

ولم تُنقصه…من أجود الخصال..

هكذا تكون ولادة الشعرا والقديسين

والشهداءِ

يقول أبي…

سأخبراليوم حبيبتي أني بأعلى قمة وهران

وأن عليها ان تستقبل مني ولو رسالة  أخيرة قبل المغادرة

-فانا جزء من أنفاسِكِ الروحية -وانت الأجمل على الإطلاق

أو مكالمةٌ تلفونية طويله طويلةٌ جدا ونحكي فيها عن كلِ شيءٍ

عن إشتياقنا لبعضنا رغم القرب الجميل

وكيف اكتشفنا المكتبة أول مرةٍ عندما أرغمني معلم الفرنسية على شراء لاروس  Larousse

وكيف كنا نهرب لأبي كلما نزلنا الى المدينة الجديدة لزيارة الولِي الصالح

ورغم الحزن.. كم كنتِ سعيدة حينما اخبرتني أنني الأول في حياتك بعد ما فقدت أخي في الإنفجار أمام الباب سنة أربعين ..

وكيف كنت أراهنك أمي في الخامسة صباحا على إحضار السكر من محل اليهودي قبل أن يبدأ ماء الإبريق بالغليان -لأن التمر المدفون بالسميد محفوظ للشدائد-فأسبقه رغم بعد المسافة

فتغمريني بحنان منقطعَ النظيرِ

ضمةٌ لا أظما بعدها لتبقى رائحتك بأنفي  وروحي وقلبي

لم تخطيء القصيدة في وصف الأمهات

تصفها..تُفصلها..لباسُ عرسٍ النقيُ البياضِ

ولك الفضل حبيبتي لكل ماتعلمته من فنون الحياة مسرحا شامخًا بقلبي شاهدٌ على إنجازاتي

الى الزائرين القدامى الذين يضحكون للذاكرةِ كلما سمعوا أغنيةَ وهبي و بلاوي والخالدي …

قصيدةٌ كتبت حروفها بماء المتوسط حبرا

خضراء المدى تسكنك أرواحٌ لا تغادر الأمكنة …

تتمسك بالهنا رغم رحيلها

وفي الذاكرة وصال اللقاءاتِ

انت في الأصل حورية جزر المحبة

تنام على ضفاف الشوق

أنثى تصطحب طفولتها وشيبتها عبر مراحلِ

كتبت إسمها بمداد الأولين في المشيئة…قبل البشرية

انثى ترفض ان تُختصر انها محض أرضٍ وحرثٌ وبناياتِ

هي التي تنتظر أن يظهر في ملكوتها

ساكنٌ فتُنزِلُ البَوحٓ من أنحائِها

كهالة في سماواتِ الروحِ تَفْتنُ كلّ شقيٍ …..

قديسةٌ شامخه

تطوي في ردائها حَكايا السلاطين  والرهبان …وتزرعُ خبز الجوعَى

وشفاء الأسقام على امتداد العصور

هي حب كلَ عاشقٍ وحبيبٍ مفتونٌ بنسيمها العبقِ

حبيبة العاشقينَ شاهدةٌ على انتصارات الفرسانِ.

وخيبات العظماءِ.