ذاكرة الرماد/بقلم : حنان بدران / فلسطين

لن أرحل قبل أن أرسم
هذيان فجر كلماتي البيْضاء
تُناجي القلم لملايين الصّرخات
نبتَ على لساني حقلَ أشواكٍ نديّة
لصيف هرمت أوصاله
ينزلق أمام عيني شريط
تعب منهك الخطوات
غائم الصفحات
أنشودة شرر وعنفوان التهاب الكلمات
الليلة أمضي وحيدة كخلية نحل رمادية
لا أحَدٍ يعنيه أمري
لا طبيب مجنون
ينفض أجنحة الغبار المنتكسة
في عَتمة الأسئلة القاحلة
ولا مُروّج شائعات
قلمي المشحون بِحِبْره الأسود
وحيدة أمضي… ولا أرى سِوَايَ،
أراك…
أراك أنت…!
كخِنْجَرٍ مدْفونٍ في لحْم الذِّكريات…
شبكة دم متجمدة
على جسد الحكايات الغافية
تَعْصِفُ بحقلٍ شاسعٍ وكبير
وأنت كريشة في مهبِ العاصفة
ما زال ما علمتني يقول لي:
سأظلُّ أعدو فيه حاملة شعلة
للأيدي التي ترميني بالحصى خلال عدْوِي
ستكون هي ذاتُها التي تُصافحني بعد كل جولة
حينما أصل بلا سقوط…
أنهض لأُرَوِّض الانكسارات
في بركان تولدي من موجِ الصمْت …!!!
**
يا من علمتني أقول:
الإبداعُ جرحٌ لم تُسَمِّمْهُ
سمومُ الحقد الرَّخيصة
ولن الْتَفِتَ لشيْطان افراسك المفزوعة
لما انتحبتك في صدري
لما امتصصتك كظل وثن
ارتحلت
على كلماتك الأخيرة
عصفت زاحفة
على ركبةِ السطر الحزينة
تفصد الدم الرمادي من مسامي
ينزلقُ عطشَ الموت
في رخاوةِ الكلمات
حين بدا القاع مغريا يحمل سكينة
الانطواء…!!!
كما قلت وقالوا:
لكلِّ من حفر لي قبراً
أخذت ترابه أساساً لبناء قلعة
ولأني منحت كالأطفال الأبرياء كلّ شيء
ولكلِّ من ظنّ أنّي بتُّ خاوية أقول:
يا سيّدي نهر العطاء لا ينضب
الأرض حُبْلى بالماء ويثُلج الصدور ..
يكفيني درج الغيوم لأصعد إليه بهدوء
حين انْدلاع العاصفة الثلجية …!!!!
**
عُدْت إلى زُحام الحياة وحيدةً
وفي عزِّ الزّحام الشّديد نظرت
لا أحد …!!!
سِهامك ترْشَقني باكية
كانت بريئة
ونبيلة
لم يَعْلَمْ
لوْ يَعْلم
لوْ عَلِمَ
كيف عثَرْتَ عليَّ
أطير بثقة أدور كفراشات
في شلالِ النور قبل العْزْلَة الأبديّة …!!!

**
سرَتْ في جسدي حرارةُ خارقة
بعد عاصفة ثلجيّة
كان الرّعد والصّواعق المبتلّة
ظَهر صفاء الصّخرة
المجروحة
حزن صخرة
انشقَّت بعد أن صعقها الزّلزال
لا صفاء في ليلةٍ غائمة
لا حبر يعمد الحزن في عروقي الرّماديّة
هدأت في دمي وقع الضّربات القاسية
لا نزف دم في محبرتي المالحة
لا قوة تجلد حّواسي المتحمّسة
المجهدة بمسرات عذبة
توضّأت في الشمس
كنافورة صافية
فقط ..
هناك..
هناك عيناك
تِذْكرة سفر بعيدة
أتوه فيها مسافرة
بلا تكوين لمدن سعيدة
في أودية السّماء خضرة
وحمائم ترفرف بقوة خافية
تُهدهد نفح النّسائم العطرة
ينعسني نبرة همسها المعلقة
في سامقِ الغيوم الناعسة
يدفق فيَّ أمواج غامرات
كأنّي طير على غيمة من ذهب
أذكر أنّني قلت لك بصوت رخيم:
بلا لحن متناغم
أحبُّهما هكذا ، بلا لون محدد…
رماديتين…!!!!

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!