رقراق حالم/ بقلم:حجازي سليمان حجازي ( السودان _ الخرطوم )

طفل في الحافلة يضحك في غبطة وسرور، لكن ليس لضحكه علاقة بالموضوع.
اذكر جيدًا حين دخل (الحسين) راكوبته وجثى علي ركبتيه، وأخد يبكي بحرقة، بكى طويلًا في غياب زوجته، عادت مسرعة على صوت بكائه المتهدج، لم تسأله، جلست جواره وبكت معه بكاءًا شديدًا، بكاءًا أحزن كل القصب و(القناية) تلك القناية التي كانت سعيدة وهي تشد القصب. ثم نهضت وصوت البكاء يتسرب من حنجرتها كناي اتت قصبته توًا من غابة بعيدة، وارهقتها المسافة، لم تسأله عن السبب فقط ذهبت واحضرت كوبًا من الشاي، وجدته (يتنهف) وكأنه عائد من نوبة سكر عميقة، امسك الكوب بكلتا يديه، ثم قال بصوت خفيض، تعرفي ياحاجة (حُسنة) إلى هذه اللحظة لم اركب طائرة، ولم أزر أي مدينة، كل الذي افعله طوال هذه السنين الذهاب إلى الحقل ثم العودة مساءًا لاعانق هذه الإبتسامة الساحرة، ببساطة كنت أحبك في كل هذه السنين والليالي، كنت أحلم أن نتجول معًا في كل مدن العالم، ثم نجوب كل الشوارع وتشهد نجوم الدنيا علي حبنا الأبدي.
لكن سنغادر هذه الراكوبة التي جمعت قصبها لوحدي وفرزته فرزًا، لم اعجز عنه ولم يصبني ملل، كانت هانئة وسعيدة، نحن فعلنا ذلك بطيب خاطر، ونسجنا خيوط المحبة هنا من غير عناء.
لكن اليوم هاتفني (خالد) وغدًا سيأتي ليأخذنا إلى المدينة ثم نرتب تجهيزات السفر، وبعدها إلى لندن.
يا حاج .. خالد ولدي إبنْا بارًا وهو يعرف جيدًا ما تحبه وماكنت تعمل من أجله.
ذات مرة حدثته عن أحلامك القريبة والبعيدة، وقال لي “بالحرف الواحد أنا كان حييت إلا احقق لأبوي حلمه ده وأخليه يتجول في شوارع لندن وكأنه طالبًا في اكسفورد”.

يعني هذا ما يبكيك؟!
دعك نمضي ..هذا الطفل صوته جميل يشبه صوت خالد في صغره.
لقد كبرنا معًا بل سافرت فينا السنون ولم نعجز عن حبنا !!

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!