لستَ غريبا في ”مدريد“/ شعر : كمال أبو النور

( إلى صديق العمر الجميل / الشاعر أحمد يماني )
……………………………………………………..

وقفتُ طويلا على شاطئ المتوسط
أوشوشُ الأمواجَ لتجلبَ لي
حوتا كحوت يونسَ
كل يومٍ أقدمُ له طنا
من الأسماك كرشوةٍ
ليبتلعكَ حينما تطأُ قدماكَ الشاطئَ
لأحملكَ إلى قبر أمِكَ
تعرفُ أنها تأتيني كثيرا في الأحلامِ
وتلح أن نذهبَ سويا ونغني لها
حتى يتسعَ القبرُ
فكلما تشتاقُ إليكَ
يضيقُ عليها معتصرا ضلوعَها
لايتركها إلا بعد أن يروي ظمأهُ
من صنبور دموعِها المكحلتين بالدماءِ
تعالَ ياصديقي نضعُ الطعامَ أمام المقبرةِ
ونرقصُ سويا إلى أن تشعرَ بدبيبنا
فتخرج روحُها وتتناول معنا
وجبةً من ضحكاتنا
ونذهب بها إلى المنزل
لتخضرَ شجرةُ العائلة كما كانت
**********
أعلمُ تماما أنكَ في حال أفضلَ
وأنكَ مواطنٌ من الدرجة الأولى
لستَ غريبا في ”مدريد“
وأنا مواطنٌ من الدرجة الثانية
أعيشُ غريبا في القاهرة
وأنك تستطيعُ أن تذهبَ
إلى مقر وزير الداخليةِ
إذا داس أحد الجيرانِ
على ذيل قطتكَ
-مع العلم أننا نركلُ
ونسحلُ القططَ بأقدامِنا
بشكل عنيفٍ كأننا نأخذُ بالثأرِ
من السياط التي تسلخُ حياتَنا
بشكل يومي بلا انقطاع-
وأنني لو اقتربتُ
من سورِ وزارة الداخليةِ
سأسقطُ قتيلا في الحال
كأي إرهابي أو جاسوسٍ
رغم أنني مواطنٌ
يرتعدُ إذا وقعت عيناه
على أحد الفئرانِ
تعالَ ياصديقي
لترى أن طعامَ الكلاب عندك
يصلحُ هنا لإطعام ملايين الأشباحِ
ماعادت الموائدُ تترك لهم
بقايا طعامٍ يلتهمونها من القمامة
-إذا كانت عندنا موائد-
هل تعلمُ بأن القاهرةَ
سيصبحُ لها ”درةٌ“
تتآمرُ على القبلاتِ المسروقةِ
التي خطفناها خلسةً من حبيباتِنا
في حديقة الحيوانِ
سترحلُ ياصديقي حديقةُ الحيوانِ
كما رحلت جزيرةُ ”تيران وصنافير“
لاأقول لك تعالَ لتزورَ قبرَ أمكَ فقط
لكن لتزورَ قبرا كبيرا
شُيد من أجل بلدِ بأكمله
بلدٍ تخصكَ ولاتخصنا.
ًًً ( كمال أبو النور )

إنهاء الدردشة

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!