في قاموس الشعر، القصائدُ ملكاتٌ.. و الملكاتُ لا يُعطيَنَّ قلوبَهنَّ لعابري السبيل..
دعوني أخبركم عن هذا الرجل الذي استحقّ حبّ القصيدة…
هذا الرجل لا يشبه سائر الرجال إنّما يشبه الفصول.. يشبه الجبال.. يمتلكُ قلبَ طفل.. فكر فيلسوف، إحساس مبدع و ضحكةً تروّضُ النمورَ المفترسة!
هذا الرجل في كلّ لحظةٍ يُجدّدُ حضورَه في قلب الأبيات كما تُجدّدُ البحارُ ماءها.. كما يُجدّدُ الربيعُ قدومَه و كما يُجدّدُ الشعرُ شطورَه!
هذا الرجل ثائرٌ كالأفكار العالية يصبو إلى التغيير.. لا يرضى إلّا بالقليل الكثير..
هذا الماردُ يقلّبُ أوراقَ الزمن، يُبدّدُ الصفر منها و يُبقي على الخُضر منها… أراني أمامه شعلةً تتقّدُ في مكامنها الحروف، تتعانقُ بعضها ببعض لتستحيلَ أشعارَ نور!
أتساءلُ في سرّي: مما هو مصنوعٌ رجلُ البردِ حيناً يُطفئ لهيبَ غيظي و رجلُ النارِ حيناً آخر يُشعلُ في خيباتي سعير الوصب؟!
هذا الرجلُ المتكاملُ معتِقٌ كبابٍ مفتوحٍ على أحلامٍ ورديّةٍ في طريقها إلى الوصول…. و مقيّدٌ في آنٍ حين يُشدّد على التمسّك بالأصول!
هو لا يبيع المبادئ و لا حتّى عليها يرضى أن يُساوم…
أمامه تقفُ القوافي كلُّها في ذهول فسحرُهُ لا تسىردُهُ روايةٌ و لا يلخّصُهُ مجلّدٌ.. فمن يفلح في حدّ الوجود؟!؟
قادرٌ على احتواء القصيدة إذا حرَدَت فالبشر ُ غدّارون… إذا بَكَت فالأصدقاء منافقون.. إذا سقَطَت فالأحبّاء ماكرون…
هذا الرجل قمّة في الكرم يُعطيكَ ذاتَه إذا اقتضى الأمر.. يرمي برغباته إذا ما استطاع ذلك نشلَكَ من بؤرة الغمّ…
هذا الرجل كلّما مرّر أصابعه البهية على وجه القصيدة زاد زهوُها.. تضاعفتْ أبياتُها..
يرشحُ زيتاً هذا القلب… يدهنُ في مكامنكَ طيوب الفرح.. يُميتُ الحزنَ و يُقيمُ الموتى…
هامش: هذا الرجلُ استحالَ أسطورةً.. فاستحقَّ حبَّ القصيدة.