وصية صديقي الأخيرة.. بقلم :حيدر تركي

وَصيّةُ صديقي الأخيرة
___________________

أوصاني وهو مُبتئسٌ
لا أجدُ مهربًا
ولا حتى منفذًا
للخلاصِ من الحياة
سوى فكرة الإنتحار التي تراودني أحيانًا
ولا أجدُ أسهلَ منها
لكن هُنالِكَ مهام
عليك أن تتولى أمر جُثتي وتحرِقُها
ثم تقوم بنثرِ رمادها على أروقةِ المكتبة
فوق أغلفةِ الكُتبِ أو بينَ سطورها
بعدما تنتهي من هذه المهمة
ستبدأ بالأخرى
وهي ان تجلبَ معكَ نايًا
وتعزفُ بهِ على ثنايا جسدي
وتسعى جاهِدًا
على جمعِ أكبرِ عددٍ من الأغاني القديمة
وتقوم بتشغيلها في كلِ ليلةٍ مُهدَّيا إياها لروحي
فأنا وكما تَعْلَمْ من عشاقِ الطربِ والمُوسيقى
خاصةً إذا كانت الألحانُ معطرةً
بصوتِ سعدي الحلي
حين يقول :

خذانه الواهس من بعيد نزف شموعنه بشوكك
مشينه وايد تشبج ايد ننــــــاغي الروح بطيوفك
العمر من غير حب شيفيد لمني بعصرة جفوفك

ياريحة مسج ياهيل
عذبني ونيــن الليل

نعم
أُريدُ ليلةً طربيةً هائلةً
لربما يكونُ مزاج الموتى سيء
ولا يجدرُ بهم إستقبالي
فهذا الصوت الخمري
يصلحُ ملاذًا إن ضاقت السُّبل
هو الإضاءةُ للعتمة
هو المُتنفس فهناك لا أستطيع الكتابة
هو الراحة
فمن الجميل أن تكون ميتًا
وهناك من يبذل أقصى جهده
لتحقيق وصيةٍ أوصيتَ بها مُذ كنت حيّا

عن جودي أتاسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!