اللحظة الراهنة/بقلم:فاطمة الداودي (تونس)

 

لحظة واحدة للاستماعِ
لحظة واحدة للتفكير
لحظة واحدة وتقف عند حواف نهر،
تغرف منه شربة واحدة
هي لحظة التوقف، أمام تسلسل الحقيقة
وتصل الى الخلف، فلن يعود يلهث من بعد،
كل ما كان يقف أمام تلك اليدين الصغيرتيْنِ الوحيدتين
ليتمكن من رؤية
من هم في قلب الجحيم
من هم أمام فوهة محرقة الشر
من هم أرباب أبواب الجحيم
من هناك فقط
من تلك اللحظة الواحدة
تستطيع أن ترى النجوم، السماء،
كل الأشياء الجميلة في الذاكرة تختفي
في ليال أشبه بالدمى المتحركة
من وراء ستار التخفي
تحركها لحظة أتية من مدينة
تختنق بلون أحمر متكرر، المعلن
أمام أعلى جبين الألم وهو يلتقي به
في غرفة مستشفى، فوق البلاط، فوق أرصفة الشوارع
في كل مكان واسع تصل اليه
يد تلك اللحظة الواحدة
تفتح ملف مواسمِ الأحزان المتوارثة، المتوالية
تبدو، ليست بالعقيمة والجافة
فتلك اليدين الصغيرتين
عاشت في بساتين تشبه قصة أبطال الخارقين
في لعبة من ألعاب الفيديو المصورة
تروي كيف لا تموت أجساد أحلامهم الصغيرة
وهي تركض آمنة
وتقفز من فوق طاولات المدارس
وترسم طريق عودة سالما
من وحوش طاعنة في أكل الاحلام
لم تكتمل بعد نبوءة حفظ براعم الأحلام من القتل
في الصحف المقدسة
وفي مرآة تستعجل أمنيتي قبل إنتحارها
على أخذ سبيل الحذر
من تلك الوحوش التي تعترض أطفال المدارس
وتخيفها أحلامهم وألعابهم البسيطة
حتى منها اللعب بثقاب أعواد علب الكبريت
عقلي لم يتحرر بعد من وحشية القتل
لأسماء مازالت مكتوبة بدمائهم على لوح البراءة المصلوبة
في تلك اللحظة الواحدة
التي تأتي من فوران المشاعر
تأتي ممتلئة بصوت ضوضاء المدافع
وقلوب وقفت أمام يدين صغيرتين وحيدتين
وفهمت قوانين اللحظة الراهنة
وهي تتمسك بخيط الأمل الخفي،الفارق بين الموت والحياة
بطراوة أصابع قلوبها تقشر فكرة الاستسلام
وتقاوم من علو ترتجف أمامه كل مصائر الأرض
التي تشاهد في صمت مخز مفردة الموت الجماعي
التي أعلنت عنها اللحظة الراهنة

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!