كانت ترسم/ بقلم:عمر محمد العمودي

كانت ترسم الشجر والحجر والجبال، فتبدو كما تبدو الشجر والحجر والجبال من على نافذة السيارة أثناء السفر..
ترسم آخر قطرة ماء في الكوب قبل أن تجف؛ فتلتصق الورقة بالطاولة..
ترسم الطائر؛ فتتبروز حياة في عينيه، أكثر التماعًا وإيناعًا.. ويبدو الطائر سعيدًا لإيجاده ما هو أخفّ وأبهج من التحليق..
كان أكثر ما تحبه؛ أن ترسم ما لا يحبّ البقاء
كان أكثر ما تتقنه؛ أن تجعل البقاء شهيًّا كما لم يكن،
وبرّاقًا كما لا يجب أن يكون البقاء…

وقفتُ أنا، وقلبي يطير، عدا أنه ليس طائرًا، ولا يمتلك جناحين..
كان قلبي يطير مثل كيس فارغ في الهواء
أردت أن تملأه بلون أزرق، ليتهادى إلي..
كنت أمامهًا كالماء شفافًا.. وليّنًا كالطين
أردت أن أحيا ملء أصابعها
وكانت ترسم فراشة حطّت فوق أذني،
وترسم غبارًا تنامى فوق شعري
وترسم تعبًا، كنت أحاول طوال وقوفي إزاحته بجفنيّ..
وما رسمتني
كنت أجفّ من الورق الجديد، وأنا أغادر..
وأنا أتخبّط في الطُرق،
وأناطح الجدران
كنت أنا، غير أنّي لستُ كُلّي، وأنا أغادر..
لم تملأ قلبي بلون أزرق،
لم تكس جسدي أجنحة..
لم ترسم إلا “عيوني”
وهي الآن تحدّق بها في نعيم..

وأنا
أينما ولّيت وجهي،
لا أرى شيئًا سواها
آخر نظرة لي:
امرأة ترسم عيوني.

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!