نصوص (ق.ق.ج)/بقلم. عبد القادر رالة

كلمة السر.
    تخاصمتُ مع أخي الأكبر ،  ولا أدري لماذا؟ وهو يكبرني بسنوات قليلة ، ولكي ينتقم مني لم يفتح لي جهاز الحاسوب الخاص به الموضوع على الطاولة في  احد زوايا الصالة…

   والحاسوب له كلمة سر… فقام أخي بتغييرها…
  لا أستطيع أن أمارس هوايتي المفضلة ، الألعاب الإلكترونية ، ولا أتحمل أن أطلب منه الصفح ، وهو يريد ذلك .. لن أتذلل إليه  ، لن أفعل ذلك ولو كان يستحق، فهو الذي اخطآ في حقي…

   وبقيت لثلاثة أيام أتعذبْ..

  وفي ليلة اليوم الرابع … حلمت بكلمة السر !..

  بمجرد أن نهضت صباحا ، وحتى قبل أن اغسل وجهي وأشرب قهوتي  توجهت الى الحاسوب وشغلته، ثم أدخلتُ كلمة السر  فظهرت الصفحة…

  وفرحت كثيرا ولعبت …

   كانت كلمة السر اسم  ولايتنا …

    عانقني آخي ، و ضمنّي بشدّة وقال متأثرا:

   ــــ لم أكن أعتقد ذلك!… فآنت مثلي تحب مدينتنا الجميلة!…

فلونة.

    فلونة ، قطة مسالمة ، هادئة ، سوداء اللون ،  أتدرون لماذا أسميتها فلونة؟…  

    كان لي ثلاثة أولاد، أكبرهم يعمل أستاذ الآن، وكانوا مشاغبين، مثيرين للفوضى و الضوضاء، يكثرون من الصياح في الشارع كما في البيت !

    لم أتمكن من السيطرة عليهم،  ولا حتى بحزام سروال والدهم الجلدي !..

   أتدرون متى يهدؤون  ويصمتون  ، فيتحولون الى جمادات ، الى كائنات عجيبة ساكنة!  فقط حينما يجلسون إلى التلفزيون ، يشاهدون حلقة من حلقات المسلسل الكرتوني فلونة!..

   وكبر الأولاد ، تفرقت بهم الأيام ، و أذكرهم دائما ، وأشتاق إلى شغبهم ..

    وكلما تشوقتُ إليهم ،  ناديتُ تلك القطة لكي تستلقي بجانبي ، فهي تؤنسني في وحدتي…

انهيار.

   قام الرجل فجأة وكأنه قد جن جنونه واحتضن جثة ابنه ، وظل يصرخ ، ويقول :

ـــــــ  يا ابني ! يا حبيبي …

  كانت يداه  تعتصران ابنه ، وهو يضمه الى صدره ، ويُلصق وجهه بوجه ابنه ، ويصرخ :

ـــــ بني … كيف أستطيع أن أعيش بعدك ؟…

  استمر يبكي ويصرخ بدون توقف ..

  اندهشناَ لحاله ؛ في البداية كان متماسكاً لكنه انهار … 

  كانت قلوبنا تتألم لذلك المشهد .. 

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!