التلاشي /الشاعر السوري عبدالنور الهنداوي

لصحيفة آفاق حرة:
______________

– الجنون لا يتلاشى..// نحن الذ ين تتلاشى-
” كنت ”

… يا درب الآلام الذي جاء من النهاية ///
نرقص فرحاً ///
وأقدامنا من خشب //
نبحث عن الخلاص في أفواه موتانا
لإدارة الزمن // وما وراء الزمن // ؟
وجهيَ الآن
قطعة من الغيهبية // وبقايا رُضاب باسق في الرماد
يلتمع كجرم مزّق المناخ
ليظل جائعاً / /كذكريات شديدة الإيجاز
كل ما حولي// نافر كأشلاءِ صرخة مغسولة بالضوء والحجارة
أمتزج// بالصدأ // لأطرق الدهشة بالفضيحة
والأسئلة/// بما تبقّى لدي من الغموض
في البدء////
كانت البربرية/ وكآبة الغابات ////ودفء الأصنام التي غالبها النعاس
وبعبق يسيل من أريج المحاربين
امتلأتُ بصمت فارغ ///” وبقمر ” طائش رأيته ذات يوم //
كان لي مآرب في فتح ثغرة في الوحل
والتدثّر بدم شديد الغوص بالندى// والرؤوس الدفينة
كل التراب الذي عرفته/
أسبغ عليّ حضوره الغائب وأكوام بكاء مسيجة بالصواعق.
الفتك.. //
سلبني آثاث فمي/ وغيوميَ الجذلى // وشهوة الإيحاء
هم يزرعون دمي بالمطارق
وأنا أواري سوأتي/// كي لا أظل داخل العراء
قبل ذلك //
كنت مدجّجاً // بارتجاف تضاءل كثيراً/ من كثرة الخيال
والليل يلمع ضدّي / ليرتفع بهدوء فوق الحِراب
أستطلع الضوء الذي لفّ الفراغ/ مثل شفاه دمدمت بأفكار تحضّ على صمت تسلّل من صهوات هادئة/////
منذ زمن لم يغمض لي جفن
منذ زمن /// وأنا أبدع في صنع تأشيرة دخول فاجرة /// لفصحاء القوم
أتحوّل بين فينة وأخرى إلى ملهاة// أو زغرودة تصمّ الآذان
// بل إلى ضلالة تتحدّث عن قوّة انتشار الدم
وأحياناً
أتقاسم ثمار الآلام الأولى/ قبل أن تتفتّح الثغرات بأصابعنا الغويّة
أعاقر اللحظات المنحنية // والأزقّة الثملة
لأخوض حرباً ///ضدّ المدن الباهتة /// لأداعب الأزل
قد أجرّ في لحظة ما /// قبيلة من الصفيح // لألعب بكل
مكونات الغروب
ثمّة ظل // وصداه
تصدّع في جماجم الثورات/// وملاهي النسيان // وتشقّق العطور الفاخرة في ساحات الوغى
أسمّي قمّة الليل// قطعة غبار تثأر من وديانها
والمدن الخربة ؟ ///
قبلات تتفخّذ جوعنا ///
كي لا نظل تراوح في الوحل .
سأعتذر من تآكل المعذبين// ووفرة اللهب// التي بين يدي
الملائكة
ثم لا أنا ولا الهواء// بحاجة إلى ثياب
ولست بحاجة للإغتسال في حضرة الفاجعة
ثمّة أزمة تتهدّل من الظل
فيما طرقات غارقة في ملذاتها// معلنة // عن انتصار بشوش
في الوعي
في هذه اللحظة ////
حدث جنوح ” بنيويّ ” في صورتي
وكميات إضافية من الإبهار
لأظل في نومي /// أتسلّق الغابات /// وأنقّب في الرؤيا/
وألوّح بسيف مسلول// كان فيما مضى ممرّاً ساحراً للفراغ
– في هذه اللحظة – وضعت دمي أمام دمي
ووجهي أمام النداء
وجلدي// الذي رافقته وهو في عزّ النوم
طلب قطعة من جسد الفجر / لينهض بالصرخة علناً// أمام أشعّة أكثر دفئاً من الخناجر
أنا كبرياؤك يا تراب
جليدك الأزليّ // وغمار صوتك الرنّأن
أنا ضوضاء قامتك/ ابتهال ذكراك/ وندمي المشعّ
أنا انتفاخ النار // وسيزيف العرب
ربما اقتربُ من ليلة الخبز
لألمح الشواطئ الموغلة بالثغاء .!
آن ليَ الآن/ أن أقذف هشيمي ساخناً في كل الدنيا
وأصنع لهيباً يقطن المخيلة
وأبادر/// بارتكاب لغة خاصة بالفزع
وأمتشق جداراً لديه قدرة على الحديث مع هياكلنا// وصناديق النفايات
ها هو جسدي خال من الماء // والأسلحة
فيما الحزن يتدلّى من فخّار المذابح وأشباه الآلهة
أصابعي الباردة / الساخنة /// وايضاً المظلمة/ الباسقة بالأحفاد وأبطال القصائد الفارعة الطول ..؟ //
ودعّتها // للضرورة
لأنّ ثمّة أشياء / تحولت فجأة إلى أشياء
-الجثث لها أفواه ابدية
– الحديث/ عن الزلازل ما زالت تمرّ
يعني // أرواحنا بوابات/ غالباً ما تنتج ثلجاً مفخّخاً// وغابات لتعذيب الرهان
بفضل الفراغ
ضمنت أن لا أُحدث دويّاً في الازقّة/ والآخرة / والعراء / والقصور الممتلئة بالملح/ وعبث الطغاة
ولا أدري إن كنت// أضع حدّاً للنوايا الميتة/ أو اللهاث؟
قد أظل واقفاً في مكان يثير الهلع
لما اردّد من إيقاع لتجفيف الأيام // وما تحمله الأرض من لعنة تغِل في الحلم .
قلبي جزء لا يتجزّأ من الأيدي الخشنة
من بقاء تلادغه عبقرية البقاء امام الأطلال
وصوتي ضربتْه الصواعق/// لتنظيف الأغوار المتوهجة/
وحُماة الفرح
أتآكل/ وأنوء/ وأدمدم/ وأتجلّى كضحية
وأيضاً أأنّ // من الوريد إلى الوريد
كل شيء رأيته في البرق//؟
كان مبهراً/ وممتلئاً//بالمرايا//
ويتسرّب من أعناق الأزهار/ وجلود الكلمات
ها انا اُحرج الأمام/ والوراء/ بارتجاج الفلسفة وعنفوان الإنتفاخ في البطولة
صرت أمشي بخيلاء منقطع النظير
لحفنة من الصباح// مزركشة بالهشيم وساكني الابتسامات
– حدث ان اجتزت حائطا عبثياً/ كان يقدّم وجبات فائقة للتراب
– حدث أن برعمَت الشوارع صدفة/ معلنة ولائها// للصمت
/ كمظمهر من مظاهرالترف / والخواء البنيويّ/ والذبذبة
القادمة من هناك
– حدث أن رأيت خارطة منتهكة من كثرة الغيب القابع بأعماقها
– حدث أن عجزت أن اتحوّل إلى تجاعيد/ أو لحظة ساخنة
تعيدني إلى ضباب يسيل من ذاكرة آثمة
هاهي قافلة الكلمات تختمر///
مزوّدة بغيوم مريرة / ومهارات ملغّمة
نفرّ من ضياعٍ
إلى ضياع يتفصّد نُطفاً قطعت عهداً بالثأر
لنلوذ جميعاً // على مرآى // عدم كان يفتتن/ بأعراس مبتلّة
بعشب من ضمير البلاد
انا الواقف في الظلماء
القاطع خبز الأسطورة/ وعبقرية القلق
ربما تعثرّتُ بصرخة ليس لها حدود
وإن عِظامنا ستلاحقنا / كي لا يترهّل الهذيان
إنه الوراء الكسول
وأقدامنا المكتنزة/ بورق الموائد/ وشِجار الأزمنة
يا للضباب الذي تسرّب من اللحظات التي نمت كما ينمو الخليج
وقتَ أن أشرت إلى تلك الأرصفة المزدانة بالصهوات/ ونعاس
الفراغ
تريثت قليلاً كي لا أضيع بين رُعافي وبين الإرث المصدّف بالنفايات/ وانتفاضة الخناجر ” المجلوخة ” /// للإنتظار
جميلة هي الحروق التي لازمتني
وطيبة هي الجثث التي استوطنت دفائن الطغاة
لكن أصابعي ما زالت تترنّح كي تشهد على شموس وهبت حياتها لخوف المحاربين
وربما اغتبطتُ كي لا نغلّف عيوننا بالخجل
واحسرتاه////
على شللٍ بالظلال
ونزف يقتات / الحركات التي ستهبنا الأحاسيس الظالمة
تسلقّنا اللاوعي // كي نخيف الموت ../
أو كما يقول اللغز: للبلاد / أو/ للدم// طريق واحد هو التراب
صدى القرى// وعشائر الإيمان/ وافتراش العبث/ حيث يباركنا الأمل
ونلوك النار // فاطمين جلجلة توجّ في فراش الله
هكذا / استُبدلت / الأحلام بكمية كبيرة من مياه البحر
وما لا يحصى من ثقافة الرمال
هدايانا///
تلادغها كائنات العالم السفليّ
تحاول تقليد الهواء / والغربان المصفّحة بالأضداد// وفحم
الأحراش المبلّل بالفصاحة / والحيطان الواطئة
ّنتكرّر خلسة مع اوجاعنا
نتكرّر كما لو أن الصدى هو القلب
نتكرّر كي يتوقف الدمع // ولو على قارعة الطريق
نتكرّر كي يتوقف الصدى في العيون
أطوي الأشياء كلّها //
أخوّض في أرض تشعّ بقتلاها
وأتجرّد من اليقظة // لألتصق بالنسيان الذي باغت دفئي//
وخلاّني مثل زقاق يلتقم الأحزان
لا مكان // لدي/ حتى أستوعب عثرات الأزهار
لن أكون جيداً أيها القمر // وأنت شريد
الجماجم // لا زالت على مقربة من النوم
وشفاهنا موصدة / على ردهة واسعة من عدم طويل
حتى دمنا / له مواعيد ثابتة // الإستيقاظ
وللذبح//
وللخيبات الطويلة
للمسافات
وأرتال الدموع //و // دفلى حِرماننا الغضّ
انا الطائر الذي صادف ظلّه// وهاجر طائشاً في فجاج الرمل
وعلّق طيرانه- في – بكاء مخطوف
وانتظر إشارات إلهية لخفايا الرموز
أنا في غاية الخجل من المرايا/// التي تلد الطين// وتسألنا
عن احوالنا
الرياح في بلادي لا تحمل الهواء// كي نقرأ النصوص بالأسنان
قلت : لماذا تمشي كل هذه الآهات في نبضها القديم
وتنبثق الرايات ملفوحة بالفصاحة/ كاسرة أسهمها في الرِدة
وساعات الغربة // وكعك الخراب
قُرب الإيقاع الوطنيّ
تناغمت الأقدام الباهتة // والمسافات الباهتة
ونحن الملطخون بالهواء//// نقترب من جماجم الفولاذ
والستائر الموشحة بالملح///وظِلالها” المنفوخة” الأوداج
الدروب خلّدها// الطير القادم من قلبي
لتفرط في الإجابات أمام الأضرحة الخصيبة.
لقد سلبني البكاء ميّزة أعتز بها
تقيّء المخمل بتقنية عالية /// والجليد يهزّ هامة الوصايا//
والنُذر/ والقتل/ والضحك الذي عاد من جديد ليفكّ أسر
سقوطنا/ وسقوط أحجارنا الكريمة
لحظة بلحظة
أسأل عن رائحة ألقت بأحزانها// فوق أحزانها
والبكاء طريح لحظة آخذة بعنان قلوب شامتة بأسرارها
يداي امتلأتا بالعار
فاندلقت رائحة الضحايا بأقصى سرعتها / خائفة من الإحتراز
المرّ//وغسق الخُطا/// ودمدمة النزف/// والضوضاء
يارب// ما اطول أنين العودة إلى الهذيان
وما أجمل الغرق الذي لا يعرف أين يتجه الدم
_ انا لا أدعو إلى عودة الأمكنة وغصّتها
ولا إلى غيوم تودّ ملاحقةالأحبة // للإبحار في فجاج” مبلّط”
بسهوب الرؤوس المدسوسة بلهاث الخلجان وانوارها
أنا الذي جئت من فجاج الضحكة المترامية أمام وقارها
فامتشفت صرخة نادرة /// كي أسيّج البراهين من انفلاتها
الجارف
ومن//// مواصلة الحديث عن تفاؤل قضّ مضجع الأقنعة وزعفران الأعياد المدلهمّة
الدم// طريقة عرضه
تفاح الأساطير// وجريرة الآدمية الضائعة
وأيضاً //المساواة بين طرفي اللذّة //// وطيور الماضي السحيق// وحليب الأجيال
ليس للدم آذان صاغية
فقط لديه ابعاد/ نستخدمها مثل نصوص الضحايا
أقول : وهو يستعيد مشهدية التعاطي مع وجوهنا
ونتعقّبه بالهراوات/ لإزالة الكثير من الأمكنة
يقول : أنا الذي زرع الدمع/ والبرق/ والغربان المخضّبة/ والرخام/وأزهار البنفسج/ في عيون الفراشات
وأستحدث طريقة غاية في الروعة// للإجتماع بالصدى
طريق واحد للأيدي العارية
والذهاب إلى الثقوب/ لاختبار البطولة واجتثاث المناعة الخائفة من تصوّر الخوف
طريق واحد لارتداء الهواء القادم من ذاكرة الغابات// للتعرّف
على مفاتن القياصرة/// وهم ينتعلون الذباب بدلاً من شعشة
العيون
ثغورنا تآكلت- عياناً/ بياناً- في هدأة الحداثة/ وزمهرير الرموز
وعبر احتراز الرقصات التي فاحت منها رائحة الأسلاك الشائكة// وتمائم الجلجلة
أنا الغويّ/ الصافع خدّ الباطن// والظاهر
الحامل دفء الخلوات/ وكثافة الأقدام
أجيل الطرف في الأبعاد / لألتقط نُتف الأبواب/ وبقايا صور
لم يدركها الصباح
أتصفّح أسراب العزلة المجدولة بالموت وإشارات الحلم الخالية من كحل صارم / فاتن/ لذيذ/ في العلانية والأسرار
آهٍ
كم من ضباب غداة ظهور العيون المرشوشة بطشيش الماء
وجوهنا طافحة//// بالترف/ ومنطق ضرورة البقاء
ومالا استطيع قوله/// وجود معضلة في سبب تساقط أيدينا
وتكريسنا كبشر// كأعواد الثقاب
قد لا أحتاج كثيراً لذبذبة الفضيحة
أو بعض الأنهار الطاعنة بالسن
أحتاج فقط لتعذيبها
وضحايا// تذرف الدموع الفاتنة
أنا خائف يا دم
أنا خائف يا حبيبي

عن هشام شمسان

هشام سعيد شمسان أديب وكاتب يمني مهتم بالنقد الثقافي والأدبي ، ويكتب القصة القصيرة والشعر . له عددمن المؤلفات النقدية والسردية والشعرية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!