سبع مئة ثور/ بقلم:علوي بن محمود( اليمن )

لم تكن المشقعه مجرد قرية كبيرة ممتدة على طول جنبات حيد الشقع تتناثر البيوت فيها مع كل انحناء وملتوى في الوادي

هذه الأرض القديمه بحقولها القاعية ومدرجاتها الزراعية كانت تنتج الحبوب والغلال والرجال طوال ٥٠٠٠ سنة

ولما كانت المساكن متباعدة متناثرة فقد لزم التعاون والمراجعه في القضايا الملحه

كانت الامطار الموسمية وسيولها تخرب المدرجات بشكل دوري

لذا تقرر ان على كل بيت في نواحي المشقعه عليه ان يقدم ثورا لصالح حراثة حقول المشقعه

وعليه تم جمع حوالي (٧٠٠ ) ثور وتم بناء حضيرة كبيرة تأويها ريثما يبدأ المشروع

ومجددا كان على كل بيت في المشقعه ان يقدم مساهمته لعلف الثيران

ومع ذلك كان موسم الزراعه يمضي بحسب نجومه ودخولها وكان لابد من الحراثة العاجلة للحقول والا فات الموسم

صنع اهالي المشقعه محرايث جديدة اخف من محاريث الثيران التي احيلت جانبا بعد ان سلم الناس ثيرانهم للحضيرة الكبيرة

كان لزاما ان يقوم الأب القوي القادر ان يجر المحراث بنفسه الذي تقف عليه زوجته لتعميق المساريب بينما ينثر الأولاد الصغار البذور وبهذه الطريقة عملت وحرثت جرب المشقعه جربة جربة وبدعا بدعا وانبتت زرعا حسنا بأجتهاد وصبر وشقاء جم لم تكن الارض لتخضوضر الابمقدار ماشقيا فيها

في الحضيرة علا خوار الثيران التي تجلس في ملل بلا عمل ولامهرة فأحتقن الجو وتكهرب وتناطحت بعنف وهياج ثوري وماكان من رعاة الحضيرة الا اتخاذ اجراءت صارمه

كسرت قرون بعض الثيران تأديبا لها وتم اخصاء جزء منها ليخف هياجها وحرمانها من النسل للأبد وتم ربط ايدي وارجل بعضها لتقييد حركتها قلة قليلة تحلت بالهدوء فتركت حرة دون قيد او عقوبة ولا تأديب

ليس ببعيد عن المشقعه قام رجل يدعى الطحلبي بشن الحرب وهاانه ارسل الدعاة الى كل نواحي المشقعه ان قدموا اولادكم ليكونوا بيادق للحرب

اتى جواب اهل المشقعه للطحلبي ان ليس لدينا اولاد زيادة عن الحاجه ونحن نحتاجهم لجر المحاريث وبذر البذار والبتاله

فأرسل الطحلبي متوعدا ان لم ترسلوا اولادكم فأفتدو انفسكم فأن لم تكونون وقودا لنار للحرب فستكونون رمادها

فما كان بيد اهل المشقعه الا ان ارسلوا للطحلبي السبع مئة ثور فداء اولادهم

وقبل منهم الطحلبي هذا البديل فقد علم ان من يجر المحراث على ظهره زاجي صمصام ومن شقي لأجل ارضه لن يكون دفاعه عنها اقل بسالة وليس من مصلحته ان يقاتل اهل المشقعه فتركهم وشأنهم

بعد ٢٨٣ يوما اي تسعة اشهر ولدت ابقار المشقعه عجولها الجديدة بمخاض عسير ناحت وخارت فيها من ألم الولادة

فأقسم كل رب اسرة بألآم البقر والبشر ان لن يسلم ثوره لأي أحد وسيقدمه عونا لكل اخ وجار في حراثة ارضه

حضيرة الثيران اصبحت مشغلا ومخزنا لصنع الرماح الطويلة

لأن سبع مئة ثور لن تذهب هدرا .

 

علوي بن محمود

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!