آفاق حُــــرة
ذقت المرارات كلها ، واجهت جُلّها بمفردي ، بارزت أكثرها بسيفي ، تلذذت ببعضها ،صنعت نورا من دياجيرها ، حوّلتها منحا بعد إن كانت محن ، وما كان لي ذلك كذلك لولا لطف ربي وعون أمي .
ولأن مصائبي تكبر بكبر سني ، فبلية بي قد نزلت ، خارت لها القوى ، وتاهت في غياهبها الفِكْر ، ألتفتُ يمنة ويسرة بحثا عن نصير أو قريب يطبطب على ظهري فلا أجد ، أنوح كثكلى فُجعت بفراق زوجها، أنحب كرضيع أُريد له الفصال ولم يبلغ سن الفطام ، لي يقولون : أذنبت. ولا ذنب لي ، أعترف بالذنب قسرا ، فلم يغفر !.
حبيبٌ عاشرته ثمانِ حجج ، وما نهرني يوما ولا نهرته ، أحبني بجنون ، كذلك أحببته ، اختلطت أرواحنا ، امتزجت معا ، أصبحت شيئا واحدا ، صرنا مجرى المثل في قريتنا ، حين يتحدث عن الحبّ ، يتحدث عنا .
في العاشر من مايو من كل عام ، نحتفل، نبتهج، نرقص ، نغني ، ليس لشيء ، إلا لأننا في يوم كهذا اجتمعنا.
لم يدر في خلدي آنًا فقد هذا الحبيب ، حسبت أني سأنزل القبر معه إن مات قبلي ، قبل ثلاثين يوما خرجت به في فسحة ، ولم أعد به ، عدت منفردا من دونه ، عدت ولا روح لي ، عدت مستسلما للموت ، وما أظنه إلا قد حضر !