شاعر الوطن الأديب د . شلال عنوز : الشعر رسالة وقضية يتماهى فيه الاحساس وينمو به الشعور حاوره – الإعلامي قصي الفضلي

 

شاعر الوطن
الأديب د . شلال عنوز :

الشعر رسالة وقضية يتماهى فيه الاحساس وينمو به الشعور

حاوره – الإعلامي قصي الفضلي

نال لقب (شاعر الوطن ) لكون أكثر كتاباته عن هموم الوطن والانسان .. يعد في طليعة شعراء الحداثة المتميّزين في العراق والوطن العربي بشهادة نقّاد كبار … ضيفنا الشاعر الأستاذ شلال عنوز و هو ذلك الطفل القروي المشاكس , كثير ألأسئلة الذي ولد في ” غمّاس ” احدى نواحي محافظة الديوانية في الفرات الأوسط من العراق ,وتنفس هواء العراق ممتزجاً برائحة الأرض وعبير العنبر وشدو العنادل,فعانق النخيل وتسامى مع الشموخ وانطلق في الحقول وغنّى للماء والمطر, فزّ على أهازيج الفلاحين التي تشدو للعشق وبساطة العيش واكرام الضيف فتوهّج مع العنفوان أبيّاً صلباً لايعرف التراجع والانهزام.وهو ذلك الانسان البسيط العفوي الذي يبتسم على الدوام والذي يحب كل الناس ولا يضمر الحقد حتى على من ظلمه … هو : يكتب لذاته فهو عاش شقاء السنين ومرارة الهوان والخذلان والاستبداد وتجرّع الخيبات وهو يكتب للمرأة لانها عنوان التكامل الانساني والوجود والشريك الأصيل للرجل بكل ماتحمله من عطاء وحنان وحب وتجليات جمال … حملنا تساؤلاتنا واتجهنا صوبه للشروع في حوارية مفتوحة حول الشعر والأدب وعبر الأتي :

** عرفانا منا لما قدمه من جهود كبيرة في خدمة الشعر والأدب .. نقدمه للقارىء الكريم ونستعرض أهم المحطات في مسيرة حبلى بالمنجزات الأدبية ؟.

– أكمل دراسته الابتدائية في مدرسة المكارم الابتدائية للبنين وأكمل الدراسة المتوسّطة في ثانوية غماس للبنين , وبدأ يقرأ في هذه الفترة أيّ كتاب تقع عليه عيناه وأشتدّ ولعه بالقراءة فقرأ المنفلوطي والحكيم وجبران خليل جبران وجرجي زيدان وجورج جرداق وغيرهم في كتبهم الموجودة في مكتبات المدارس التي درس بها وحاز على تشجيع معلميه ونمت موهبته الأدبية وبرز في درس الانشاء….
انتقل مع عائلته الى موطنهم الأصلي في النجف وأكمل دراسته الثانوية في اعدادية النجف للبنين, في هذه الفترة أبهرته المدينة الكبيرة (النجف) العامرة بمكتباتها الفخمة ونواديها الأدبية الرائعة وأدبائها وشعرائها وهي المدينة التي تتناسل في حقولها الفصاحة والبلاغة وتزدهر في روابيها قمم الابداع, فعكف على التردد الدائم في المواسم الأدبية والأماسي الشعرية التي تقيمها بانتظام الرابطة الأدبية وعشق الشعر وحلّق في عوالمه الرحبة واستمع الى فحول الشعر والأدب , الجواهري والشرقي وعبد المهدي مطر ومصطفى جمال الدين وعبدالأمير الحصيري وزامل شعراء مبدعين لايزالون يغنون الحركة الشعرية والأدبية وبدأ مشواره الشعري وأرتقى منصة الشعر لأول مرة عام ” 1968″ .. تخرج من اعدادية النجف للبنين للعام الدراسي 1969-1970 .. تم قبوله في كلية العلوم /الجامعة المستنصرية واعتقل لنشاطه السياسي ورقّن قيده من الدراسة,اكمل خدمته العسكرية الالزامية
عين في الشركة العامة لنفط الشمال في معهد التدريب النفطي في كركوك ولكن التقرير الامني اوصى بالغاء امرتعيينه لكونه غير سائر في خط مايسمى بالثورة آنذاك أي غير مرغوب فيه لكونه كان معتقلا سياسيا…
وتخلّى عن النشاط السياسي لظروفه المعيشية الصعبة وعيّن في وزارة الثقافة والاعلام/الدار الوطنية للنشر والتوزيع والاعلان وتقلّد مناصب ادارية فيها :-
مدير الدار الوطنية للنشر والتوزيع والاعلان /النجف
مدير الدار الوطنية للنشر والتوزيع والاعلان /ذي قار
مدير الدار الوطنية للنشر والتوزيع والاعلان /القادسية
ثم نقل الى وزارة الصناعة والمعادن بقرار تعسفي وعين مديرا للتسويق في المنشأة العامة لصناعة الالبسة الجاهزة/وزارة الصناعة .. احيل على التقاعد عام ” 1990″ بناءا على طلبه .. أكمل دراسته الجامعية في قسم القانون و يعمل حاليا في حقل المحاماة .. عضو اتحاد الادباء والكتاب العرب منذ عام ” 1992″ عضو اتحاد الادباء والكتاب في العراق منذ عام ” 1985″ عضو مؤسس في اتحاد الادباء والكتاب في النجف ونائب رئيس الاتحاد حاليا
عضو نقابة المحامين العراقيين.. عضو اتحاد الحقوقيين العراقيين.. عضو غرفة تجارة النجف سابقا.. له حضور فاعل في المشهد الثقافي العراقي والعربي وعضو مشارك في اغلب المهرجانات
مهرجان المربد الشعري , مهرجان المتنبي, مهرجان الجواهري .عالم الشعر ومهرجان الكميت الشعري في العراق ومهرجان همسة سماء الثقافة في الدانمارك ومهرجان الدبلوماسية الثقافية الانسانية في الرباط / المغرب .. كتب ونشر في اغلب الصحف والمجلات العراقية والعربية والمواقع الالكترونية الراقية .. وترجمت بعض اشعاره الى اللغة الكردية واللغة الانكليزية واللغة الفرنسية واللغة الايطالية ونشرت في صحف ومجلات وموقع عربية واجنبية مرموقة ..
يكتب الشعر بانواعه ,العمود, التفعيلة , قصيدة النثر ..
وردت تراجم له في كل الكتب التي ارّخت للحركة الشعرية والأدبية في النجف والعراق .. كُتبت عنه وعن شعره دراسات نقدية ونشرت في الصحف والمجلات المحلية والعربية والمواقع الالكترونية المتخصصة…
حاز على عدة جوائز تقديرية.. فازت قصيدته وبكى الماء في المركز الاول ( النصوص النثرية ) لمسابقة منتدى المثقفين في امريكا وكندا ودول المهجر
رئيس تحرير مجلة الطف سابقا
صاحب الامتياز ورئيس تحرير مجلة ذكوات الأدبية/ متوقفة عن الصدور حاليا .. عضو مجلس الادارة لشبكة قصيدة النثر .. رئيس البيت الثقافي العربي في الهند وكالة ..
صدر له :
1- مرايا الزهور….ديوان شعر
2-الشاعر وسفر الغريب…..ديوان شعر
3- وبكى الماء ….ديوان شعر
4- السماء لم تزل زرقاء …..ديوان شعر
5- امنحيني مطر الدفء….ديوان شعر
6 – حديث الياسمين….مجموعة مشتركة مع شعراء عرب وعراقيين
7 – ديوان صدى الربيع ….مجموعة مشتركة
8- يا ايها المحتمي بالارق…. ديوان شعر عمود قيد الطبع
9 – .رواية قيد الطبع
كتب عن شعره الكثير من الدراسات النقدية و التحليلية وتناول شعره في بعض رسائل الماجستير والدكتوراه…كتب عنه أكثر من (25) دراسة نقدية و(17) مبحثا من نقاد عرب وعراقيين ..
كما وردت له تراجم في مؤلفات كل الذين أرّخوا للحركة الشعرية والأدبية في النجف والعراق…
حاز على الكثير من الجوائز التقديرية من وزارة الثقافة والاعلام سابقا وجامعة الكوفة ووزارة الثقافة في العراق عام ” 2006 ” .واتحاد الأدباء والكتاب في العراق واتحاد الأدباء الدولي … كماحصل على جوائز تقديرية ودروع ابداع من منظمات ثقافية عربية وعالمية ومواقع مرموقة .. وفازت قصيدته وبكى الماء بالمركز الاول للنصوص النثرية في مسابقة منتدى المثقفين في امريكا وكندا ودول المهجر…كما فازت نصوص اخرى له بالمراكز الاولى في مواقع ثقافية مرموقة … يلقب ب(شاعر الوطن )لكون أكثر كتاباته عن هموم الوطن الوطن والانسان .. يعد في طليعة شعراء الحداثة المتميّزين في الوطن العربي بشهادة نقّاد كبار … منح في 4 مارس عام” 2017″ شهادة الدكتوراه الفخرية في اللغة العربية وآدابها من قبل الهيئة العلمية في مركز الحرف للدراسات العربية في جامعة ستراتفورد الأمريكية لاسهامه في إثراء المكتبة العربية وأبداعه وتميّزه الشعري ولترجمة نصوصه الى اللغات العالمية .

** كيف تنظر للحراك الأدبي والثقافي في بلدكم العراق ، وماهو تقيمك له في المنطقة العربية .. ؟.

– لعل أهم مايلاحظ على الحراك الثقافي في العراق هو هذا التنوع المؤسساتي البعيد عن دعم الدولة أو الذي يحظى بدعم بسيط لايكاد يتناسب وعراقة الثقافة في العراق من قبل وزارة الثقافة ودوائرها ربما لأن من يتسيّد الآن لا يعير وزنا للثقافة بل هو مشغول في كتلته وطائفته وترسيخ سلطانه ,لهذ يبرز جليا في الحراك الثقافي هذا التنوع المؤسساتي البعيد عن دعم الدولة والذي يعطي آفاقا مشجعة لمناخ ثقافي يشي بالنضوج النسبي فهناك اتحاد الأدباء والكتاب في العراق وفروعه في المحافظات والذي تجده مزدهرا بفعالياته ومهرجاناته وبرنامجه الثقافي المكثف في بغداد والمحافظات وهناك ايضا شارع المتنبي وفالياته الجميلة في أيام الجمع فضلا عن برامج الكثير من المؤسسات الثقافية التي اضطلعت بها شخصيات ثقافية متميّزة وهذا الحراك الثقافي ألقى بظلاله على المشهد الثقافي العام سواء داخل العراق أو خارجه وحظي باهتمام بالغ من قبل الشارع الثقافي العربي سواء عن طريق الدعوات للأدباء العراقيين أو عن طريق النشر أو التواصل النقدي والمعرفي وتبادل الأفكار التي من شأنها أن تسهم في تكوين مشهد أدبي وثقافي عربي مفتوح.

** اسَبَغَ أَغوار أعماق روحك ، وقل لمن يكتب الأديب شلال عنوز .؟.

– الشاعر هو قبل كل شيء هو انسان يعيش في زمان ومكان معين يحزن ويفرح , يبكي ويغني . يمتليء بكل الأحاسيس الانسانية ويعبّر عن مكنوناته النفسية شعرا في ظل هذا التشظي والوجع الانساني والمعاناة المريرة التي يعيشها الشاعر لهذا فشلال عنوز يكتب للوطن المذبوح المبتلى . يكتب للعراق الخالد وهذا ماتراه جلياً في مجموعاته الشعرية المطبوعة (مرايا الزهور) و(الشاعر وسفر الغريب) و(وبكى الماء) و(امنحيني مطر الدفء) فأغلب ما يكتبه هو لوطنه . الوطن الذي تصطاف فيه الذئاب ويسرق حلمه الطارئون واللصوص وشلال عنوز يكتب لذاته فهو عاش شقاء السنين ومرارة الهوان والخذلان والاستبداد وتجرّع الخيبات وهو يكتب للمرأة لانها عنوان التكامل الانساني والوجود والشريك الأصيل للرجل بكل ماتحمله من عطاء وحنان وحب وتجليات جمال وهذا ميلاحظ في مجموعتي الشعرية (السماء لم تزل زرقاء) و(امنحيني مطر الدفء)…
هو المطر
وأنتَ تطلقُ ساقيكَ
للريح
تعبَثُ بك الذّكرياتُ
المُسلفَنة
يصفعُك الحنين
مُنذُ متى؟
وأنت تُرهبُك الطّقوسُ التي
شاخَ فيها الأرق
احدَودَبت آهاتُها
وغادرتها ألأماني
العوانس
فطوّحَت تشهقُ مُذعنةً
عند رُكامِ الضّجيج
مُنذُ متى؟
وأنتَ تعدُّ انتهاءاتِ الغروب
صفيرَ الغسق
احتراقَ الفراشات
منذُ متى؟
وأنتَ تنامُ على تِلالٍ
من توجّسٍ

مدىً من صراخ
وأنتَ تطلق ساقيك
للريح
تجهشُ بكَ الدروبُ
ويشربُ شهيقَك
ألأُفقُ
تُطرقُ رأسَك
حيثُ الأُفول
فتزدريكَ المتاهات
يموت بين فكّيك
هسيسُ الحروف
لكنَّما
ينهمرُ المطر
فيستعرُ القدَر
يشدو العنفوان
بأجنحة النوارس
يُلوّحُ الربيع
بكوفيّته الخضراء
فتردُّك الرياحُ
حيثُ احتضارِ
أزمنة الخوف
لتورق البسمات الطفولية
على الشفاه
ترقصُ أزاهيرُ
الرّغبات
ينمو على سوسنة العمرِ
ألفُ شتلٍ
من الجُّلّنار
وتعزفُ الحقولُ
ألف لحنٍ وماء
تهزجُ للحب
تغني للبهاء ….
.في ذروةِ
المطر
من مجموعتي الشعرية ( وبكى الماء )

* * *

 

** سؤال لطالما طرحته في محاولة مني لمعرفة الجواب الذي نضعه على طاولة المتلقي ، ياترى ما هو تعليقك حول ظاهرة ( جسدنة الأدب ) هل هي تكريس لسلطة إغراء الحرف ، أم دعوة في سبيل تحرير الأنثى من القيود المتوارثة .؟.

– التغزل بالأنثى ووصف جمالها ومفاتنها ليس طارئا على الأدب العربي بل هو موجود في الأدب منذ عصر المعلقات ورافق مسيرة الأدب عبر عصوره اللاحقة وحتى زماننا الحالي وأعتقد أنها حالة صحية في الأدب لتثوير مكامن الجمال وخلق حالة التشويق والدهشة فالمرأة هي الوطن والزوجة والحبيبة وتمثل كل مظاهر الجمال بأبهى صوره وهي الوردة الأجمل في بستان الحياة والأدب ومنها يشم عبق الحب والحنان وبدلالها تتميّز القصائد ويستفيق الغناء , وعندما يتألق الشاعر في أبراز الجمال ينمو في تراتيله النقاء ويطوفه شذا المواسم وسيدة المواسم هي المرأة …

” مليكة النوارس ”

أراقبُ صمت عُري الماء
على ابتسامات
فضاءات جسمكِ
المخمليّ
الذي خلع قيد
جُدران الحراسة
وأشرق بابتهالات
أمواج الضوء
يُشهر عنفوان
رايات التمرّد
ويُعلن مواسم
الشروق السرمدي
على رقص بوّابات
مدن البنفسج
فأسمع بوح
تلألؤِ النجوم
ينساب
نديّاً يغنّي لهدهدات
رهافة مضيق الخصر
المُسوّربحزام
وشوشة قداسة التراتيل
مورق هو بارتجاف
شُعَل الأماني
وهذا الانبهار المصفّق
لألق ضفاف الرُّقي حبّا
فيبتسم جُرح الوطن
رغم عنف شراسة الوجع
ليحضنك
همس غفوة طفل
يعانق جوع جيد امه للعناق
يطفيء اشتعالات عطشه في
عذوبة نبع رمانتين
من دفق فرات
يامليكة النوارس الراقصة
أنشودات أمواج أنغام
ممهورة بلذّة صخب في تأجّج انهمار
كرنفال غجري
أنذا أوغل نزف لحن
في ضجيج همهمات
مرايا الروح
أشتعلُ صبّاً في احتراق هوسي
فيُضيء ثغر المساء
جنون براكين قُبَل
تمسّدُ سرابيل ليل بساتين الأنوثة
تزرع عناق الامنيات
في رحيق اللقاء
لتنهمر القُبل
عاصفة فراشات
تراقص امتداداتك
من أقصاها
حتى مطلع الفجر

من مجموعتي الشعرية ( السماء لم تزل زرقاء)

** هل أنت معي شاعرنا : أن جل مايشغل الشاعر المعاصر التجدد والسعي إلى اكتشاف حرف يكون خارج عن النمطية المألوفة و أهمية الكلمة بغية الوصول إلى قصائد غير معهودة ؟

– نعم , الشعر هو انثيال روحي يتأجج في لحظات الذروة عند الشاعر وأقصد بلحظات الذروة هي اللحظات التي يكون فيها الشاعر مستعداً لأن يصرخ أو يبكي او يغني بحروفه التي تستنزف روحه لحظة ولادة القصيدة فيتجلّى ليكون فوق العادة نبيّاً للحرف أومحلقا حد الجنون , اذن هو نزيف الروح على الورق, والشعر ايضاً الهام رباني تبحر به الموهبة وترسو به على شواطيء الابداع حيث تسمو الروح وتتموسق الكلمات ويعشوشب المعنى خضرة وألقا ورقيا وبين هذا وذاك فالشعر رسالة وهم وقضية يتماهى فيه الاحساس وينمو به الشعور وتسقيم به الكلمة لينتج مسارات خصبة من فضاءات الحب والسلام للانسانية …. فالشعر هو فن الابداع والتجدد والارتقاء والاتيان بغير المألوف أو بالأحرى هوفن خلق الدهشة والتشويق للمتلقّي مع الحفاظ على أصالة اللغة لذا فمن يروم التوهج الشعري عليه أن يكسر النمطية في حرفه وأن يجنح نحو الرقي والتميّز وهكذا يكون الابداع..

** هل وصلت الى مرافىء تحقيق الاحلام والتطلعات ، وماهو مشروعك المستقبلي ، كيف تحلم به .؟ وتصبو الى تحقيقه ؟

– لم تجد شاعرا راضٍ عما وصل اليه وهذه من صفات البشر لهذا تجده دائم المثابرة والطموح لتقديم الأرقى والأحسن…ماأصبو اليه هو كتابة قصيدة ترتقي لقناعاتي ورضاي وأتمنى أن يسعفني الوقت كي أكتبها وتكتبني…

** هل اصبح بعض الشعراء يهبطون بالشعر ولغته لمداهنة واسترضاء الجمهور .؟

– وللناس فيما يعشقون مذاهبُ ولكل شاعر قناعاته والشعراء ليسوا على درجة واحدة كالعملة بعضها جيد وبعضها رديء…الشعر كائن حي يعيش ويتنفس وينمو ويموت وفق الظروف التي ترافقه فهو قد يمتاز بالنضوج الفكري وقد يكون غير ذلك…

** برأيك هل اصبح الكتاب في غرفة الانعاش في ظل تواجد الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل المتعددة .. ؟

– الكتاب لايمكن أن يضمحل دوره فهو المطلوب في كل زمان ومكان ولابد من أن يقتنيه الشاعر والباحث والأكاديمي لهذا لاخوف عليه وهذا مانشاهده من اقبال على الكتب في معارض الكتاب التي تقام في المدن العراقية والعربية والدولية..

** طقوس الكتابة تختلف من شاعر لآخر، فماهي الطقوس التي تسهم بانهمار حرفك وتجعلك تمسك القلم لتسطر خلجات الروح بالحظة الزمكانية ؟

– أنا ليس لي طقوس معينة لكتابة الشعر بل هي قدحة تقدح في حينها وتولد القصيدة , القصيدة قد تولد في حالة فرح أو حزن أو احباط أو هياج نفسي أو خيبة أو قد تكون متنفسا لحالة من الحب والانبهار ومطر العشق والجمال الكوني…

** كيف تجسد المرأة في قصائدك؟ وهل تعد مشاعر الحب تخدم التوظيف في نصوصك الشعرية ؟

– المرأة كما أشرت آنفا هي الأم والزوجة والحبيبة وهي الكائن الأجمل في هذه الحياة هل تتصوّر حياة بلا أمرأة؟ وكيف تكون؟ فالمرأة هي وسيلة الكمال الانساني وهي الشريك الآخر للرجل في التناسل وحفظ النوع الانساني وهي الملهمة لكل أفانين الابداع وبدون وجودها تكون الحياة جدبا بلقعا لانماء ولاحياة فيها..

** لو لم تكن شاعرا فماذا كنتَ تتمنى أن تكون؟

– لو لم أكن شاعرا لتمنيت أن أكون شاعرا لان الشعر هو الغذاء الروحي والتجلّي والتحليق في عوالم الزرقة والجمال وهو الشدو الدافق بالعشق والأمل والحب وهو الغناء الانساني الجميل الذي يضفي على الحياة آفاقا من البهجة والسمو والتوهج…
** حدثنا عن رحلة التزود بالمعرفة مع دواوين الشعراء والأدباء ..؟

– هي رحلة طويلة بعضها أشرت لها في سيرتي الذاتية والبعض الآخر مازالت في سفر الذاكرة قضيتها بين شعراء المعلقات مرورا بجرير والفرزدق وتعلقا بأبي تمام والبحتري والمتنبي والمعري وطربا مع أبي نؤاس ورجولة مع ابي فراس وعشقا مع ابن زيدون ثم عرجت على الجواهري والسياب والزهاوي وحافظ ابراهيم واحمد شوقي وبدوي الجبل ونازك الملائكة والشبيبي وغيرهم كثير…

** شاعرنا ؛ كيف تنظر إلى الجدل الحاصل في الوسط الإدبي حول قصيدة النثر إذ لايخفى عنك انها إصبحت جدلية دون الوصول إلى نتائج مأمولة وهي تمضي بقوة لتسيد الساحة الشعرية . ؟

– الشعر هو شعر سواء كان قصيد نثر أو عمود أو تفعيلة وقصيدة النثر هي التطور الطبيعي للشعر وتمتلك الايقاع الداخلي, فقصيدة النثر تعطيك مديات واسعة في التعبير وتطلقك من دكتاتورية التفعيلة وسلطة القافية فتتألق الفكرة وتزدهر , لكن لي رأي في بعض مايكتب من قصيدة النثر الآن فهي لاتعدو كونها خاطرة وتفتقر لمواصفات قصيدة النثر ولهذا فهي تسيء لقصيدة النثر وتكون وبالا عليها ولا يمكن أن نحسب بعض كتابها بأنهم شعراء وبرأيي المتواضع أن من يريد أن يبدع في قصيدة النثر أن يكتب بكل فنون الشعر , العمود والتفعيلة وقصيدة النثر وفي غير ذلك ليحظى بالنجاح…

** بماذا يختم الشاعر شلال عنوز حواره معنا ؟.

– سأختتم هذا الحوار بقصيدة عمود من مجموعتي الشعرية تحت الطبع (ياأيها المحتمي بالأرق) وأخرى تفعيلة من مجموعتي الشعرية (مرايا الزهور) أتمنى ان تنالا رضاكم .
مع وافر شكري وتقدير ومحبتي لكم …
هُم هكذا
كانوا يمرّون من بوّابةِ الذّنبِ
ويُطلقون عَويلَ القلبِ للقلبِ
تَرنو على شفةِ التوديع آهتُهُمْ
مُحتارةً بينَ نارِ البُعدِ والقُربِ
كانوا عُراةً سَفينُ الصّبرِ يَجمَعُهُمْ
آباؤهُمْ غَرقوا في مَوجةِ الغَربِ
هُم هكذا أرّقَ الإعياءُ جفنَهُمُ
متى ينامون صاحَ الدّربُ بالدَّربِ ؟
هم يحملون هُموماً قطُّ ماهَدَأت
ولا إستفاقَت على الإمضاءِ بالنَّضْبِ
كانوا يَعدّونَ خَطوَ القَهرِفي فَزَعٍ
ويُرهِقونَ نَديمَ النَّدْبِ بالنَّدْبِ
مُذ طوّحت بضَجيجِ الليلِ شَهقَتَهم
كانوا يَتيهونَ في أوجٍ مِنَ الكَرْبِ
هُم هكذا كانت الأحزانُ ترصُدُهُمْ
كانوا يسيرونَ من حَربٍ الى حَرْبِ
يسّاقطون وذي الأرزاءُ تَكتُبُهُمْ
متى يكونون في حِلٍّ من الكَتْبِ ؟
مُدَجَّجونَ بهَولِ الفَقدِ تَطحَنُهُمْ
رَحى الزمانِ فيَصطافونَ في الجُبِّ
كانوا يئنّون حيثُ الوجدُ يشربُهُمْ
وينثرون الأسى في باحةِ الربِّ
ظَلّوا أسارى نَفيرُ الشّوقِ يأخُذُهُمْ
يستبدلونَ شَظايا الدّمعِ بالحُبِّ
لم يسرُقوا وطناً بل كان يسرقُهُمْ
دوماً يبيعُهُمُ في ساحةِ النَّصبِ
هُم هكذا يعلِكونَ الجّوعَ مافَتئوا
يُسافِرونَ على أُحبولةِ الكذبِ

” زرقاء اليمامة ”

خذ وجعي
دعني اتوارى
خلف اقبيةٍ
طرقاتٍ
وحوار بنيوي
ومآذن
لا تخف موتي
فللآهات موقد
لم يزل يرسلُ جمرا
حريقاً
وخرابا
وعلى فوهة بركان جنائز
كان ينتظر القيامة
هاتِ زرقاء اليمامة…
ابحري, وافتحي عينيك
للآتين
أفصحي…
ثرثري…
ماذا ترين…
القادمُ الليليُّ
غبشٌ تسربلَ بالضجيج
ماذا أرى؟
أأشجار تسيرُ الى الحتوفِ
ام الضحايا
ماذا أرى؟
واحانكم زحفت اليكم
يابني أمي
وها قد حان موعدنا
صحرائكم مدد عليكم
لا إليكم
فلتفق الآن اجراس المآذن
ولتمد الارض
تستجدي هوى الاجداد…
موتانا
مدد عليكم يابني أمّي
فخلوا النوم للحالم
دعو الغثيان واستبقوا…
أعاصير جنون النوم
والغفلة
صحرائكم زحفت اليكم
يابني أمّي
نمورا
ثعابين
منايا
صدقوني انه الخبرُاليقين
لا تهزؤا..!!
فالهازئون الخاسرون
جيوش الليلِ تزحفُ
وهي في مرمى بصر

أسرجوا كلُّ الخيول
تمنطقوا
ودعوا الهراء
هاتِ زرقاء اليمامة
نحن أميون عميٌ
لانرى الا وجوه الفاتنات
…موائد السُمّار
فاتورة الملهى…
نقيق الادميّين
سُكارى
وصراخ السوق
والدولار
والحُمّى
عُميٌ نحن يازرقاء
قد مُسخت رؤانا
واستبدّت في دمانا
سرطانات البضائع

أرَضات نحن يازرقاء
نعتاشُ على بعض دمانا
صُمَّتْ مسامعنا
فلا صوت سوى الحوذيِّ
يرعدُ في دروب الليل
ترقصنا اغانيه البليدةِ
كالعواءِ
ونعانق الاشباح في كبدِ
النهار
نيام نحنُ يازرقاء
ما برِحت وسائدنا تنوءُ وتستجير
يالهول الامس
في أسمالِ من مرّوا
من أفاقَ ومن يفيق
أزفت الآزفة
وانشقَّ القمر
أمحاصر هذا الزمان
فلا غرابة…..

هاتِ زرقاء اليمامة
هل ترينَ اليوم (بيجماليون)
يعدو في أزقتنا
وينحت وجه إمرأةٍ
بتول
لم تلدها الأمهات
هل ترين الآن ابخرةً
شموعاً
وذراعاً ممسكاً وجه الحبيبة
وإحتراقاتِ قصيدة
هل ترين ؟
إنها من قبلةِ الشمس
ومن طفحِ الفرات

عن نوار الشاطر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!