أدبيات الملتقى الأول للقصة القصيرة في رحاب المنتدى العربي الأوروبي للسينما والمسرح

آفاق حرة 

إعداد وعرض حميد عقبي

الحلقة الثالثة القاصة ـ والروائية السعودية #مريم_الحسن، شاركت بالورشة الثالثة

عاليات وورش الملتقى الأول للقصة القصيرة في رحاب المنتدى العربي الأوروبي للسينما والمسرح والتي استمرت لمدة ستة أيام من من 6 إلى 11أبريل الماضي والذي نظمه  المنتدى العربي الأوروبي للسينما والمسرح، كان مهرجانا ومختبرا مهما بمشاركة مبدعات أيضا في مجال كتابة القصة والقصيرة ،القاصة والروائية السعودية مريم الحسن، أحدى المشاركات بالورشة الثالثة حيث قدم الأستاذ الشاعر والأديب السوري صبري يوسف مداخلة مهمة عن قصتها،

خديج: قصة قصيرة

لـ «مريم الحسن» السعوية / المنطقة الشرقية

تبرق السَّماء، وقد ارتفعت هجمات رعدية مروّعة، يضيء البرق المكان فيسفر عن صورة  ظل لرجل يحمل امرأة تحمل جنيناً في بطنها، يتسلّل أنينها مع زخّات المطر التي تهطل في تلك الساعة المتأخرة من الليل، يحملها إلى قسم الطوارئ، فينزل الآخرون بقربها، ثم  يتركوهما، لتجهيز غرفة عمليات مستعجلة، كان باستطاعة الطبيب أن يشخص الحالة التي أمامه وهو يسمع أصوات الجهاز فى أذنيه.

“تحركن بسرعة؛ ولادة مبكرة ” قال ذلك وهو يتحرك مستعجلًا إياهن.

رددت الممرضات “طفل خديج!”

سقط الطفل بين أيديهن، أسعفوه سريعاً ونقلوه إلى الحضانة في العناية المركزة.

قال الدكتور: “الأسبوع الثالث والعشرين من الحمل، ستة أشهر؛ قد يعيش هذا الطفل بمعجزة أو بعناية فائقة”. سجل الرجل معلوماته ومعلومات الأم في الاستعلامات على عجل، ورحل على وعد أن يعود غدا ليطمئن على المولود ووالدته، لكنّه لم لم يأتِ ولا زيارة.

رقدت الأم في غرفة خاصّة تحت العناية، قضت ثلاثة أيام في صمت وهدوء، إلى أن غادرت المكان على نيّة العودة لزيارة طفلها، لكنها أيضا غابت، ولم تظهر من جديد.

بقي الطفل لنحو ثلاثة أشهر بين أيدي الممرضات والأطباء يعتنون به، ويسعدهم تحسن حالته ونموه بشكل سليم، عندما أجروا له العمليات كانوا بحاجة الى تخويل من ولي الأمر، ذلك الرجل لم يأتِ، لكنه وقع ورقة تركها في الاستعلامات بأنه موافق على كل ما هو في مصلحة “المولود”.

حين فقد وعيه يومًا اتصلوا به حتى يعلم ما يحدث مع هذا الطفل ويتابع حالته، لكن لا جدوى من الاتصالات، الرجل غائب ولا يعلمون ما قصته، أدهشهم كيف لأب أن لا يسرع إلى ابنه هكذا، يوجد قليل من الأطفال المرضى، وكل الأهالي يعرفون بشأن حالة أطفالهم ، إلا هذا الطفل الذي لم يعده أحد،  يأتِ لزيارته لا أب ولا أم ولم يحصلا على شهادة ميلاد أيضًا.

شعروا  كما لو أن هذا الطفل منبوذٌ، ماذا حدث لوالديه يا ترى؟!

كتبت إدارة المستشفى عدة خطابات إلى الأب.

لم يطلع عليها، أو تجاهلها، أو لم تصل إلى يده، هكذا ظنُّوا لأنَّهم لم يحصلوا منه على أي تجاوب، الكل مندهش هل تصله الرسائل أم لا..؟!

رتبتها الموظفة المسؤولة حسب التاريخ، وقرأها المدير كلها مباشرة، كانت جميعها عن المشفى وما من رد مقابل عليها، يندهش كثيراً ثم يؤجل أمر المراسلة.

بعد ثلاثة أشهر من المتابعة، صرحت لجنة العلاج أن الطفل في حالة جيدة ويجب أن يغادر المستشفى.

اتفقوا بعد انتهاء المدة على مراسلة الأب من جديد ؛ يجب عليه أن يأتي لاستلام الطفل، ولم يكن الرجل ليأتي ولا يتصل.!

من المفهوم انه لن يعود، ولن يرد طالما تأخر كل هذا الوقت، حينها اضطرت الإدارة، في محاولة أخيرة، قبل أن تقرِّر تسليم الطفل لدار أيتام، أن تتصل برقم الأم المدون عندهم من الولادات السابقة.

ردت  الزَّوجة قائلة بعد سماعهم: “لكن أنا لم أنجب أي طفل حديث حديث العهد)، ولم أزر المستشفى  بتاتًا”.

مريم الحسن

قاصة وروائية من السعودية

المداخلة النقدية للأستاذ صبري يوسف

1ـ سلّطت القاصة عبر قصّتها الضَّوء على بعض الحالات الّتي تحصل في المجتمع الشَّرقي أو السُّعودي، حيث يبدو واضحاً أن هذا الطّفل هو ولادة غير شرعيّة، ولهذا لم تعترف زوجة الرّجل الّذي عرفوا عنوانه واسمه بالتفصيل وبالتالي عرفوا اسم زوجته فاتصلوا بها وإذ بها تقول: إنني لم أولد ولادة حديثة العهد، وهذا يعني أن الزَّوجة الّتي أنجبت المولولد وهمية وغير معروفة وبالتالي الطفل مولود غير شرعي!

  1. لم يرد الزَّوج على رسائل المستشفى، واكتفت القاصة بهذا فقط، ولكن لم تُشر إلى أنّه من الممكن العثور على الزوح ومقابلته عبر الأسالب القانونيّة والشَّرعية المتاحة! وحبذا لو كانت تعالج هذه المسألة بطريقة أخرى بحيث أن لا يكون الرّجل متوارياً عن الأنظار، لا أن يتم العثور على زوجته ولا يتم العثور عليه!
  2. فكرة القصة مهمة، وهدفها مهم بالكشف عن هكذا حالات ومحاسبتهم، لكن معالجتها للقصة برأيي كان يتطلب تفاصيل وفضاءات أخرى بحيث أن تؤدّي إلى كشف الرّجل ووضعه أمام الأمر الواقع، أو على الأقل الإشارة إلى وذع هذه الحالات الفجائعيّة وهل ثمّة حل لمشكلة الأطفال الَّذين يولدون بهذه الطريقة.
  3. تقول القاصّة: “رقدت الأم في غرفة خاصّة تحت العناية، قضت ثلاثة أيام في صمت وهدوء، إلى أن غادرت المكان على نيّة العودة لزيارة طفلها، لكنها أيضا غابت، ولم تظهر من جديد.”.

والسُّؤال على أي أساس غادرت المكان ومولودها في بداية ولادته ويحتاج إلى إشراف ومتابعة منها، كيف غادرت المستشفى دون التّنسيق مع إدارة المستشفى، جاء هذا الموقف غير مقنع في سياق السرد القصصي. وبرأيي هذه الجزئيّة كانت تتحمّل الغوص في قضايا نفسية تتعلّق بموقعها كأمراة تستغني عن مولودها لأي سبب كان! فهي ضحية مرّتين، مرة لأنّه غُرّر بها ومرة اضطرّت الاستغناء عن مولودها!

  1. أسلوب القاصة سهل وبسيط ولغتها مفهومة تناسب هكذا فضاء قصصي، لكن فضاء القصة كان يتحمَّل الكثير من الترميزات والغموض والتّحرّي والكشف عن أبعاد المخالفين كالزوج والمرأة التي تركت مولودها ولا نعرف عنها شيئاً.

قصة معقولة لكنّها جاءت في سياق العرض الإنشائي، وحبذا لو استخدمت القاصة لغة رمزية وفيها شيء من الغموض والإيحاءات، بحيث أن ترك القارئ يفك مغاليق ايحاءاتها وبعض غموضها كي ترتقي برشاقة خبوط السرد

شكرا للقاصة مريم الحسن لما قدمته لنا عبر قصتها خديج.

كما تشرفنا بمشاركة د. وسام مهدي، الفنان التشكيلي مصطفى اليكو والروائي محمد فتحي المقداد

وهكذا سيكون موعدنا الملتقى الأول للإبداعات السردية في رحاب المنتدى العربي الأوروبي للسينما والمسرح من 20 إلى 31 مايو 2021 وبمشاركة ما يقرب من 150 مبدع ومبدعة ونقاد ويمكنكم متابعة صفحة  المنتدى العربي الأوروبي للسينما والمسرح لمعرفة كل نشاطاتنا.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!