لمْ أكنْ طفلاً صالحاً/ بقلم : علي ثجيل( العراق)

لمْ أكنْ طفلاً صالحاً ذاتَ يوم

بدليل أنّي كنتُ أسرقُ النجومَ البعيدة
وأصنعُ منها أوتاراً كاذبةً وأدَنْدنُ:

(ياخوخ يازردالي)

بينما لم أفكرْ بسرقةِ الهلال القريب من بيتنا
لأشتري بثمنه عوداً
أعزفُ عليه خمسةَ أوقاتٍ
تعويذةَ طالب القره غولي
لطردِ الأرواحِ الشّريرة:

(لِمْ هِدْمَكْ وْغاد اشْتمرْ)

على الأقل تُخْفي عني صوتَ المؤذن
الذي كانَ يغمزُ لجارتنا المتزوجة
كلّما تيقنَ مِن دخولِ زوجها للجامع.

نعمْ أعترف

لمْ أكنْ طفلاً صالحاً ذاتَ يوم

بدليل كانَ الحصى يملأ المكانَ
ولَمْ أفكر بكسرِ زجاج النوافذ
التي كانتْ تقتنصُ النساء
مِنْ على شرفاتِ المنازل

كنتُ فقط أدنْدنُ خارجَ قاعة المسرح
كأيّ طفلٍ طارئ على المكان:

(إحْنا طَرّزْنا السّتايِرْ للشبابيچ الْعبرْ مِنْها الضّوه)

لمْ يصدقوا لحظتها أنّ ثمة طفلٍ
ينسجُ في خياله ستائراً
وهو حافي القدمين

كانَ المؤذن يسخرُ مني
ويضحكُ كالأبْله
كلّما سَمعَ كلمةَ السّتائر

كنتُ أردّدها بصوتٍ عالي
والنوافذُ تتسعُ صوبَ الشّرفات

وستائرُ أغنيتي تحترق

حتّى اختفى صوتي
وأصبحتْ عيونهم مستلقيةً
في غرفِ النّومِ
خمسةَ مراتٍ في اليوم.

ها أنا كبرتُ
ومازالتْ الشبابيكُ مشرعةً
على شرفاتِ المنازلِ
والعيونُ تغمزُ بانتظام

والنساءُ طوابير حولَ دكاكين بيع الدروع
فما عادتْ الستائرُ تقي وصولَ حيامنِ المؤمنين

كَبرتُ جداً
وصوتي تحشرجَ
مِنْ كثرة الغناءِ
والدخان

وتغيرتْ نغمتي بعد هذا اليأس
لأغنية لجوج
وكأنها آيةٌ لخاتمة الحياة:

(الْماي التّبَدّه مايِرِدّه اللوم).

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!